الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية و الديمقراطية و صناديق الاقتراع

محيي الدين محروس

2015 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


بدايةَ، لا بد لي من الإشارة إلى أن موضوع عنوان المقالة، من الصعب استيعابه من خلال مقالة واحدة، بل يحتاج إلى بحث علمي مطول.
هنا، أرغب فقط إلى الإشارة إلى أهمية هذا الموضوع، و أهمية العلاقة الجدلية بينهم، حيث وجدت من خلال قرائتي، للعديد من المحللين السياسيين بانهم يخلطون بين هذه المفاهيم ، و خاصةَ بين الديمقراطية و صناديق الاقتراع، عندما يضعون إشارة مساواة بينهما.
الحرية هي نقطة البداية، حيث لا يمكن لمجتمع غير حر، أن يقيم نظاماً ديمقراطياً. و المقصود هنا، ليس فقط الحرية بمعنى استقلال الدولة، و عدم تبعيتها لدولةٍ ما، و إنما أيضاً تحررها، بمعنى أن المجتمع توصل إلى درجةٍ من الوعي الاجتماعي لفهم معنى الحرية، من خلال المبادئ العامة لحقوق الإنسان، و هو ما يُسمى بالمبادئ ما فوق الدستورية.
فإن استطاع المجتمع، أن يتوصل إلى عقد اجتماعي يحفظ فيه حقوق كل أفراد و مكونات المجتمع، و ذلك من خلال توافق النخب للقوى الاجتماعية على هذا العقد، أو هذه المبادئ ما فوق الدستورية، التي عادةً تكون في بداية الدستور الدائم للدولة، عندها يمكن الانتقال إلى النقطة الثانية و هي الديمقراطية.
الديمقراطية التي يتم تعريفها بشكلٍ مُختصر: "حكم الشعب، نفسه بنفسه، و لنفسه". من خلال هذا التعريف، و غيرها من التعريفات، نستطيع الحكم: بأن المساهمة في الحكم لا تكون للأكثرية العددية، و ليس هم حكم الأكثرية، بل حكم كل الشعب ( كل مكونات المجتمع)، و لصالح كل مكوناته! و هنا بيت القصيد، في الخطأ المقصود أو غير المقصود، عندما يتم وضع إشارة المساواة بين الديمقراطية و صناديق الاقتراع!
صناديق الاقتراع، هي إحدى آليات الديمقراطية، تسبقها كما ذكرت شروط: الوعي الاجتماعي للحرية، و الوعي الاجتماعي للديمقراطية الليبرالية، و التي تتمثل في المبادئ ما فوق الدستورية.
و للتوضيح، أقدم بعض الأمثلة:
- في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، صوتَ معظم الناخبين على استمرار نظام العبودية، فاضطرت قوات الشمال للتدخل عسكرياً، و كانت الحرب الأهلية الأمريكية، و سحق قوات الجنوب، و تم فرض الديمقراطية الليبرالية. و لاحقا، حصل التقدم -الذي سبق قانون الحقوق المدنية عام 1964 ، و التي أنهت نظام التمييز العنصري .
- كلنا يعرف الجرائم الجماعية التي حصلت في البوسنة، على الرغم من ديمقراطية الانتخابات في صربيا و كرواتيا!
- تصويت الأكثرية البرلمانية في الكويت، على منع المرأة من حقها في التصويت! رغم أن أمير الكويت ( غير المنتخب) كان ضد ذلك!

- كما أن في العديد من الدول العربية، يتم الانتخابات لرئيس الجمهورية و للبرلمان، و يتم التصويت على الحكومة، التي سرعان ما تتعدى على السلطتين التشريعية و القضائية، و تفرض سيطرتها على الأحزاب و منظمات المجتمع المدني و الإعلام المقروء و المسموع و المرئي! و تتحول الأكثرية المؤيدة للسلطة، إلى أكثرية مؤيدة للقائد الخالد!و بذلك تكون أية معارضة وطنية، هي معارضة خائنة!

كل هذا لا يعني، عدم الاعتراف بأهمية التصويت المباشر في المسيرة الديمقراطية ، بل له أهميته الكبيرة، في حال تحققت الحرية للفرد و لمكونات المجتمع، و في حال تحققت شروط الديمقراطية الليبرالية، و على رأسها: المبادئ ما فوق الدستورية ، التي تتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. و منها: حرية الفرد و حرية التعبير، و حرية الأحزاب السياسية ( التعددية السياسية) و المنظمات المدنية،و فصل السلطات الثلاث ( التشريعية و التنفيذية و القضائية) و حماية حقوق الأقليات القومية و الدينية، و حماية حقوق المرأة و الطفل. عندما يتم وضع هذه الضوابط الأساسية، و خاصةً احترام بعضنا البعض، كما نحن في تعدديتنا الدينية و القومية و السياسية و الإيديولوجية و الفكرية و الثقافية، و ضمان الحريات و الحقوق الأساسية للمواطنين، كل المواطنين بلا استثناء و لا تمييز على أساس الدين أو القومية أو الفكر أو الجنس، عندها....

نعم، عندها ، تكون صناديق الاقتراع، تتويجاً للعملية الديمقراطية ،و تعبيراً عن حرية الفرد و المجتمع. عندها يكون التصويت، للتصديق على الحقوق الإنسانية و المنجزات الحضارية للبشرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : ما جدوى الهدنة في جنوب القطاع؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حتى يتخلص من ضغط بن غفير وسموترتش.. نتنياهو يحل مجلس الحرب |




.. كابوس نتنياهو.. أعمدة البيت الإسرائيلي تتداعى! | #التاسعة


.. أم نائل الكحلوت سيدة نازحة وأم شهيد.. تعرف على قصتها




.. السياحة الإسرائيلية تزدهر في جورجيا