الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشتعلون

أيمن حلمي

2005 / 10 / 4
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


في الأيام الأولي بعد حادثة محرقة مسرح بني سويف لم نكن كذلك. كنا نتصرف ونفكر ونعمل فقط من أجل هؤلاء الذين رحلوا في المحرقة. نقاد ومسرحيين وممثلين ومثقفين وضحايا آخرين لم يقترفوا جريمة الفن أو الثقافة، مجرد متفرجين جائوا لرؤية عرض علي الهامش يقدم ضحكة أو فكرة أو حكمة، أو لرؤية أولادهم علي المسرح. لم يملك أحد الإجابة علي السؤال الصعب، ما الذي أتي بنقاد ومسرحيين في حجم حازم شحاتة وصالح سعد ومحسن مصيلحي ومدحت أبو بكر ونزار سمك ليحضروا معا عرضا في مهرجان نوادي المسرح؟ أي حدث جلل هذا الذي يجتمعون له؟ قدرهم؟
المهم أن هذا حدث. وأضائت النيران الظلام من حولنا، ليظهر ما لم يخطر لنا قط علي بال. إهمال وفساد لوزارة الثقافة والداخلية والصحة والمحافظة، وحتي بعض الناس العابرين. الجهل؟
لا يوجد إعتبار لإنسانية أي مخلوق، فهل سيكون هناك اعتبارا للمواطنة! لم نسقط رغم كل ما عايناه وعانيناه، ومن سقط نهض من جديد، لا، لن نسقط ولن ننسي ولن نطفئ النار إلا بعد أن يعودوا من جديد. تهذي؟
حسنا، حتي يعاقب من كان وراء ذلك، هل هذا ممكن؟ محاكمة وزراء؟!
ليس هذا فقط، حقوق الضحايا والمصابين وذويهم. وكذلك ألا يتكرر ذلك مرة أخري. من سيفعل ذلك؟ نحن؟
تهذي من جديد.
انقسمنا، رغم أننا لم نفعل شيئا بعد. بدأنا ننساهم، نتوقف عن البكاء كل ليلة مثلما كنا نفعل في الأيام الأولي. ننسي أنه ربما كنا نحن هناك، بأننا مسؤلون عنهم. تلك الحياة. لم نعتاد كأحياء علي العمل معا، رغم أنه حتي الموت يمكن أن يكون جماعيا.
ربما هذا أهم ما أضائته النيران المشتعلة في أجساد الراحلين، وفي المسرح الخرب المحترق: كلنا في المحرقة. نحن موتي، علي قيد الحياة.
"وعرفت أن الشمس لم تعبر بقريتنا/ولا مر القمر/ بدروبها من ألف جيل/ولا العين تبسمت يوما لمولود/ولا دمعت لإنسان يموت/فالناس من هول الحياة/موتي علي قيد الحياة."
لم نتجاوز ذواتنا المريضة أمام نكبة كهذه، ولا كنا نستحق الحياة التي حرم منها الراحلون. بعضنا لا يزل يحمل قلبه بين يديه ويقاتل لئلا يفقده وسط ما يحدث، ويراهن علي قدرته علي الاحتمال.
إذا لم ننسي مشاكلنا وذواتنا وأمراضنا، سنلحق بهم لا ريب، في ظروف تليق بنا.
ما الفرق بيننا وبينهم؟
هم اشتعلوا واحترقوا ونحن مشتعلون.
أي أن الموت احتراقا آت لا ريب. مسألة وقت.
وبعدنا لن يأتي من يطالب بحقنا، ويعلن أنه سيقاتل حتي الموت من أجلنا. لما لا نستحق؟
الراحلون أخذوا غيلة، وكانت الخيانة هي السبب. ونحن ليس لنا عذرا بعد ما أضائت لنا النيران الظلمة ورأينا أنفسنا عراة.
يا الله! لماذا لم نكن معهم؟
...............
لا نستحق الرحمة؟
حمل ثقيل، مسؤليتنا تجاههم، وعلينا سريعا أن ندرك هذا، ونقاتل، لا لكي يعودوا للحياة، بل حتي نعود نحن للحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ