الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سِرِيَّة المقاومة الى محاورة المخابرات

عادل سمارة

2003 / 1 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات




رام الله ـ فلسطين المحتلة
حسب ابسط المفاهيم والمعرفة بطبيعة المخابرات، اية مخابرات، هل يمكن تقرير مصير شعب عبر اتفاقات مخابراتية؟ او عبر اتفاقات بين حركة تحرر وطني وأجهزة مخابرات؟ بل وأجهزة مخابرات معولمة ايضاً!
 من يقرأ اتفاق أوسلو الاول والثاني واتفاق واي ريفر  وحتى اتفاق باريس الاقتصادي بشأن الضفة والقطاع يجد بأن الموقع الفصل فيها جميعا هو المستوى الامني.  ولكي نكون صريحين، فإن عبارة الامن او المستوى الامني تخفي الحقيقة الكامنة ورائها وهي ان هذه اتفاقات باشراف اجهزة مخابرات بما تحويه هذه الاجهزة من العديد من الممارسات التي لا حاجة لذكرها والتذكير بها.
لكن مسألة التوصل الى حلول في المنطقة تجاوزت الاتفاقات الاسرائيلية الفلسطينية، وتجاوزت خطة جورج تينيت مدير وكالة المخابرات الاميركية (سي. آي. إيه) ووصلت اخيرا الى إشراف مخابرات عربية. فبعد سلسلة زيات الى تل ابيب (المعلنة منها على الاقل) قام بها مدير المخابرات المصرية، بدأت لقاءات بين هذا الرجل وبين تنظيمات فلسطينية لا سيما التي تمارس الكفاح المسلح بمستوى ملموس. وبدون ذكر اسماء، فإن تنظيمات فلسطينية لم يلتق بها عمر سليمان قد ابدت احتجاجا على ذلك معتبرة ان هذا الامر انتقاص من حقها او تقصير لقامتها. وبغض النظر عن هذا الامر، فإن هذا الدور الملموس للمخابرات المصرية يعني انتقال مصر من المشرف الايديولوجي على التسوية بين قيادة م.ت.ف والكيان الصهيوني الى دور المشرف الامني.
فمن المعروف ان مسيرة التسوية التي دخلتها القيادة الفلسطينية منذ مدريد على الاقل وحتى اللحظة كانت مصر هي مرجعيتها في ذلك. وعليه، فإن انتقال دور مصر الى المرجعية الامنية هو التطور الطبيعي لدورها هذا.
اذا حاولنا التعاطي مع هذه التطورات دونما تشنج او مبالغة، فإن سلوك النظام المصري في هذا الصدد هو سلوك طبيعي. فمن جهة، تعتبر مصر نفسها، وهي كذلك حقا، قوة اقليمية هامة او رئيسية، وبالتالي يجب ان يكون لها رأي ودور في اية تطورات في المنطقة ولا سيما العربية. كما ان الجانب الاميركي والصهيوني يُقر بهذا الدور المصري وإن كان إقرارا من مدخل آخر. فهو ليس إقرار بمعنى الاعتراف بحق مصر، وإنما إقرار لأن مصر الرسمية تدور في فلك السياسة الاميركية في المنطقة. وبهذا المعنى، يمكن القول ان قبول الكيان الصهيوني بدور مصر هذا شبيه في اسبابه ومبرراته بالقبول الاميركي. وهكذا، فإن المواقف الرسمية لهذه الدول لا تحوي تناقضا داخليا او ذاتيا.
وقد لا يختلف موقف السلطة الفلسطينية من هذا الامر كثيرا عن موقف مصر.  فالسلطة الفلسطينية بما هي جزء من التسوية، وبما هي مصرة على الاستمرار في هذه التسوية كما صيغت وأُعلنت ومورست، وبما انها قبلت ولا تزال ان تأخذ "ولايتها" على جزء من الاراضي المحتلة من الكيان الصهيوني الاشكنازي، وبما انها وقعت العديد من الاتفاقات الامنية  مع الكيان ومع امبراطورية حقبة العولمة (اميركا) فإن استمرارها في الحلول والترتيبات المخابراتية امر طبيعي.
يبقى الامر المطروح للنقاش والتحليل والنقد هو موقف المنظمات الفلسطينية التي تنخبط على ما يبدو حتى الآن في مأزقين:
الاول: الذهاب الى القاهرة لاجراء حوار باشراف الحكومة المصرية.
والثاني: التحاور من خلال جهاز المخابرات المصري.
ان عروبة الشعب المصري أمر، وعروبة النظام وجهاز مخابراته أمر آخر. ان دور جهاز مخابرات اي نظام حكم غير ديمقراطي، ومنغمس في التسوية لا يمكن ان يكون دورا حريصا على نضال وطني وقومي مناهض للكيان الصهيوني الاشكنازي كمستوطنة ولا يماهض لامبراطورية العولمة.
لعل الامر المثير للنقاش هو موقف المنظمات الفلسطينية التي تلتقي بالمخابرات المصرية كي تناقش معه:
1 ـ علاقات هذه المنظمات بالسلطة الفلسطينية.
2 ـ نضال هذه المنظمات ضد الكيان الصهيوني الاشكنازي.
قد يكون مبرر هذه المنظمات ان الطوفان القادم لا يقوى أحد على الوقوف في وجهه، بمعنى ان المسالة لاحقاً، بل وفي وقت قريب لن تقتصر على مقاومة الاحتلال، بل إن من يقاوم الاحتلال، إنما يدخل في حرب مع الولايات المتحدة التي تعتبر اية مقاومة في حقبة العولمة حتى لو كانت مطلقة الشرعية، مثابة إرهابٍ وإعلان حربٍ على امبراطورية العولمة.
ليس الهدف من كتابة هذه السطور مطالبة فصائل المقاومة بأن تصرع الولايات المتحدة، (فعبد الهادي وحده قد يصارع ولكنه لا يصرع دولة عظمى!- عنوان قصيدة للشاعر الراحل عبد اللطيف عقل –عبد الهادي يصارع دولة عظمى) . ولكن ما نريد التأكيد عليه هو: ما سبب وما معنى المقاومة؟ فالمقاومة باختصار، هي مطالبة بحق والنضال من أجله، وتكون المقاومة بالقدرات والامكانات المتاحة. وليس شرطاً ان لا تكون المقاومة ذات قيمة  إلا عند إعلان انتصارها. لكن ما يبدو من سلوك هذه التنظيمات بأنها معنية بحماية راسها كأنها دول صغيرة او طبقات ذات امتيازات وليست تنظيمات سرية في الاساس! نعم، هنا نكون كمن يتحدث عن دويلات صغيرة وليس عن مقاومة سرية.
فالمقاومة السرية هي حركات تخفي نفسها أولا وقبل كل شيىء عن كافة اجهزة المخابرات. اما الجانب الشعبي الجماهيري منها ففلا يخفي مواقفه ولكنه لا يساوم عليها.
دعونا نطرح النموذج التالي: تقوم القوى الشعبية المناهضة للعولمة منذ بضع سنوات بمتابعة تحركات ولقاءات الراسمالية العالمية (البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومؤتمر دافوس، ومنظمة التجارة العالمية...) تلاحقها بالاعتراضات والمظاهرات وعقد مؤتمرات موازية...الخ. ويعرف من يمارسوا هذه الانشطة بأنهم محسوبون على ما يسمى رسمياً "الارهاب الدولي". ومع ذلك يستمروا. صحيح ان انشطة هؤلاء لا تسيل دماء اعدائهم، ولكنها نشاط. او نشاط في حدود الممكن وقد تكون أكثر تاثيرا، بالمفهوم التاريخي وليس اللحظي، من نضالات حرب الغوار. ربما، من يدري، فلكل نضال اسلوب وكل الاساليب جيدة. المهم ان هذه الحركة المناهضة للعولمة، لا تلجأ  الى مفاوضات او مساومات مع عدوها للحفاظ على جلدها.
ان ما نخشاه حقا هو ان تخرج المنظمات الفلسطينية من لقاءات القاهرة وقد تعهدت مباشرة او مداورة  بالتعاطي مع التسوية كي تكسب العلنية وبعض المقاعد في السلطة. اي ان تتحول من النضال المبدأي الى الصراع على حصة من الكعكة ثم على حصة اكبر ثم على الكعكة كلها. هذا امر متروك لمن قرروا التحاور على الطريقة المخابراتية!

***

كنعان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع