الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الفرق بين جرائم النظام السوري وجرائم القوى التكفيرية؟

سحر حويجة

2015 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



البراميل المتفجرة والأسلحة الثقيلة بقوتها التدميرية الهائلة، التي زلزلت المدن والقرى في سوريا، وحولتها إلى ركام ومدافن لقاطنيها، علامة فارقة مميزة وخاصة لجرائم اقترفها النظام السوري بحق الشعب السوري وممتلكاته في المناطق التي خرجت عن سيطرته ، وهي جرائم مستمرة منذ بداية العنف والاقتتال لتغيير ميزان القوى على الأرض، ولن تنتهي إلا بوقف آلة العنف الدائرة على الساحة السورية.
في المقابل داعش تتمدد لتقضم نصف الأراضي السورية، وعيون العالم على آثار تدمر المهددة بالدمار ، على يد النظام وداعش وهنا تطال جرائهم ليس الحاضر فحسب بل أثراً للتاريخ صمد آلافاً من السنين، ليأتي يوماً يشهد أن الجرائم التي ترتكب في سوريا لم يشهد مثيلاً لها التاريخ، وليس العصر الحديث فحسب.
في المقابل جيش الفتح الملتبس تشكيله وقوته، وتوجهه، حيث تشكل جبهة النصرة أحد أقطابه، يتقدم من إدلب باتجاه الساحل ، حيث كان وقع تحرير مدينة إدلب ، أشبه بهزيمة، نتيجة مخاوف من عودة الاستبداد بعباءة دينية تكفيرية، إقصائية و تمييزية، عبر قوى تستلم مقاليد السلطة على أنها تمثل المعارضة.
قبل تسليط الضوء على الفروق ما بين جرائم النظام وجرائم القوى المتشددة والتكفيرية وعلى رأسها داعش، لابد من الإشارة إلى أهم وجوه الشبه بين جرائم النظام وجرائم القوى التكفيرية المتشددة التي تتلخص: بالشمولية واحتكار السلطة، وتغييب المجتمع، ورفض الآخر، وغياب الحرية مصدر كل الحقوق، وانعدام ضمانات الحرية التي تضمن حق الأفراد بحماية الدولة من تدخل الحكومة أو تدخل الأفراد الآخرين وفق القانون عبر أحكام القضاء المستقلة عن السلطة. إضافة إلى انعدام حرية الفرد التي تتضمن الحريات السياسية والمدنية ، حقوق تنظمها الدولة بقوانين وتكفل إنفاذها إضافة إلى إلغاء الحريات العامة :الحريات السياسية و حق الرأي والتعبير، ورفض الديمقراطية.
غير أن القوى التكفيرية، أضافت قيوداً أخرى على الحرية حيث ألغت الحريات الشخصية ، بتدخلها في ا الملبس والمشرب. ومنع المرأة من التجول بدون محرم، ولا تختلف النصرة وقوى تكفيرية أخرى عن داعش في حال قوتها وسيطرتها ، فإنها تلغي كل من يخالفها وفق أحكام الشريعة .
ومن حيث تطبيق العقوبة فالقوى التكفيرية، يقضي به قضاء متخلفاً وسلطات قضائية تغوص في القشور، وتستخدم وسائل متوحشة لتنفيذ العقوبات مثل: الجلد والسحق وقطع الرؤوس، وحرق الأحياء، وسائل أحدثت صدمة و فارقاً في وعي المواطنين، دفعتهم للمقارنة بين حكم الاستبداد وحكم القوى التكفيرية.
في النتيجة نجد إن الجرائم البشعة التي اقترفها النظام كمياً أكثر بكثير من جرائم داعش واشباهها ، ولكن ماهي الاختلافات الأساسية بين جرائم داعش والقوى التكفيرية الأخرى وبين جرائم النظام التي تبث الذعر والخوف بين السوريين :
لعل الفارق الأساسي أن النظام ينكر وينكر كل الجرائم التي علقت به مهما كانت الأدلة قوية وقاطعة، هذا النكران وصل حد عدم سماع الرئيس بالبراميل المتفجرة ، رداً على سؤال وجهه له أحد الصحفيين الغربيين . كما أن أبواق النظام في كل المحافل الدولية ينسبون المجازر وجرائم الإبادة والقتل الجماعي واستخدام الكمياوي بالمعارضة والمؤامرة الكونية ضد سوريا. وفوق كل هذا وذاك يحولون الهزائم إلى انتصارات.
ومهما كانت الأدلة قاطعة، وموثوقة ، مثال الصور المسرية التي تؤكد مقتل آلاف المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب ،غير إن لسان حال النظام يقول: أن سجون النظام لا يوجد فيها غير إرهابيين والصور مفبركة لا أساس لها، والأسماء والوجوه والأماكن ، لبشر من خارج سوريا .
أما داعش فتقوم بجرائمها بدم بارد وبكل ثقة وعلناً ، كما تقوم بتوزيع الأدلة التي تدينها على العالم ، باعتراف صريح أن كل أفعالها الجرمية تقوم على سبب واحد الردة والكفر، حتى لو كان السبب سيكارة تبغ، وكذلك وسائلها الوحشية في الحرق وقطع الرؤوس تنفذها وفق طقوس خاصة تعبر فيها عن سعادتها وفرحها بالانتصار على عدوها.

هذا الفارق يقف وراءه أسباباً عديدة، أولها أن النظام الذي يمسك بكل شيء في أماكن سيطرته، ليس بحاجة إلى هذه العلنية. فقد حقق سيطرته المطبقة على الشعب منذ عقود، وإن سياسته تقوم بالدفاع عن احتكار السلطة ومواقعه المكتسبة ، بل يؤكد على أنه هو المقدس القادر على كل شيء.
أما تنظيم الدولة داعش الذي يسعى لفرض وإ حكام قبضته على كل شيء فهو يحتاج إلى كل هذا الضجيج ليعرفه المحكومين ويعرفون دورهم وحجمهم، لبث الرعب في صفوفهم.

من جهة أخرى النظام يهمه الموقف الدولي ، والقانون الدولي الذي يخضع لأحكامه لأنه قام بالتوقيع عليه، فالنظام وقع على معاهدة حقوق الطفل، ووقع على اتفاقية حقوق الإنسان، وعلى اتفاقية منع التعذيب في السجون، وهو عضو في الأمم المتحدة، ويسعى جاهداً إلى فك الحصار الدولي المعلن ضده، من أجل اعتراف العالم بشرعية استمراره في السلطة، لذلك ينكر كل الجرائم التي يقترفها وقد يضحي بكثير من الشخصيات الحاكمة، كما حصل مؤخراً مع رستم غزالي مملوك وشحادة وغيرهم ، ليحملها مسؤولية ما تم توثيقه من جرائم ليستعيد شرعيته.
أما القوى التكفيرية المتشددة فهي ليست بحاجة لهذا الاعتراف، بل تعرف سلفاً أن العالم والمجتمع الدولي غير معترف بها، وغير ملزمة بهذه القوانين الدولية، بل تحلم وتطمح إلى حكم العالم على شكل امبراطورية دينية فوق بشرية تشمل جميع مناحي الحياة الدنيوية. بسبب أنهم اعتنقوا نظرية الحق الإلهي كأساس للحكم وكأن الله هو من اختارهم لحكم العباد. وإن وسيلتهم الانتقام الإلهي على الأرض. لتخليصه من هذه القوانين والبدع الذي وضعها الإنسان بما يخالف أحكام إلهية غيبية صالحة لكل مكان وزمان، غير قابلة للنقاش. وقطع الطريق على الشعب أن يعارضهم ويرفض أحكامهم. وصلت لدرجة أن عليهم إزالة كل الحكام في العالم وبسط عرشهم على الكون وصياغته من جديد وفق رؤيتهم الخشبية. إن هذه القوى تعلم حق العلم، أنها لن ولم تصل إلى مبتغاها، ولا ندري لماذا تترك كل هذه القباحات والصورة السوداء عنها في عقول و قلوب البشر أهذا إلا انتقاماً وحقداً و ثأراً؟ أم ليخلصوا أنصارهم والمقاتلين في صفوفهم من هذه الحياة الصعبة ، والظروف القاسية، نحو جنة وعدوا بها ؟

على كل حال ، لقد خبر الشعب السوري وسائل النظام الجرمية وأسلوبه في الحكم، أما داعش والقوى المتشددة الأخرى كل يوم تطالعنا بجديد لم يخطر على بالنا ، تضيف معلومة جديدة إلى قاموس الجرائم ، وتعيدنا إلى الوراء آلاف السنين.
كل هذه الجرائم ترتكب بحق الشعب السوري الذي انتفض وثار من أجل وقف الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحقه في عهد الاستبداد ، من أجل العدالة والكرامة ، والحرية.

سحر حويجة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السلام في أوكرانيا.. بين خطة زيلينسكي وشروط بوتين


.. زيلينسكي: مقترحات السلام ستقدم إلى روسيا بمجرد أن تحظى بمواف




.. غزارة الأهداف تتواصل لليوم الثاني في #يورو_2024 هل هي دلالة


.. محللون إسرائيليون في الإعلام يطغى عليهم اليأس لانعدام خطة تت




.. إصابة 10 أشخاص بإطلاق نار عشوائي في ديترويت