الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية-20-

خالد الصلعي

2015 / 6 / 7
الادب والفن


مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -رواية 20-
******************************
ﻻ-;-أحد يستطيع أن يغير المنكر ، وصار اﻷ-;-مر بالمعروف جريمة ﻻ-;- يعاقب عليها القانون ، لكن حراس القانون بيدهم سلطة معاقبة كل من نهى أو غير المنكر.وطفى قانون آخر فوق القانون اﻻ-;-صطﻻ-;-حي. وأصبح للقانون المؤسساتي قشرة سميكة ذات أشواك أو نتوءات حادة تخدش وتقطع كل من حاول لمسه .
الجناكا ظاهرة شاذة ؛ انها كالأوساخ التي تعلو الجسد وتتسبب في أمراض ﻻ-;- عد ولا حصر لها . جلد المجتمع موبوء ، تعلوه بثور ودمامل، وسائل أصفر ينز منه شباب وكهول واطفال ، نساء وفتيات ، صاروا ممسوخين ، وهم يتكاثرون كالنمل الصغير في فصل الصيف .
بني مكادة الجميلة التي تلتصق في ذهن أبنائها القدامى كحي للفقراء والبسطاء الذين يعيشون حياتهم وراء جدران المدينة المعاصرة ، صارت أشبه بوحش مفترس ، بل صارت وباء يغير ملامح كل من استنشقه أو رآه أو سمع عنه . مثلها مثل فيروس ايبولا والايدز والجمرة الخبيثة . كائنات في هيأة بشرية تتكاثر توسخ رؤية كل انسان سوي ، تشوه الشاشة الفطرية التي يخلق بها الانسان .
الانسان ما يرى .
هكذا تضمحل كل الصور الجميلة في ذهن الفرد الذي يعيش في هذه المنطقة. تنكسر مرآته الأولى الصقيلة وتتشظى الى أجزاء تعكس الصورة الواحدة في أوضاع لا متناهية . ينتهي الانسان جزءا جزءا ، يتحول الى كائن آخر مع مرور الوقت ، يتطبع مع الصورة الشاذة التي صارت طبيعية . يتغير ، يتحول ويصير شيئا آخر الا أن يكون انسانا بالمواصفات التي ورثناها عن مفهومنا للانسان .
العادة هي قانون الحياة . اذا تعود شعب على الوباء والفوضى والأمراض ، فانه يحسب ان حياة الصفاء والنظام والعافية شيئ شاذ وغير مقبول في مدينة الرذيلة .
لم يكتب احد يوما عن مدينة الرذيلة ، هل لأنهم لم يعيشوا في مثل هذه المدن المتسخة والبذيئة ؟ . أم لأنهم كانوا يعيشون في مستنقعات أكثر وساخة من هذه المستنقعات التي نعيش فيها نحن اليوم ؟ كثير من الناس كتبوا عن المدينة الفاضلة ، لكن أحدا لم يكتب عن المدينة الموبوءة .
قال لصاحبه وهو يبحث بعينيه بين يديه :
-هل اقتنيت اللعبة ؟ عني باللعبة تلك المادة السامة من الهيروين .
أجابه صديقه وهو يبحث عن شيئ ، ويرمي عينيه هنا وهناك بلهفة ورغبة مريضة :
-نعم ، لكن اين القنينة ؟ .
-لم أعثر عليها .
ثم راحا يبحثان عن قنينة ماء صغيرة فارغة . يسألان الباعة الذين يفترشون بضائعهم على االرصيف ، لكن الباعة يجيبونهما بالسلب .
قنينة ثمنها ثلاثة دراهم مملوءة بالماء المعدني ،لايستطيعون شراءها . لكنهم يشترون بخمسين درهما نزرا قليلا من الهيروين . بل انهم يبخسون على بطنهم أكلا بدرهم واحد ، ويفضلون سؤال الناس على الطعام ، وهم يصرفون في اليوم الواحد أكثر من ثلاثمائة درهم على سم حولهم الى كائنات ممسوخة .
لا أحد يستطيع أن يقول لهم ان ما تفعلونه ضد حياتكم وصحتكم ومستقبلكم . كل الناس يتحايلون على الحياة كي يحظوا بعيشة هنية وراقية . أما هؤلاء فهم يجهدون من أجل أن يذلوا أنفسهم . شيئ لا يمكن تفسيره ، وتعجز علوم النفس مجتمعة ومتفرقة عن تحليله . انه تدمير جماعي للذات وللمجتمع . كيف يمكن تفسير هذا ؟ . وحتى أولئك الذين ينتقدون هذه الأفعال والسلوك ينعتون ويوصمون بالتدخل فيما لايعنيهم . وكأن جيرانك لا يعنيك أمرهم ، وكأن أبناء شعبك لا شغل لك بهم ، وكأن وطنك ممنوع أن تناقش سلبياته.
لاأحد ينتقد ، لا احد يعترض أو يحتج . كان الجميع في البداية يبدي بعض التأفف والامتعاض من هذه الكائنات حين كانت ما تزال في صورتها الأولية ، قبل أن تتوالد وتتكاثر وتهجم على مجتمع مسالم سلبي ، كل حياته يقضيها بين المنزل والسوق والمقهى والتسكع أو الوقوف في شوارع الحي متكئا على الحيطان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو