الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
- جزيرة السعادة -
عدنان شيرخان
2015 / 6 / 3مواضيع وابحاث سياسية
لم تمرعلى جيلي من قبل كارثة بحجم هزيمة الخامس من حزيران العام 1967، التي يصادف ذكراها الـ 48 هذه الايام. هذه النكبة اوالنكسة كما اختلف على تسميتها جاءت مفاجأة مرعبة بوقائعها ونتائجها، صادمة وغير متوقعة ولم تتناسب مع عنتريات اعلامية وسياسية خدرت الشعوب العربية طويلا. الاجواء كانت مشحونة نتيجة طغيان المد القومي في المنطقة، ولا مكان للرأي الاخر، قادة الدول المحيطة باسرائيل عسكريون (محنكون) يحملون رتب المهيب والمشير واركان حرب، جميعم وباختلاف طبقات اصواتهم يجيدون فن الخطابة اجادة تامة ويعدون مدارس يحتذى بها.
الناس كانوا طيبين ولكن لا حول ولا قوة لهم، لديهم قناعات متفاوتة بشأن القادة المتحمسين للحرب، وهل سيقودون الامة الى نصر مؤزر ضد العدو الغاشم الذي اغتصب منا فلسطين قبل عشرين عاما؟ ولكن لم يكن يخطر على بال اكثر الناس تشاؤما، بان العدو سينتصر ويحتل سيناء وغزة، الضفة الغربية والقدس الشريف، ومرتفعات الجولان في حرب دامت ستة ايام فقط.
لم يكن هضم نتائج تلك الحرب سهلا، انتحر المشير عبدالحكيم عامر، وساد تبرير مضحك " كنا ننتظر العدو من الغرب فجاءنا من الشرق"، صدمت الشعوب العربية صدمة كبيرة، وتبين لها ان الخطابات والجو الملتهب حماسة شيء، والحرب شيء آخر.
الصدمة تتركز وتتعمق، وفي الانفس حسرات على القدس الشريف، ابتلعه اليهود كما ابتلعوا الضفة وسيناء والجولان، اختل توازن الكثيرين ومنهم كتاب وشعراء، وخرج يومها الشاعر نزار قباني بقصيدته المشهورة "هوامش على دفتر النكسة"، والتي يقول في مطلعها " انعي لكم يااصدقائي اللغة القديمة، والكتب القديمة، انعي لكم كلامنا المثقوب كالاحذية القديمة، ومفردات العهر والهجاء والشتيمة، انعي لكم، انعي لكم نهاية الفكر الذي قاد الى الهزيمة". اثارت هذه القصيدة ضجة كبيرة ، حفظها طلاب المدارس والكليات، وقرئت في مناسبات عدة، وكانت نقدا مباشرا بلا رحمة للاسباب التي قادت للهزيمة.
بعد اشهر قليلة حاولت الحكومة المصرية تخفيف وطأة وقع الهزيمة على الناس، وفكروا في مساعدتهم على نسيان شيء اسمه (الخامس من حزيران). ومن ضمن اجراءات عدة عمدوا الى تخفيف الرقابة على الافلام التي تعرضها دور السينما، وكانت في اوج عزها، فسمح بلقطات حميمة كان مقص الرقيب لها بالمرصاد.
وحذونا في العراق حذو (الاخ الاكبر)، فطالت مشاهد القبل والاحضان الدافئة، لعل الجمهور ينشغل بها وينسى أمر (الخامس من حزيران). ويحدث ان تعرض سينما علاء الدين في شارع الرشيد ببغداد فيلما يونانيا اسمه (جزيرة السعادة) ــ والجواب واضح من عنوانه ــ ، ونظرا للاقبال الشديد من طلاب المدارس المتوسطة والاعدادية في المناطق المجاورة يمدد عرض الفيلم لاسابيع واسابيع وبنجاح ساحق ومنقطع النظير. الامر الذي يلفت انتباه معاون احدى المدارس القريبة، اذ يلاحظ ان عديد الطلاب في مدرسته يبدأ بالتناقص كلما اقترب الوقت من الساعة العاشرة، وهو موعد عرض الفيلم، يذهب المعاون الغيور على مستقبل طلابه ومعه عصا غليظة ومصباح يعمل على البطارية الى السينما وهو يردد (وداوني بالتي كانت هي الداء)، يخرج طلابه عنوة من دار السينما، بعد التأكد منهم، موجها ضوء مصباحه الى وجوه شاخصة الى الشاشة التي تعرض (البلاوي)، ويصرخ فيهم " ياهو الاهم جزيرة السعادة الكشرة لو مستقبلكم".
المشكلة، ان لا احد يتذكر الخامس من حزيران هذه الايام، ولا احد يهز عصاه ليذكرنا بان المستقبل اهم من كل الاوهام والخرافات، وما اكثرها ....
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت
.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا
.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و
.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن
.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا