الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في وداع عبد الرحمن الأبنودي

أسرار الجراح

2015 / 5 / 31
الادب والفن


في وداع عبد الرحمن الأبنودي
أسرار الجراح
[email protected]
=======================

( خرج الشتا وهلِّت روايح الصيف
والسجن دلوقتى يرد الكيف
مانتيش غريبة يا بلدي ومانيش ضيف )

ثلاثة حملهم قطار الإبداع من أقصى الصعيد إلى القاهرة : أمل دنقل ويحيى الطاهر عبد الله وعبد الرحمن الأبنودي.
كل منهم أصبح صاحب أسلوب متميز في مجاله، أمل دنقل صاحب المدرسة الدنقلية في شعر الفصحى، ويحيى الطاهر عبد الله شاعر القصة القصيرة، وعبد الرحمن الأبنودي عميد شعراء العامية المصرية.
الأولان اختطفهما الموت في الأربعينات من عمرهما، والعميد امتد به العمر ليؤرخ لثورتي الشعب المصري في يناير 2011 و30 يونيو 2013، كما أرخ لثورة 23 يوليو عام 1952.
ولد عبد الرحمن الأبنودي في الحادي عشر من أبريل عام 1938، في قرية أبنود بمحافظة قنا بصعيد مصر، نزح إلى القاهرة أوائل الستينات وسرعان ما انخرط في عالم الإبداع حتى ذاع صيته بعد لقائه بالفنان محمد رشدي مما جعل الغيرة تنبت في قلب عبد الحليم حافظ فدبر مؤامرة لاختطاف الشاعر الصعيدي الذي ظن أنه مقبوض عليه ولما وجد نفسه في بيت العندليب أخذه بالأحضان ولم يترك عبد الحليم إلا بعد أن كتب له أغنيته "أنا كل مااقول التوبة يا بوي"، وهكذا توالى الانتاج المشترك بينهما وجاءت أغانى "عدى النهار" و "المسيح" و "ابنك يقولك يا بطل" و "احضان الحبايب" و "اضراب" و "راية العرب" و "صباح الخير يا سينا" بالإضافة إلى أغنيته القصيرة التي كان عبد الحليم يصر أن يبدأ بها كل حفلاته "أحلف بسماها وبترابها"
أحلف بسماها وبترابها
أحلف بدروبها وأبوابها
أحلف بالقمح وبالمصنع
أحلف بالمدنة وبالمدفع
باولادى بأيامى الجاية
ما تغيب الشمس العربية
طول ما أنا عايش فوق الدنيا
وتوالت أغانيه لكبار مطربي ومطربات الزمن الجميل شادية ونجاة وفايزة أحمد وصباح وصولا إلى محمد منير وعلي الحجار .
أما السينما فقد كان له فيها أكثر من مساهمة من أبرزها سيناريو وحوار "شيء من الخوف" لثروت أباظة و "الطوق والأسورة" لرفيقه يحيى الطاهر عبد الله، و"أغنية الموت" لتوفيق الحكيم، هذا غير مسلسل "وادي الملوك" لمحمد المنسي قنديل. ويتضح من هذه الأعمال أنه لم يكتب إلا للأعمال المأخوذة عن روايات شهيرة لأدباء كبار.
أما مرحلة السيرة الهلالية فهي المحطة المهمة في تاريخه كله، فقد قام على مدى أكثر من ربع قرن بجمع وتدوين السيرة الهلالية من رواتها وشعرائها ومنشديها في صعيد مصر وريفها، بل سافر إلى تونس والسودان ونيجيريا ليكمل جمعها هناك وقام بإصدارها في أربعة مجلدات خاصة للحفاظ عليها من الاندثار والضياع.
المرأة في حياة الأبنودي حكاية تروى، أولى النساء في حياته كانت أمه فاطمة قنديل التي تركت أثرا كبيرا عليه وعلى شعره وحياته، وقام هو بتخليدها في أكثر من عمل فني حتى أصبحت شخصية شهيرة مثله، ثم عمته يامنة التي كتب عنها واحدة من أجمل قصائده الخالدة
تزوج الأبنودي ثلاث زيجات، الأولى كانت سيدة تدعى "نعيمة" وانفصلا سريعا، والثانية كانت من "عطيات الأبنودي" ودام زواجهما لمدة اثنتي عشرة سنة، وأخيرا تزوج من الإعلامية نهال كمال، وكانت حياتهما نموذجية وظلت معه حتى لحظاته الأخيرة وأنجب منها ابنتيه "آية ونور"، وظل الأبنودي طوال رحلته يتغنى للمرأة بأحلى الكلمات:
عيون القلب سهرانة مابتنمشى
لنا صاحية ولا نايمة مبقدرشى
يبات الليل يبات سهران على رمشى
وانا رمشى ما داق النوم وهو عيونه تشبع نوم
روح يا نوم من عين حبيبى روح يا نوم
حبيبى اه من حبيبى عليه احلى ابتسامه
لما بتضحك عيونه بقول يالله السلامة
لما يسلم عليا واللا يقولى كلام
عايزة ورا كل كلمة اقوله يا سلام
ده قالى فى يوم يا حبيبتى خدى القمر
وروحت معاه وما ادانى الا السهر
وانا رمشى ما داق النوم
أما الحس العروبي لديه فهو من أبرز خصائصه، فلا أعتقد أن دولة عربية لم يكتب عنها قصيدة، فمن فلسطين إلى بغداد إلى سوريا إلى الكويت إلى تونس وغيرها، وقد استطاع بلهجته الصعيدية المتميزة أن يصل إلى قلوب ووجدان كل القراء العرب من المحيط إلى الخليج، وكانت أمسياته الشعرية في البلدان العربية المختلفة ربما أكثر ازدحاما من أمسياته في القاهرة.
رحم الله الأبنودي الذي رحل وترك لنا إبداعا يستعصي على الموت.

أسرار الجراح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا