الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة -الربيع- طبقية بإمتياز ولا علاقة لها بالعدالة الاجتماعية

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2015 / 6 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


أربع سنوات مرّت ونحن في حضرة "الربيع العربي" حيث نهضت الشعوب وإنتصرت لاسقاط أنظمة ديكتاتورية ، عميلة ، وقوَّضت سُلطة دولتها الطبقيّة المُعادية للعدالة الاجتماعية ، أربع سنوات من المُؤامرات والدّسائس ، من الخطب والبرامج السياسية ، من الانتخابات وصندقة الرأي والرأي الآخر ... الخ في مسعى لاخماد صوت الجماهير الهادرة المُطالبة بالتوزيع العادل للثروة الوطنيّة ، أربعُ سنوات من تشويه المسار الثوري وجرِّه خلف شعارات استرجاع "هيبة" ، وإستقرار الدولة القديمة وسلطتها ، حتى أصبح وأمسى الجميع يهذي بها و ينتصر لعودة سطوتها حتى تمِنَّ علينا بعطايها من حُرِّيةٍ وعدل وعدالة ، وقد تناسينا أن الدولة ليست أمَّنا أو أبانا ، هذه قطعا إعلان صادقٌ ، وهي بالتالي ليست محمولة أن تمِنَّ علينا وتجزل الهبات للمحرومين والمُعطّلين والجهات المُهمَّشة قسرا بفعل خيارات تلك الدولة ، فالدولة البيروقراطيّة المركزيّة الحالية كائن غريب طُفيلي على إتّجاهات تطَوُّرِ علاقات الانتاج الاجتماعية ، تكبحُ مطالب ووعي قوى الانتاج وتسعى بالقُوّة والقهر الى جانب التسويف والمُخادعة ... القانونية والاخلاقية والفكرية ،لكبح جماح الوعي الاجتماعي وتعطيل مطالب الشعب الكادح في العدالة ، لصالح صُنّاعها بطبيعة الحال، ماسكي دواليبها من كبار رأسماليي الدّاخل والخارج .
وهي لذلك ولطبيعتها الطبقيّة تلك ، لن تَجِد حلولا تنموية عادلة للجهات الداخلية ، ولن تَتّخِذ قرارات سياديّة للتَّحَكُّمِ الوطني في الثروات الطبيعيّة ، ولن تجد حلولا وطنية شاملة لقضيّة البطالة (أو جيش إحتياط العُمّال ) ولن تبحث في مسألة العدالة الجبائية والعدالة في توزيع الثروة وإعادة توزيعها . إنّها حتى لن تُحَرِّرنا من سطوتها السياسيّة والبيروقراطيّة ، من سطوة قوانينها الجزريّة والتعسُّفيّة ، من رِجعيّة أخلاقها وإيديولوجيتها الرسميّة ، من خرافاتها ومن الارهاب الفكري بل ومن كلّ بناء ها الفوقي ، الّا بقدر حاجتها لحُرِّيتنا تلك من أجل تمتين بنائها ونشر سطوتها تلك (وهذا ما تَدُلُّ عليه تجربة الاربع سنوات الماضية على الأقل ) حتى تسترجع نفوذها وتُمَركزُ سُلطتها خدمة لسادتها . أمّا في ما يتعلَّقُ ببقيّة قضايا الشّعب المُفقّر ، فسياساتها ترتكز في النهاية على الحلول الأمنيّة (المباشرة وغير المباشرة : تدخّل بوليسي ، قضائي ، إعلامي ، مُخبرين ، بيروقراطية نقابية... الخ ) ، بدعوى حماية هيبة الدولة تارة ، والتّصدّي للارهاب طورا ، والقضاء على التخريب وحماية "النمط المُجتمعي " في أغلب الأحيان !! .
الدّولة ، أو بالأحرى دولتهم المركزيّة المُطلقة هذه ، ليست أُمّنا أو أبانا حتما ، وجب تقويضها ، وجب التّمَسُّكِ بمطلب إعادة بنائها على أسس لا مركزيّة شاملة ، جهوية وقطاعيّة ، لا مركزيّة توزّع أعباء الحُكم والتخطيط وإدارة المجتمع ، تُوَزِّعُ وتنشر بيروقراطيّة هذا الجهاز على مُختلف التنظيمات المحليّة والجهويّة ، حتَّى يستوي بُؤس وشقاء السُّلطة مع بُؤس وشقاء المنسيين والمُهمّشين والجهات المحرومة ، وحينها يُمكن لتلك الدَّولة لذاك الجهاز الغريب ،الذّي لا تَعلمُ الاغلبية شيئا عنه أكثر من سطوته وتسلّطه ، أن تكون منهم ولهم (أو جزء منها على الأقل ) .
وأمّا تجربة السنوات القليلة الماضية فقد أثبتت وجود نواتات مواطنية ووطنيّة ، محليّة وقطاعيّة ، كَفُؤة ، مسْؤولة ، تعي هموم شعبها ومطالبه وتطَلّعاته ، وقادرة على إدارة أزماته وعلاقاته على المُستويين المحلي و الوطني ، بما يضمن العدالة في توزيع الثروة ويُحقّقُ الاستقرار السياسي والسيادة الوطنيّة في آن واحد ، ومنها تجربة قيادات الحوض المَنجمي منذ إنتفاضة 2008 على سبيل الذكر لا الحصر ، وجب ثثمينها والدّفع معها في إتّجاه إرساء اللامركزيّة الادارية والمالية في أوسع أشكالها المُمكنة التي تسمح بها موازين القوى الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة: آلاف الإسرائيليين يطالبون بالموافقة على مقترح الهدنة وا


.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب


.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط




.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟