الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة الانفتاح الوطني في تونس

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لو كان لزين العابدين ان يعـود إلى السلطة الآن سيكون أرنبا و ليس أسدا على الشعب التونسي. يـوما فيوما تـترسخ ثـقـافة الاحتجاج خلافا للاحتجاجات الفعلية التي بلغت درجة خطيرة فيما يتعلق بقفصة و تعـطيل إنـتاج الفـسفاط. و لكن لسائل ان يتساءل، ما المشكلة في الإفلاس الاقـتـصادي في سبيل ترسخ ثـقـافة الاحتجاج واقعيا و التي تستتبعها بالضرورة ثـقافـة النـقـد فكـريا. أنا احتج إذن أنا موجود. تـقـريـبا هذا هو التونسي اليوم. هذه الثـقافة تـترسب شيئا فـشيئا إلى نخاع الشعب من الذهنيات التي لم تكن تحـسب للـدولة وجودا و بالتالي لا تـفكر في أي أحقية بمطالبتها بشيء. هؤلاء العائـشون سابقا في قـوقعاتهم المحدودة جدا من العمل الاستحماري و العـيش الغبي بدئوا يفكرون بمنطق الكرامة و الحقوق التي لهم.
و في الحقيقة لا يمكن لأي كان ان يـبتـئس لهذا الأمر إن فكر فيه بعـقـلانية تخـرج عن المخاوف و الهواجـس و عن المصالح الشخـصية. صحيح انه من الأجدى مطالبة الناس بماذا يقـدمون للمجتمع و البلاد، و لكن ما فائـدة التـضحيات و الخـدمات و الجهود الغير معترف بها و الغير مثاب عـنها؟ فمن المعلوم ان العمل القـائـم على الرغبة لا يـفكر كثيرا في الجزاء و لكن ما ان يعي بآثاره الحميدة التي يقابلها الامبالات حتى يستـشعـر الضغينة.
من جهة أخرى فان المتباكين حول إمكانية الالتـفاف على الرغبة الحارقة في التغيـير و تحـقيق أهداف الثورة على المهانة المادية و المعنوية، كان الأجدر بهم ان يتباكوا على ضمائرهم المخـزية. فالمواطن يعيش بالمقارنة في بلده. من غير الصحيح ان الكل غارق في مطلبـيته دون النظر إلى المصلحة الوطنية، و لكن زاوية النظر هي التي تخـتـلف. و معلوم ان العمل على تـقـريب وجهات النظر هو دوما أمر محمود فان متطلبات الوصول إلى إيجاد أرضية مشتركة لا يمكن ان تكون إلا بالاتـفـاق على بعض النـقاط الجوهـرية.
أولها أن السيارات الجديدة الفاخرة التي تـزداد يـوما فيـوما في الشوارع لا تعطي إلا الانطباع عند الغالبية الحائرة في أمر تـدبـير رزقها، بالهوة الطبقية التي تستـشري يـوما فيوما، و بالتالي بأي حق أيها المنافح بوطنيتـك الغراء ان تطلب التـشارك حول برنامج وطني بوجود عالمين متـنافـرين. فالثورة التونسية التي من السخف اعتبارها قـد أنجـزت و انـتهت، لو كان لها ان تكون عـنيفة في استمراريتها الآن، لرأيت تلك السيارات تحرق في الشوارع. لكن التونسي لا يحب العنف و إنما يصرفه في اللفظ كي لا يقع في مستـنـقعاته الواقعية و آثامه في الضمير التي لا تـقـود غالبا الا الى سقوط الكائن الإنساني إلى مجرم. الغـضب يصرفه سياسيا بوجود السياسي المتماهي مع فـقـره و مطالبه، و يصرفه نقابيا بوجود الاتحاد العام التونسي للشغل.. فإذا كان اعـتبار السيد الخانع لمصلحته الشخصية للاحتجاجات المختـلفة بكونها لا وطنية فما هو الوطن. هل الوطن بقرة حلوب يستـنـزفها السفـلة؟
أليس من الأجدى منع استيراد السيارات لسنة أو سنـتين حـفـظا للعملة الأجنبية و مساهمة في إحداث التوازن في الميزان التجاري؟
و العبرة في الأمر هي التـلمس الحي للواقع، و إن كان من دعـوة حـقيـقية للوحدة الوطنية حـول المشترك الممكن، فانه يتوجب النـزول من الأبراج إلى الطريق الحي المشوب بالجمال و الـقبح في الأشكال و اللباس و الألـفاظ و مجمل التعبـيرات الإنسانية. و بالتالي فان أي مشترك لا يمكن ان ينصهر في عملية خلق لواقع جديد من الاستـقـرار الـفعلي الـقـائـم على الحرية و الكرامة البشرية إلا بالاعتراف المبدئي و الـفعلي بإنسانية الإنسان مهما كان وضعه. فالوضع الإنساني هو المجرم و ليس الإنسان فهو مجرد مستـقـبل لتـأثيرات معينة، و هو يـنـدفع انطلاقا من رغبة كل إنسان في نيل اعتراف الآخر به..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني. هل اشترت سيارة بوغاتي


.. بعد -المرحلة الأخيرة في غزة.. هل تجتاح إسرائيل لبنان؟ | #غرف




.. غارات إسرائيلية على خان يونس.. وموجة نزوح جديدة | #مراسلو_سك


.. معاناة مستمرة للنازحين في مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة




.. احتجاج طلاب جامعة كاليفورنيا لفسخ التعاقد مع شركات داعمة للإ