الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة التغييب

حيدر علي

2003 / 1 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



                                                                                         
                                                            

ليس من المستغرب أن تسود الضحالة على  الخطاب السياسي في هذه الظروف ، أو أن يسود نمط معين من الخطاب لا يعبر إلا عن ضحالة الفكر الذي أنتجه ، وهذه ناتجة في النهاية عن التخبط والعشوائية التي تسود الساحة السياسية وهي بدورها تأتي من المراهنة العمياء على الدور الأمريكي في التغيير القادم وما يستتبعه  هذا التغيير من ظروف تبيح إلى هذه القوة  أو تلك الانطلاق أو السيادة مما لم تحلم به سابقا ,فالغزو الأمريكي القادم لابد له في النهاية من إيجاد قوة تحكم العراق وفق سياسة معينة ترسمها أمريكا ووفق مصالحها الذاتية ،،، إن التذبذب الأمريكي بين ترشيح هذه القوة أو تلك  للحكم المستقبلي ينتج بدوره تذبذب من الأطراف المعنية لإرضاء أمريكا وكسب ودها، وبالتالي  يستتبع بلبلة، وتخبط  فكري وقعت فيه كل الأطراف المعنية، وأضحى  من المقبول جدا وجود شخصيات معروفة بتاريخها القبيح ودمويتها داخل أروقة المعارضة بل ومرشحة أكثر من غيرها إلى الحكم ،، وتجد من يطبل لها ويصفق ,  إن الطابع البرجوازي الرث الذي ينتظم فرق المعارضة يظهر اشد الوضوح في سلوكياتها أولا فهي تستسيغ قتل مئات آلاف العراقيين من اجل مصالحها وكذلك تستبيح كل النتائج المدمرة التي ستنشأ عن الحرب ، من تدمير للبنية التحتية ، وانتشار الإشعاعات ، والخراب الاقتصادي ، وتتجاهل بالكامل الموقف الآخر القائل بحتمية التغيير والثورة ، وان صح  القول دور القوى الحقيقة داخل العراق في التغيير أو دور الشعب ، فالشعب العراقي الحاضر بالاسم والغائب بالفعل عن مجمل العملية ،، أو إن صح القول هو الغائب الأكبر  عن الطبخة وهي تجري باسمه ،  فهنا يبرز السؤال الأهم   والأكبر  لم هذا التغييب ؟؟؟    ولم تستوي من تدعي نفسها بالمعارضة مع الطاغية في السلوك !!!؟؟؟؟ وكيف حدث إن التقى من يدعي بكونه ضحية مع الجلاد!!!!؟؟؟؟                           
إن الإجابة عن هذه الأسئلة ليس من السهولة بمكان دون أن تمس  الواقع وجذوره التاريخية من جهة ودون المساس بما اصطلح على تسميته بالمقدسات أو المساس بكل التوابو والطواطم التي احتواها تاريخ  المنطقة عامة والعراق خاصة  فقدسية  الحكام والنظم القبلية والعشائرية هي سمات تطفو على سطح الواقع وتكاد تشد  بخناقه  بل تهوي به دون رحمة إلى الحضيض ،،،إن  نمط الطاغية العادل أو المستبد الرحيم  وكذلك المستبد الفاجر، أو الفاسق، أو الظالم كلها تسميات لشيء واحد  الجوهر ألا وهو الاستبداد فالحكم في رأي ابن خلدون لا يستقيم دون العصبية  فهي تدعم الحكم وتسنده وترسخه     [ ولما كانت الرئاسة أنما تكون بالغلب  وجب أن تكون عصبية ذلك النصاب أقوى من سائر العصائب ليقع الغلب بها وتتم الرئاسة  لأهلها] ص103، فهذا القول لابن خلدون يبين بوضوح  حركة الحكم والآلية التي يتم من خلالها الحكم ,فالعصبية هي سمة استفاد منها الحكم الحالي في العراق ، وهي تستوجب بدورها تغييب كل الأطراف الأخرى < دلالة ديمقراطية > وذلك عن طريق تغييبها أو تمييعها وسط العصبية السائدة ، وهو شيء قد  حدث إذ بان خلافة عمر بن الخطاب فنفس بن خلدون يشير إلى ذلك  , فتراه يقول [ أين علوم الفرس التي امربمحوها عمر عند الفتح ] ص36  ولا يخفى إن عمر بن الخطاب  كان طاغية عادل وفق نفس الوصف للطاغية العادل والظالم ,, ،فالتغييب هو السائد  كقانون عام لجميع النظم  التي ظهرت على الساحة  وقد استخدمته جميع النظم من ملكية إلى جمهورية , وبالأبعد الخلافة السلامية بجميع  عصورها وأشكالها فكيف نفسر إن تاريخ حركة كالقرامطة لم يصل إلا بشكل مشوه ,  وتغييب  شخصيات كالحلاج ,وبن الري وندي واعمالهما، أن لم يتم استخدام هذا القانون فحتى أعمال هؤلاء حرقت وأجداثهم نثرت في دجلة ،، إن  الأسس التاريخية لثقافة التغييب موجودة عبر امتداد زمني طويل ويطول ما دام هناك من لازال يمارس دور أجهزة الأمن والقمع الفكري  بل والمتحدث الرسمي باسم جميع العراقيين ويطالب بمازوخية صارخة بجلد أبناء جلدته لا لسبب سوى لأنه خارج العراق ولمصالحه الشخصية ،، أن اغلب المدافعين عن مؤتمر المعارضة الأخير إما أن كانوا في يوم من إتباع الجلاد الدموي القابع في بغداد , أو إنهم يتمنوا إن ينالهم من نفاية الوليمة شيئا يلحسوه ،وفي أحسن الأحوال من القوى التي صادرت نضال الشعب العراقي لتأتي في الأخر وتفرض نفسها وصية عليه ، ففي الوقت الذي تترى فيه التقارير الأمريكية عن احتلال العراق ، والخسائر المحتملة لمعركة بغداد , واستعدادات الأمم المتحدة وجهودها لإغاثة ملايين المشردين  ، نراهم يطبلون ويزمرون للحرب على اعتبارها نزهة أمريكية ، !!!!!!  إن النظام في بغداد ساقط لا محالة وأمريكا خير العارفين بهذا الأمر لذلك تركض مسرعة لإيجاد بديل عنه يروقها وما أدامت الحصار إلا إدامة للنظام نفسه وأمريكا تعرف ذلك أيضا  ،، فالركض الأمريكي للحرب لا يبرر إلا بذلك  وبالضرورة الاقتصادية لأمريكا بعد إحداث سبتمبر ،،،، ا،، إن ما تفعله الفرق التي تدعي إنها معارضة هو الوجه الآخر لسياسة القهر والتغييب التي مارسها جلاد بغداد ولا يزال يمارسها وسيمارسها البديل الأمريكي القادم إلى بغداد على صهوة دبابة أمريكية ،،أما الذي يقول منهم انه سيمنع الديكتاتورية من الظهور مرة أخرى ففي رأي انه أما أن لا يرى الشمس في النهار أو انه نائم في العسل فديكتاتورية صدام لم تمنع في حينها من البروز في وقت كانت هناك جبهة وطنية وأحزاب تعمل في الساحة فكيف إذا سيطرة الدبابة الأمريكية! ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 

     المصدر : مقدمة ابن خلدون                                                               








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضفة الغربية: مقتل 7 فلسطينيين بنيران القوات الإسرائيلية في


.. زيلينسكي يطمئن الأوكرانيين ويعيد التأكيد على الحاجة الماسة ل




.. الأطفال في لبنان يدفعون غاليا ثمن التصعيد في الجنوب بين -حزب


.. ردود فعل غاضبة في إسرائيل على طلب إصدار مذكرات توقيف بحق نتن




.. جيل شباب أكثر تشدداً قد يكون لهم دور في المرحلة المقبلة في إ