الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانكماش الاقتصادي يرجئ رفع سعر الفائدة

فهمي الكتوت

2015 / 5 / 31
الادارة و الاقتصاد


جاء اجتماع وزراء مالية مجموعة الدول السبع الكبرى ومحافظو بنوكها، بعد صدور مؤشرات جديدة تفيد بانكماش الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الأول من العام الحالي، وبعد تحذيرات نائب رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)، ستانلي فيشر، من أثر رفع سعر الفائدة الأمريكية على اقتصاديات العالم، متوقعا حدوث بعض الاضطرابات في الأسواق المالية. في حين اكدت جانيت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي الأسبوع الماضي أنّ البنك المركزي في طريقه نحو رفع أسعار الفائدة هذا العام على الرغم من نتائج الربع الأول للعام الحالي، ومن المرجح ألا يقدم البنك المركزي على البدء في رفع أسعار الفائدة وتضييق فرص الائتمان قريبا.
وفي الوقت ذاته ما زال الاقتصاد الأوروبي يعاني من انخفاض في معدلات نموه، وارتفاع معدلات البطالة في منطقة اليورو، وأن إجراءات التيسير الكمي لم تفضِ إلى تحسن ملموس في اقتصادات الدول الأوروبية، مما حدا بالبنك المركزي الاوروبي لضخ مزيد من السيولة، من خلال شراء الأصول المالية وتحفيز الاقتصاد. أمّا الاقتصاد الياباني ليس أفضل حالا.
لم يكن منتظرا من اجتماع الدول السبع الوصول الى حلول سحرية لاقتصادات الدول المتقدمة، والسبب في ذلك؛ عدم وجود سياسات اقتصادية جديدة تنقذ الاقتصاد العالمي من أزمته، والتي أخذت بعدًا جديدًا بعد أن فقدت المراكز الرأسمالية الكثير من عناصر قوتها، فلم تعد مجموعة الدول السبع صاحبة القرار الأول والأخير في الاقتصاد العالمي، ولم يعد الاقتصاد الأمريكي والأوروبي المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي، بعد احتلال مجموعة بركس وخاصة الصين والهند والبرازيل موقعا متقدما في الاقتصاد العالمي، وبعد أن أصبحت المجموعة الجديدة قاطرة النمو الاقتصادي، هذا لا يعني أن أمريكا فقدت دورها، على الرغم من تراجعها الملموس، ما زال في جعبتها ما تستخدمه لإدارة الصراع ومحاولة استيعاب ما يجري على الأرض، لكنها لا تمسك بكل الخيوط، ولن يعود الاقتصاد العالمي إلى ما كان عليه قبل عام 2008، "فالمياه لا تمر من النهر مرتين".
إنّ سياسة اقتصادية تهيئ المناخ لتوسيع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وتعرقل مكافحة الفقر في العالم، وتحجز نصف الثروة بأيدي حفنة من الأثرياء، التي لا تزيد نسبتهم عن 1% من السكان. في حين أكثر من مليار شخص يعيشون على أقل من 1.25 دولار في اليوم. سياسة كهذه تضعف القدرة الشرائية، والطلب الكلي على السلع والمواد الأساسية، مما يعيق نمو الاقتصاد العالمي ويعرقل خروجه من أزماته، خاصة في ظل تراجع القدرة التنافسية لاقتصادات الدول المتقدمة -أمريكا، كندا، واليابان، والدول الأوروبية -أمام مجموعة بركس في السوق العالمي.
ومن تداعيات فجوة توزيع الثروة الاقتصادية، حرمان غالبية السكان من الحماية الاجتماعية، على الرغم أن المجتمع الدولي أقر منذ سبعة وستين عاما " توفير الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية للأطفال وكبار السن والعاطلين عن العمل واعتبره حقًا من حقوق الإنسان العالمية" ولغاية اليوم لم تتوفر الحماية الاجتماعية، حيث تشير تقارير منظمة العمل الدولية أنّ أكثر من 73% من سكان العالم يفتقرون إلى الحماية الاجتماعية، وأنّ 27% فقط من سكان العالم يحصلون على ضمان اجتماعي شامل. كما تراجعت الخدمات بسبب تقليص الحكومات نفقات الخدمات الاجتماعية متأثرة بالأزمة المالية والاقتصادية.
إنّ نظامًا اقتصاديًا لا يراعي توزيع الدخل بشكل عادل لن يخرج من أزماته الاقتصادية المتفاقمة، فالعلاقة جدلية بين النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجيّة من جهة وبين قدرة السكان على استهلاك الخيرات المادية والاستفادة من الخدمات العامة، صحيح أنّ القيمة المضافة تتولد من العملية الإنتاجية للسلع والخدمات، لكن فيض الإنتاج يتشكل عند تراجع القدرة الشرائية، وهي قوانين اقتصادية غير قابلة للتطويع لصالح الاحتكارات الرأسماليّة، وهي تعبر عن أسلوب الإنتاج الرأسمالي، وأحد أهم الأزمات الملازمة للاقتصاد الرأسمالي. ومن المتوقع أن تتفاقم هذه المشكلة خلال المرحلة القادمة، مرحلة ما يعرف بالثورة الصناعية الثالثة، والمرتبطة بتطوير التكنولوجيا في مجال الروبوتات والتشغيل الآلي على زيادة الإنتاجية والكفاءة، بشكل يفوق التصورات، وتتيح هذه المرحلة الفرصة أمام الشركات الكبرى في استثمار هذه التكنولوجيا التي توفر أرباحًا خيالية، وتستغني عن قطاع كبير من العمال.
وتنطوي هذه التطورات التكنولوجية الحديثة على ثلاثة مظاهر، الاستخدام الكثيف لرأس المال؛ والاعتماد الواسع على المهارة؛ وتوفير العمالة. وهنا مكمن الخطر؛ فإنّ الاعتماد على الروبوتات والتشغيل الآلي سوف يؤدي إلى إخراج العاملين في وظائف التصنيع المتوسطة والدنيا من سوق العمل. وعلى سبيل المثال تخطط شركة فوكسكوم، التي تنتج أجهزة الآي فون وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكيّة، لإحلال روبوتات في العقد المقبل بدل قسم كبير من العمال الصينيين الذين يتجاوز عددهم 1.2 مليون عامل وفقا لما أورده الخبير الاقتصادي نورييل روبيني. مما يضع العالم أمام خيارين؛ أمّا العدالة الاجتماعية وأمّا الثورات الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024


.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن




.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع