الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرات متعسر

نبال شمس

2005 / 10 / 4
حقوق الانسان


لي يدان صغيرتان وخدان ناعمان, أنا طفل في الابتدائية. عندما ولدتني أمي كنت أجمل طفل في عينيها, رغم شعري الكثيف وبشرتي السمراء. وبقيت طفلا مميزا بين جميع أخواتي.فقد أتيت عن غير موعد بعد فاصل دام عدة سنوات. لقد كنت ولي العهد المنتظر.
ومر الشهر الأول. وزاد تمييزي عندما كنت لا أنام الليل. مئات من نقع الينسون أرضعوني. ولم يبق مُبصرا معروفا إلا وكتب لي حجابا. فلم يعد يراني أحد جميلا, رغم أن شعري تغير, ولوني تغير وأصبحت طفلا أشقرا وعينيي خضراوين. قالت عني جدتي "فاجرا" ابكي من دون علة. ومرت الشهور فضاعت آمال والدي سدا, فلم اعد ولي عهد, بل أصبحت بدون ولاية. فولايتي هي سريري الذي لم يكف عن الهز.
ومرت السنوات الأولى من عمري بعد ألف نذر من أمي. وبدأت حقبة معاناة أخرى فالآن مع الجيران ومع أهل الحارة كبيرا وصغيرا. كنت أسمعهم يقولون عني: " طفلا لا يفهم". فقد كنت افهمهم لكني لا افهم نفسي. في الحارة لقبوني "عفريتا". وقالوا عن أمي بأنها أرضعتني "حليب القردة", ومع مرور الشهور أصبحت فعلا طفلا مميزا بشقاوته.
كنت لا أنام حتى ينام كل أطفال الحارة, فاسمع اللعنات تطن في أذني. وفي الصباح كنت أنسى لعنات الليل, وأعود لأصبح شيطانا مرة أخرى. فصفعات أمي أوجعتني لكنها لم تعلمني. وقضيب الرمان أخذل عظامي, لكنه كسر يدي والدي.
كنت أرى أمي تبكي مرارا ليلا لأرحم حالها وأصبح طفلا مؤدبا. وكم كنت أريد أن أكون مؤدبا لكني بقيت عفريتا كما قال الجيران عن حالي.
وبدأت حقبة أخرى من النذور. فأخيرا سوف ترتاح أمي من همي, سوف اذهب للمدرسة. فهناك سوف أجد من يعلمني.
دخلت المدرسة وانقضت الساعة الأولى. وما أطول الساعة الأولى. فرجلاي لم تكفان عن الحركة. وفكري سرح بفستان المعلمة, فالصف الجديد كان لي بمثابة سجنا مميتا.
وأصبحت مشكلتي كبيره ليس لها حلا, فقد زاد الطلاب على سيرة حياتي لقبا جديدا:" تيوس الصف", والمعلمة نعتتني بالكسلان, وقضيتي أصبحت كبيرة أمام قضاة العالم. فلم يفهمني أحدا, ولم يفهموا سبب دفاتري الفارغة, فلأحرف بالنسبة لي كانت كرسمة معقدة, فالخاء كالجيم والجيم كالدال. وجدول الضرب كان جدول الضرب الذي سلخ ردفي, فقد أصبحت عفريت المدرسة, وعفريت القرية. ولم يفهم احد أني طفلا وإنسانا, اشعر وأتألم لكن ليس بيدي أن أتعلم لان الله أهداني مرضا, اسمه العسر التعليمي والحركة الزائدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة