الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار وحساب

قحطان محمد صالح الهيتي

2015 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كان صديقا لي، مضت مدة طويلة ولم نلتق ِحتى كان التهجير فالتقينا. وبعد السؤال عن الصحة والاحوال، سألني: ما هو مصير كتبك التي كنت تفتخر بها وتفضلها على السلاح، وتردد قول أبي الطيب المتنبي:( وخير جليس في الزمان كتاب)؟
قلت: لقد تركتها في بيتي فهي كثيرة.
قال: إذن أصبحت من غنائم داعش.
قلت: نعم.
قال: يعني خسرتها ولم تنفعك. ثم قال: أما كان عليك أن تشتري بدل تلك الكتب بندقية لتدافع بها عن أرضك وعرضك وحلالك ومالك؟
قلت: لم أكن بحاجة اليها لأن حمايتي وأهلي وما أملك واجب الحكومة.
قال: وهل الحكومة قادرة على حماية نفسها حتى تحميك؟
قلت: هذا صحيح، ولكنني اريد أن أسألك. ما هو مصير بندقيتك الـ (بي كي سي) وشريط عتادها الذي كنت تفتخر بها في الأعراس والسفرات، وتقول: إنها أهم من كل الكتب ومن كل مستلزمات العيش، بل هي الشرف؟
قال: لقد تركتها في بيتنا في القرية مثلما تركها كل من خرج نازحا بما عليه من ملابس للحفاظ على نفسه وأهله من خطر داعش، فضلا عن عدم السماح لنا بحملها معنا لأن السلطات ستعتبرنا ممن يحملون السلاح ضدها.
قلت: ولمَ لمْ تقاتل بها؟ اليست هي للدفاع عن الأرض والعرض والأهل والعشيرة؟
قال: وهل تريدني أن اقاتل بها داعش والحكومة وجيشها لم تستطع مقاتلته؟
قلت: هذا صحيح، ولكن الأصح منه هو أن بندقيتك وبنادق أهلك واعمامك وأخوالك وكل أبناء العشيرة لم تكن ذات نفع وأهمية لأنها لم تستخدم للغاية التي وجدت من أجلها، ولن يأتيكم في يوم من الأيام عدو أخطر من داعش الذي هجَّرَكم من قريتكم واستباح بيوتكم وقيّد كل ما فيها عقارت للدولة الإسلامية.
لم يجبني، عندها قلت له أليست كتبي أكثر نفعا من بنادقكم مع أن الكتب والبنادق كلها صارت غنائم لداعش؟ لإن كتبي نفعتني بما فيها من علم ومعرفة وحكمة، ونفعتُ غيري بها، ولكن بنادقكم لم تنفعكم، بل نفعت داعش بعد أن استولى عليها وعلى ملحقاتها من الأعتدة.
بقي صامتا ولم يُجب. عندها قلت له: دعنا نحسب ما انتفع به داعش من أسلحة المهجرين التي تركوها وخرجوا. لم ينبس ببنت شفة، فقلت سأحسب لك ذلك: على افتراض أن عشرة ألاف عائلة من العوائل المهجرة تركت كل منها بندقية واحدة مع ثلاثة مخازن كل مخزن بثلاثين إطلاقة، فإن ما غّنمه داعش من أسلحة هو(10000) عشرة آلاف بندقية و(900000) تسعمائة ألف إطلاقة أضافها الى عدته.
وحينما لم يجد جوابا تركني مودعا على أمل أن نلتقي ونعيد الحساب، ولكني قرأت في صمته بأنه أصبح أكثر إدراكا لقول أبي الطيب :( وخير جليس في الزمان كتاب)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد تأكيد مقتل هاشم صفي الدين.. ما تأثير ذلك على حزب الله؟


.. الجيش الإسرائيلي يرصد صاروخين في منطقة حيفا




.. سقوط عدد من الصواريخ أطلقت من جنوب لبنان على منطقة روش بينا


.. استشهاد طفل إثر إطلاق الاحتلال صاروخا على مدرسة لنازحين بدير




.. كولومبيا وإسبانيا تجليان رعاياهما من لبنان