الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الجزيرتين..!!؟

كريم كطافة

2005 / 10 / 4
الصحافة والاعلام


قيل والعهدة على القائل؛ أن الوسيلة الإعلامية تتبع ممولها كما يتبع الحمار صاحبه. وهذا القول فيه الكثير من المنطق وهو لا يشكل استهانة بالحمار، وإلا لماذا يحرق الممول ملايينه من الأخضر والأصفر..؟ أما ما يصرح به القائمون على هذه القناة التلفزيونية أو تلك، وما يجهدون به أنفسهم من قسم ويمين بكل مقدس معروف وغير معروف؛ على أنهم مستقلون ومحايدون ومهنيون وناس تخاف الله وعلى باب الله.. هذا كله كلام يشبه كلام (جرايد) الدول العربية، لا أحد يقرأه.. لا أحد يأبه له.. لا أحد ينتظره.. لا أحد يصدقه.
الذي يمكن تصديقه من كل هذا اللغو هو المهنية. نعم، لعل بعضهم حقاً مهنيون ومتمكنون من العمل الذي يقومون به. والمهنية هي مجموعة الوسائل والأساليب والخبرات التي بواسطتها يجبر الإعلامي المشاهد على تصديق أحجية حياديته أو خوفه من الله، ليبعده بالتالي وبالمرة عن السؤال الوحيد المفيد: لماذا تؤكد أيها السيد الإعلامي على هذه المضامين وعلى هذه الشخصيات بالذات دون غيرها من بين كل التنوع المنتشر حولك في الأرض والسماء..؟ لأن الإجابة على هذا السؤال المحجوب، هي وحدها التي ستجعل السائل يكتشف وعلى حين غرة أين مربط البعير، بعير الممول بالطبع. ومن بين القدرات المهنية الخارقة التي تجترحها وسائل الإعلام، تلك القدرات التي تجعل الإعلامي يكذب علينا كذباً صريحاً بينما نحن لا نكتفي فقط بتصديقه، بل نقبله من خشمه إذا كان رجلاً ولا نقبله بالمرة إذا كان أنثى، ثم ندعو رب العباد وللاثنين بطول الباع والرقبة وكأن لسان حالنا يتوسلهم: اكذبوا علينا طال عمركم.. اكذبوا ثم اكذبوا ثم اكذبوا لأننا بالكذب وحده سندحر كل أعداء أمتنا الظاهر منهم والمخفي. وهذه لعمري تكون أعلى درجات الحرفية والخبرة في العمل التلفزيوني.
ومن التطبيقات البارزة لهذا النجاح المهني؛ أن الفضائيات العربية وخلال فترة وجيزة جداً بعمر الزمن الفضائي، استطاعت أن تحقق إنجازين مذهلين من الناحية المهنية؛ الأول: عملت على تسويق بضائع فاسدة وخطرة بل ومميتة للمشاهد قبل غيره، ورغم ذلك هي لم تفقد أي من مشاهديها، على العكس أكثرت من عددهم ومعهم أكثرت من سيل الإعلانات التجارية. أما بضائعها التي سوقتها علينا، فلم تكن أسوأ من تقديم حثالات من المجرمين العرب المعتوهين والمعوقين عقلياً ونفسياً على أنهم قادة الأمة وشيوخ الدين يحييون ويميتون بفتاوى ولغاوي وهلوسات ولهم أتباع يحيون الندوات والمؤتمرات وتدعمهم الكثير من المؤسسات الخيرية والشرية..!! أليس هذا بالضبط ما حصل لعصابات الجهاد القاعدي وللذين يدورون في فلكهم من سماسرة الصورة والصوت، بين خبير بشؤون الجماعات الإسلامية إلى محامي الجماعات الإسلامية إلى مذيع الجماعات الإسلامية إلى فقيه الجماعات الإسلامية..!! لقد أتخموا فضاءنا الموبوء أصلاً بمتفقهين وتجار دين ومتعاطي سمسرة وعلى طول رقعة أمة الاستبداد من الماء إلى الماء..؟
أما الإنجاز الثاني فكان؛ تلك القدرات الفذة التي استطاعوا بها تجميل وترتيش وتزويق صورة مجرم قبيح شكلاً ومضموناً، بل يعتبر أخطر مجرم في تاريخنا المعاصر، ثم سوقوه كقائد عربي لا يشق له غبار ولا نثار سيحرق نصف إسرائيل ونصف أمريكا ونصف أوروبا ونصف العالم كله ليعمل من النصف الآخر جنة موعودة لجرابيع الصحارى العربية وبسعر النفط الصحراوي بعد أن يتحكم هو بأسعار البترول.. أليس هذا ما كان من أمر (صدام حسين) أيها السادة..؟ ألم ينجح السيد رئيس قناة (الجزيرة) السابق بتحقيق وعده: سأعمل على إدخالك سيدي الرئيس في كل بيت عربي..!! أليست هذه هي المهنية العالية الخبيرة بشؤون وشجون اللعب..!!؟ المهنية التي ما زلنا ندفع ثمنها نحن العراقيون دماءً يومية تسيل في شوارعنا.. ندفع ثمنها تخريباً منظماً لكل بنيتنا الخدمية من كهرباء وماء وشوارع ووسائط نقل وصناعة وتجارة وزراعة.. ندفع ثمنها احتلالاً أجنبياً جلبه لنا الذي أراد حرق نصف العالم وصدقه النصف الآخر من خرفان العرب والمسلمين.. احتلال تقاسم محنتنا مناصفة مع بلدان النصرة والجهاد.. هو بآلته العسكرية الجبارة والمدمرة وهؤلاء بالمجاهدين الذين مسخت عقولهم جمهرة شيوخ الجزيرتين العربية والقطرية.. كائنات استبدلت عقولها بأمل أو بيقين أن ثمن قتلها لأكبر عدد من العراقيين سيكون حصولها على عشاء معتبر مع الرسول في أحد مطاعم (الماكدونالد) السماوية.. زائداً مضاجعة مفتوحة وبدون بائنة أو بطيخ لكل حور الدين وغلمان الدين، زائداً قصر منيف وبستان مهيب في مكان ما من مخيلة أولئك الشيوخ الصحراويين، التي ما زالت تسبح في رمال القرن الأول الهجري.. هل ثمة مهنية أكثر امتهاناً للإنسان وكرامته من مهنية هؤلاء المنطلقين من الجزيرتين العربية والقطرية والمنفذين لجرائمهم تحت غبار الشعارات والصراخ والكذب والدجل تارة باسم مقاومة الاحتلال وكلنا نعرف أنهم محتلون قبلنا والاحتلال جاءنا من أرضهم وتارات باسم الدين واليقين والرأي والرأي الآخر والاتجاه والاتجاه الآخر، رغم علمنا أن لا شيء صادق في كل ما يهذرون به غير شيء وحيد ثابت هو السهم الأميري المنطلق بسرعة الصاروخ في البورصات العالمية..!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا