الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب يعزف ألحان رشاشاته في تونس _هل هو كتاب فتح عليها ؟ أم صفحة من صفحات الارهاب السياسي

علاء الدين حميدي
كاتب صحفي.

(Hmidi Alaeddine)

2015 / 6 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


يقف جبل " الشعانبي " شامخا منذ قدم التاريخ بين سلسلة الجبال الظهرية (سلسلة جبال الأطلس في جزئها التّونسي) ، فالشعانبي ليس مجرد جبل أو حديقة وطنية بل هو جدٌّ للتونسيين و جنّة للشهداء لا يسلكه الا الشجْعٌان و من لا يهابون الموت ، كان في الخطوط الاولي في الحرب ضد فرنسا الاستعمارية عندما احتضن الثّوار الجزائرين و عناصر الفلاّقة التونسية و لعله الوحيد القادر علي رواية بطولاتهم والملاحم التي خاضوها ضد المستعمر الغاشم ولكنه اليوم يحترق باكيا في صمت بعد أن سكنه الجبناء و الخونة و اتخذوه مسرحا لعملياتهم الارهابية أدت الي سقوط العديد من الشهداء و الجرحي فعدد شهداء الجيش الوطني في الشعانبي منذ بداية أحداثه الدامية يعتبر تقريبا ثلث شهداء حرب الجلاء في مدينة بنزرت ضد المستعمر الفرنسي ، أكثر من 56 شهيد و 75 جريح من حماة الحمي هي حصيلة العمليات الارهابية منذ ماي 2011 تاريخ أول عملية ارهابية ضربت بلادنا انطلاقا من الروحية مرورا ببئر علي بن خليفة و ربوع اخري من البلاد وصولا الي متحف باردو الذي كان مسرحا لأخر عملية ارهابية غادرة ، عملية لعلها لن تكون الاخيرة اذ قد تمتدّ يد الغدر و الارهاب الخائنة مرّة أخري لتعزف ألحان رشاشاتها في بلدنا المسالم الذي ظل نسبيا طيلة نصف قرن بعيدا عن كل مظاهر الارهاب و التطرف، فالإرهاب هذا الفكر المتطرف المستحدث الذي فقد كل صلاحياته في البقاء، لا دين له ، انتقل من مرحلة الخلايا النائمة التي لا تُطِلّ عليّنا الا عندما تضّيق القوات المسلحة الخناق عليها الي مرحلة استهداف قادة المعارضة السياسية أولا ثم الاقتصاد ثانيا ، ففي صبيحة يوم الاربعاء الاسود 6 فيفري 2013 اُستُهدِفُ الرفيق الشهيد شكري بلعيد بأربع رصاصات ضد كل أمل في الحياة في بلد كان يفتخر بثقافة سياسية غير عنيفة قبل أن تُطلّ عليه هذه الطيور الجوارح القادمة من الصحاري البعيدة ، وفي ذكري اعلان الجمهورية استفاق الشعب علي وقع اصوات اربعة عشر رصاصة في جسد الشهيد محمد البراهيمي لتكون ثاني الاغتيالات السياسية في الجمهورية التونسية المغتال عيدها ليزداد اليقين يومها أن بلادنا لن تعرف أياما سهلة مستقبلا و أن مقاومة الارهاب ستحتاج الى الكثير من الجهد والوقت وهو ما تأكد اليوم ولكن يبقي السؤال المطروح من يقف وراء هتيّن العمليتيّن الشنيعتين ؟

يقول الكثير أن هتيّن العمليتيّن هما نتاج لإرهاب سياسي بامتياز تتحكم فيه أياد سياسية خفية تتقاطع مصالحها مع الغرب و تتأمر علي الشعوب بهدف نشر الخوف و الرعب لدي المعارضين لسياساتها قصد تركيعهم و خدمة الأجندات الامبريالية وهو ما نجحت فيه ضمنيا علي اعتبار أنه خلال الأربعة أيام التي تلت اغتيال الرفيق شكري بلعيد قُدّم 1200 طلب لجوء سياسي وقد كانت 53% من المطالب موجهة نحو دول الاتحاد الأوروبي و37% نحو الولايات المتحدة وكندا و8% نحو دول الخليج العربي(وفقا لموسوعة ويكيبيديا) دون الحاجة أن نذكركم أنّ الشهيدين البراهيمي وبلعيد كانا الوحيدان من ضمن سياسيّ الصف الاول التونسي اللذان يملكان خطابا ودعوى الي سياسة وطنية بعيدة عن الصناديق والبنوك والمانحين وكانا يدعوان الي ثقافة وطنية بعيدة عن الزيّف ، و ما يزيد صحّة هذه الفرضية هي الحقائق التي تزداد اتضاحا كل يوم و لعلّ اخرها الحوار الصحفي الذي نشرته جريدة " الصباح " مع مسؤول أمني نشر يوم الاحد 22 فيفري 2015 ، جاء فيه أن اغتيال محمد البراهمي كان من أجل تصريحاته و لعلّ أبرزها "لو لا المال الفاسد والدعم الخارجي من جهات أجنبية من تركيا وقطر لما آلت الأمور إلى ما نحن عليه الآن".

ان المطلع علي السجل الاسود للعمليات الارهابية من الروحية إلى القصرين مرورا ببئر علي بن خليفة و قبلاط باستثناء الحادثة الارهابية الاخيرة سيلاحظ عدم تبني هذه الاعتداءات الغادرة من قبل أي جهة أو منظمة علي عكس التقليد السائد في بقية دول العالم حيث تعلن جهة ما تبنيها للعمليات الارهابية علي اعتبار ان الهدف المنشود منها عادة هو القيام بحملة إعلامية بهدف إبلاغ رسائل معينة سواء كان انتقاما أو ضربا للمعنويات أو غير ذلك ، في وقت وجهت فيه وزارة الداخلية أصابع الاتهام خلال الندوات الصحفية التي عقدتها الي تنظيم أﻧ-;---;--ﺻ-;---;--ﺎ-;---;--ر اﻟ-;---;--ﺷ-;---;--رﯾ-;---;--ﻌ-;---;--ﺔ-;---;-- اﻟ-;---;--ﻣ-;---;--ﺣ-;---;--ظور والمصنف في تونس ﻛ-;---;--ﻣ-;---;--ﻧ-;---;--ظﻣ-;---;--ﺔ-;---;-- إرھﺎ-;---;--ﺑ-;---;--ية حاليا و الذي يمثل امتدادا لتنظيم القاعدة سابقا و لتنظيم داعش حاليا في وقت يُفسّر فيه الخبراء الامنيون سبب عدم تبني هذه الاعمال الارهابية بأن الفروع عن التنظيمات الارهابية الكبري لا تتبنى العمليات لأن ذلك يخصُ الجهات التي تقف وراءها ماليا وسياسيا ولوجيستيا وهو ما يعكس و يقودنا حسب تفسيرهم الي أن الخلايا الارهابية في تونس هي مجرد أداة تنفيذ فقط في حين أن العقول المدبرة هي عقول إقليمية ودولية ولعل أبرز دليل علي ذلك هو ما تؤكده الحقائق القادمة من سورية العروبة و الغيّر الغائبة عنكم و محاولات بعض الدول إسقاط نظام الاسد من خلال استغلال ما يسمي بالسلفية الجهادية ثم أضف الي ذلك عدم توجيه هؤلاء المتطرفين لبنادقهم و رشاشاتهم في اتجاه الكيان الصهيوني الغاصب رغم توفر الغطاء الديني و السياسي الذي يختبئون تحته عادة لتبرير أفعالهم ثم أضف الي ذلك تزامن بعض العمليات الغادرة مع شهر رمضان الكريم و شهر ذي الحجة و هو من الاشهر الحرم لدليل على أن الفاعل لا يبالي بتعاليم الاسلام ولا يحترمها ، هذه الاشارات تزيدنا يقينا أن الارهاب هو صفحة من صفحات الارهاب السياسي تشرف عليه لوبيات تتأمر علي الدولة و تتقاطع مصالحها واهدافها مع مخطط الجبهة الاستعمارية الامبريالية المعادية التي تحركه متي شاءت كحركة "كش ملك" في لعبة الشطرنج في محاولة لإجبارنا على أن تكون حركتنا التالية موجهة الي إزالة التهديد وليس البناء والتخطيط للنهوض بالبلاد و العباد و اعاقة الديمقراطية و افساد فرحة التونسيين بما تحقق من مكاسب وهو ما يعكسه أيضا تزامن أغلب العمليات مع تواريخ مهمّة بالبلاد أو مع أعياد وطنية ( اغتيال في عيد الجمهورية ، عملية رواد قبل الانتخابات بأيام(

الاربعاء ،18 مارس 2015، يوم لن ينساه التونسيون فهي المرة الاولي التي يعيشون فيها علي وقع اختطاف ارهابيين لسيّاح أبرياء ، عملية ارهابية نوعية وجهت ضربة موجعة للاقتصاد وللسياحة التونسية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد اضافة الي استهداف المسار الديمقراطي ، في الوقت الذي يُرجَحُ فيه أن الهدف المنشود والمخطط له كان مجلس النواب ، هذه العملية الغادرة ليست نقطة التحول في مراحل التدرج لدي الارهاب فقبلها بسنة و نصف و في اربعاء أسود أخر (30اكتوبر 2013 ) أعلن الارهاب انتقاله الي مرحلة استهداف الاقتصاد عندما استهدف أحد النزل (ر.ن) في مدينة سوسة من خلال التفجير الانتحاري الفاشل و حاول ضرب تاريخ البلاد و رموزها من خلال استهداف روضة أل بورقيبة ،بل أكثر من ذلك نجح الارهاب في ضرب المحبة لدي بعض الشباب و غرس مكانها الحقد و الكراهية ، فالشباب المغرر به كان من المفروض أن يحملوا ورودا و أزهار في أيديهم لا أحزمة ناسفة و متفجّرات ، فلو تحليّنا ببعض الشجاعة و نظرنا بنظرة عقلانية الي منفذي عمليتيّ سوسة و المنستير الذين لم تتجاوز أعمارهم العشرين سنة لأمكن لنا القول أن هؤلاء الشباب ليسوا بمجرمين ( من الناحية الاخلاقية و ليس القانونية) بل هم ضحايا لإرهاب الدولة ،ضحايا للمنظومة التعليمية الفاشلة، ضحايا لفشل الدولة في العديد من المجالات لعل أبرزها محاربة الارهاب ، فالإرهاب لا يحارب بالسلاحّ ومن يتبع هذه الخيار فهو في خسران مبين فالحلول الامنية و العسكرية ليست الا حلولا وقتية تقلص من الخطر الارهابي و لا تقتلعه من جذوره و قد أثبتت التجارب عدم نجاعتها ، فالسلاح الفعلي هو سلاح التعليم و التنوير الذي يمثل الخط الدفاعي الاول ضد الارهاب و خط الهجوم الاول ضد الجهل والتطرف الديني اضافة الي أسلحة التنمية ، المساواة في القانون و أمامه ، العدل ، و محاربة الفقر و من يتّخذ من الخيار الثاني هم المفلحون ،فمواجهة الإرهاب والعمليات الإرهابية لا تتطلب وجهة نظر عسكرية بل يتطلب تجميع إرادة الحكومة وطاقة الشعب بأكمله و اجراءات لمكافحة الارهاب تحترم حقوق الانسان و المواطنين وعلى الجميع التوحد و الابتعاد عن التجاذبات السياسية حتي لا تتطرق أبوابنا محطة أخري من محطات الارهاب الغادر فغياب هذه الحقيقة عن الساحة السياسية في البلاد سيوفر للتطرف الظروف اللازمة للازدهار دون الحاجة أن نذكركم أنه لا حوار مع من يرفع السلاح في وجه البلاد ، فلا عاش في تونس من خانها و لا عاش من ليس من جندها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية