الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة المعتدلة والرداء الطائفي

سمير عادل

2015 / 6 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الكونترا او ثوار الكونترا وهم عصابة مسلحة انشأتها المخابرات المركزية الامريكية في نيكارغوا لاسقاط الحكومة اليسارية الموالية لاتحاد السوفيتي ابان الثمانينات. وتورط ثوار الكونترا في عشرات الجرائم ضد المدنيين والتي اختلق لها اي تلك الجرائم، مصطلحا عسكريا جديدا في قاموس الادبيات السياسية للبيت الابيض وهو ضرب (الاهداف الهشة) لتمريرها في الاعلام وسهلة التناول كي لا تخدش آذان من يسمعها. والاهداف الهشة يقصد بها المدارس والمستشفيات وغيرها من الاماكن التي لا تستطيع الرد عسكريا على عصابات الكونترا عند مهاجمتها قد تسبب خسائر في صفوف عناصرها وفي نفس الوقت كي تمارس اكثر ضغط على الحكومة لاسقاطها.
هذا السيناريو ونقصد سيناريو الكونترا اعيد العمل به في سورية منذ ان قررت الانظمة العربية بجميعا مشاربها، وبدعم الحكومات الغربية في اجهاض هبوب رياح الثورة المصرية والتونسية على البلدان التي تحكمها القوانين الاسلامية – القومية، والمعتقلات وادوات التعذيب وسيف الجوع والقهر الاجتماعي والسياسي والعوز الاقتصادي.
منحنى السخرية يصل الى اعلى مدياتها عندما يتم وصف ثوار الكونترا الجدد وهم جبهة النصرة واحرار الشام والذين يدورون في فلكهما بالمعارضة المعتدلة، مثلما كانت يتم وصف ضرب المستشفيات والمدارس والبنية التحتية الاقتصادية لنيكارغوا بالاهداف الهشة. وليس صدفة او عبثا عندما تبث قناة "الجزيرة" القطرية وهي الواجهة الاعلامية والسياسية لتجميل قباحة صورة الاسلام السياسي السني، مقابلة لابو محمد الجولاني زعيم جبهة النصرة ليعلن للتحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية بأنه لا ينوي مهاجمة الغرب مثل دولة الخلافة الاسلامية "داعش"، ولا يريد اعلان الخلافة الاسلامية وان جل عمله هو اسقاط نظام بشار الاسد. ومن هنا نفهم لماذا جبهة النصرة التي هي فرع القاعدة في سورية معارضة معتدلة. لانه ببساطة لجامها بيد قطر والسعودية وتركيا، وانها مروضة ولم تهاجم صاحبها لحد الان مثلما فعلت دولة الخلافة الاسلامية المعروفة بداعش.
ولا تكتفي بدعم العصابات المسلحة عند هذه الحدود فحسب، بل ان انتهازية الولايات المتحدة الامريكية وصلت الى حد بأنها صنفت جبهة النصرة في قائمة المنظمات الارهابية، بيد انها تسمح بتمرير الاسلحة والاموال من قبل السعودية وقطر وتقديم الدعم اللوجستي لها، من قبل القادة العسكريين والاستخبارات التركية لهذه العصابات من اجل تغيير المعادلة السياسية لصالحها وصالح حلفائها الاقليميين. وما تردده الدوائر السياسية ومراكز الدراسات الغربية وتصريحات المسؤولين الامريكيين، بأن الارهابيين يهددون امن الولايات المتحدة الامريكية، فهي ليس اكثر من ضربا كبيرا في النفاق والديماغوجية الاعلامية. فالسياسة الامريكية من الناحية العملية تقول غير ذلك. فتلك السياسة يراد من خلالها تحويل سورية الى دولة فاشلة وهم يدركون جيدا ان سورية سائرة في طريق تحويلها الى ليبيا جديدة. وما قاله قبل اشهر قادة الاتحاد الاوربي بأنه ما كان ينبغي اسقاط نظام القذافي لما الت اليها الاوضاع في ليبيا، تفضحها الاحداث الجديدة في سورية التي تكشف التقدم المفاجئ لجبهة النصرة واحرار الشام، تحت عنوان جديد وهو جيش الفتح واحتلالها لمساحات واسعة وتوجهها نحو العاصمة دمشق والمدن الساحلية. والحقيقة الباقية مهما حاول الحمقى من التعويل على السياسة الامريكية من انقاذ العراق من وحش داعش والارهاب، هو ما قاله بول بريمر الرئيس المدني لادارة الاحتلال في العراق وقبله نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني ابان حكم ادارة بوش الابن، بدل ان نقاتل الارهاببين في واشنطن ونيويورك فلنقاتلهم في العراق. ولقد اثبتت الوقائع الحالية ما خططت له الهيئة الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية، فحسب التقرير الجديد لمجلس الامن الدولي فأن 25 الف شخص تترواح اعمارهم بين 15 – 35، تدفقوا كالصراصير الى سورية والعراق كي يقاتلوا في صفوف داعش والنصرة...
ليس صحيح ابدا بأن الدوائر الرسمية وغير الرسمية الغربية تعمل من اجل عدم اسقاط الدول في المنطقة او الحيلولة في عدم اعادة رسم الخارطة الجيوسياية من جديد في المنطقة. ففي هذه المرحلة التي هي انتقالية بأمتياز ليس مهما كم هي عدد الدويلات او الكانتونات اوالدكاكين التي ستتشكل، وليس مهما ان تتشكل دولة خلافة اسلامية جديدة بقيادة جبهة النصرة تزيح دولة الخلافة الاسلامية "داعش"، لكن المهم استنزاف الجمهورية الاسلامية وتقويض النفوذ الروسي في المنطقة. ان سمة المرحلة الحالية وطابعها المميز هي مرحلة الامة الطائفية سواء سنية او شيعية التي بدأت تحل محل الامة العربية، وتغيير عنوان الارهاب الذي كما زعموا لا دين له، الى ارهاب سني او ارهاب شيعي حيث لا بد من الباسه رداء طائفي كي يتم استخدام السلاح الملائم والمضاد له. ولم يكن اطلاق تسمية "لبيك يا حسين" على العملية العسكرية التي اعلنتها حكومة عبادي التي سرعان ما تراجعت عنها تحت الضغط الدولي، الا جزء من الباس الحرب الدائرة بين داعش وبين حكومة العبادي التي يقودها التحالف الشيعي بلباس طائفي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ