الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدميرالوطن يبدأ عندما تقتل ثقافته

كاظم الحناوي

2015 / 6 / 1
الارهاب, الحرب والسلام


تدميرالوطن يبدأ عندما تقتل ثقافته
كاظم الحناوي
العراق بلد الحضارات كان وما يزال بوابة التاريخ الذي انطلقت منه الأبجدية الأولى واللحن الأول، وفيه بدأت الكتابة الصورية لتتطور الى الكتابة المسمارية وفيه افتتحت اول جامعة في العالم وبنيت أول مدينة في العالم (اوروك) عاصمة كلكامش في العراق نشأة وتطورت الحضارة الإنسانية.
نينوى حيث مئات الجوامع والكنائس الأثرية، تقف اليوم صامدةً أمام حرب وجود، تريد استهداف تاريخها وحضارتها، من خلال جموع مرتزقة همجيّة حملت الإسلام شعاراً لتدمير ما عجز اسيادهم عن تدميره من`مئات السنين بهدف السرقة والنهب والتخريب المتكأ على حجة الصنمية.
أن تدمير اثار نينوى تحوّل إلى وثيقة تاريخية تقدم إجابات حاسمة، تثبت اهداف هؤلاء ومشروعهم الهادف الى تخريب وتدمير الوطن عبر قتل وتحطيم اثاره التي هي اساس ثقافته في سياق عدوان من أجل إعادة تركيب الثقافة بما يفضي إلى استقرار مشروعهم لمحوا آثارنا وتاريخنا وهويتنا وجذورنا.
عبر الحفر والتنقيب العشوائي في المواقع الأثرية وتهريب القطع الأثرية من قبل عصابات آثار متخصصة، وإلى تحوّل بعض المواقع الأثرية إلى مقرات ومعسكرات لقوى الارهاب بشكل متعمد لتصبح بالتالي ساحة معركة...
يقول الدكتور منذر عبد الملك قسم الاثار جامعة بغداد "شيدولاماسو" أو الآلادلامو... هكذا يرد اسمه في الكتابات الآشورية، وأصل كلمة "لاماسو" التي هي من أصل آشوري "(Lamassu) وكان هذا الاسم يستعمل للمذكر أما المؤنث فهو (Lamaš-;-tu) وهو نوع من أنواع الجن وليس من الآلهة ومهمته حماية المدن والقصور ودور العبادة لأنه يوضع في مداخلها ، أما الشيطان فيعرف بالآشورية (š-;-edu) ولا تزال عبارة "شيدا" وأحيانا "شدّا" تستعمل باللغات الحديثة ومعناها أيضا "الجن" ومنها قد أشارت المعتقدات القديمة حول "الممسوسين من الجنّ" ومن هذه العبارة أتت "مجنون" بالعربية، أيضا نسبة إلى الجنّ..
أما اللاماسو فهو تمثال ضخم يبلغ طوله 4.42 م ويزن أكثر من 30 طناً. وكذلك تم العثور على الحجم الأصغر الذي يكون وزنه أقل من 20 طناً ، وهو فرداً من زوج يحرس باباً من أبواب سور مدينة (دور شروكين) التي شيدها الملك الاشوري سرجون الثاني (721- 705 ق.م) والتي هجرها سنحاريب ابن سرجون الثاني، حيث نقل العاصمة إلى مدينة نينوى. كان يرمز إلى القوة والحكمة والشجاعة والسمو، وقد اشتهرت الحضارة الآشورية بالثيران المجنحة ولاسيما مملكة آشور وقصور ملوكها في مدينة نينوى والنمرود في شمال بلاد الرافدين والذي غدا رمزاً من رموز هذه الحضارة التي كانت تعتمد القوة كمبدأ في سياستها وانتشارها.
ويقع الكثير من الناس في مغالطات عاطفية غالبا ما تكون ساذجة في ظاهرها وصادرة عن إناس بسطاء، إنما نابعة من أيديولوجيات سياسية أو دينية سابقة تهدف إلى تشويه التاريخ بالقول بأن الآشوريين القدماء قد عبدوا "الثور المجنـّح"، وأبسط ما يدحض هذه السذاجة هو المدونات الآشورية. وبحسب أستاذ علم الآثار الآشورية جون راسل، لقد ورَد ذكر هذا الجنـّي في كتابات الملك الآشوري سنحاريب كما يلي: "لقد جلبت رجالا أسرى من المدن التي غزوتها وبنوا لي قصرا يقف على بوابته إثنان من الآلادلامـّو..." وبهذه الحال إن تهمة "عبادة الثور المجنح" تبطل لأنه ليس من الممكن أن يكون الإله حارسا على بوابة قصر عبده.
اما الدكتور نبيل عبد الحسين راهي كلية الاثار جامعة الكوفة يدلي بدلوة حول الموضوع مضيفا: الكائنات الأسطورية المختلطة التكوين، هي في أكثر الأحيان ثور مجنح برأس إنسان وأقدام أسد ، أو برأس إنسان وأقدام ثور ، وقد أخذت أشكالا عدة خلال حقبات التاريخ، وحتى في آشور نفسها حيث نجده أحيانا تحول إلى أسد غير مجنـّح ولكن برأس إنسان ذي أيدي وهو مخصص للحماية أو هو نوع من أنواع الروح الشريرة ، ويسمى هذا الأسد المجنـّح بالآشورية "أورماخلولــّو" .
وإن اللاماسو هو قوة تجمع أربعة عناصر تكوّن الكمال (الأسد للشجاعة والثور للقوة والنسر للمجد والإنسان للحكمة)، وهو فكرة مستمدّة من اعتقاد البشر بالعناية الخارقة، وهذا ما اكدته المنحوتات الآشورية التي وضعت هذه التماثيل في مقدمة قصورهم على جانبي البوابات الرئيسية من أجل الهيبة والعظمة التي تضفي على جمالية القصر من جهة والخوف والرعب الذي يدخله في نفوس الأعداء أو كل من يدخل إلى هذه القصور . والدليل على كون هذه التماثيل لا تعبد هو الكتابات التي كانت تكتب على أبدان تلك الثيران المجنحة التي تعد من جانب تخرب وتشوه جسده ومن جانب آخر تذكر هذه النصوص الأعمال العمرانية للملك وتمجد الملك وأعماله وهذا ما يؤيد كونها لا تعبد .
ومن الطرائف الأخرى أن في متحف الآثار بلندن قد تم الكشف على قاعدة احدى الثيران المجنحة بعد ترميمه وتنظيفه وجدت خريطة على شكل مربعات هي اشبه بلعبة كانت سائدة وهذه الخطوط أو الخريطة قد حفرها الحراس الآشوريين أثناء حراستهم الليلية ومن أجل تسليتهم تم حفر هذه اللعبة على قاعدة التمثال اللاماسو .
مثل الثور المجنح رمز قوة للدولة الاشورية كما مثل الاسد رمز القوة للبابليين ولازال شاخصا في ارض بابل وقد وضعوه في بوابات رئيسية للمدينة والقصور لادخال الرهبة في قلوب من يزورهم من الاجانب وخصوصا من الاعداء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي