الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق الذبيح

محمد سيف المفتي

2015 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


نحن من سقى أرضك بالدماء و الدموع كما لم تسقى ارض من قبل يا عراق، وجعلناك سبب كل أحزان الايتام و دموع الارامل. كل ما أغدقته من خيرات على شعبك تحول الى نقمة، حرب و حصار و تفكك أسري و تفكك إجتماعي، و عداء على كافة الاصعدة، في حين كان المفروض أن يكون الشعب العراقي أسعد شعوب الارض.
التقيت بالكثيرين خلال رحلتي الاخيرة الى العراق و من مختلف المشارب، جميعهم يستنشقون الحروب و الانتكاسات مع دخان سجائرهم، ويترقبون الازمة القادمة بلا أمل بالنجاة منها، يتحدثون عن الموت المتربص بهم في كل مكان، حتى بات الانسان لا يثق بجاره أو صديقه، و تحول ذلك الفسيفساء العراقي الجميل الى أبشع صورة يمكن للأنسان تخيلها.
فوضى حقيقية و تسيب أخلاقي و موت لمفهوم الوطنية، أحزاب تستخرج النفط لحسابها، وسياسيون يتصارعون على عقود تجهيز النازحين و المنكوبين ليسرقوا قوت يومهم، و القتل على الهوية تحول الى قتل عشوائي، العبوات الناسفة و اطلاق القنابل تحول الى انتحاريين موجهين ليضمنوا لنا الموت، حالة يأس و كآبة سوداوية عامة قامت الدولة بتعزيزها بافعالها.

البراءة

نحن نبرأ أنفسنا من كل ما حدث، لكن الحقيقة هي كالتالي، نحن الذين اشترينا السلاح و الحرب معه، و تبنينا كذلك فلسفة العسكر فخسرنا السلام. نحن نبيت للصدام فيما بيننا في اليوم آلاف المرات، ولا نسمع رأي بعضنا و لا نفهم دوافع الطرف الآخر، حالنا كحال بوش الإبن عندما حدَّث العالم قائلا ( كل من ليس معنا في هذه الحرب، فهو ضدنا) لا وجود للحيادية في حياتنا.

تدعم كل الشيع في العراق مبدأ النفعية على حساب الشيع الأخرى، لتتحول " الأنا " العراقية الى أعلى مراحلها، فحُبسنا في زنزانات المصالح الشخصية. كل الكلمات جوفاء، الدين و الايمان و السياسة، كلماتنا خرقاء لطالما لا ترافقها الافعال، نحن نسير بخطى ثابتة الى المخاض الصعب، و سنحترق جميعا قبل أن نتطهر من الأنانية و النفعية، نحن بعيدين جدا عن مستوى محنتنا، و ادراكنا لم يرتق الى مستوى مأساتنا، لن تشرق شمس الحرية على شعب يصادر حرية ابنائه على أساس اللحية واللباس و المعتقد،اي مهزلة نمر بها يزيد اليزيدي يقتل في الموصل و عمر يقتل في كربلاء و علي يذبح في الانبار.

للمهتمين بانقاذ الوطن،علينا أولا أن نعلن الثورة في داخل انفسنا، و علينا تشخيص شياطيننا الذين يسمحون لنا بالتحارب، علينا الانتصار سلميا في حربنا الداخلية لكي تتطهر أدمغتنا أولا مما ترسب فيها من رواسب ثقافية هدامة و لكي نرتقي بعدها الى مستوى محنتنا.

علينا أن ندرك أن التغيير القسري لأنظمة الحكم بشتى أشكالها و خلفياتها لن يقصّر الطريق الى النجاة بل على العكس تماماً، كل ما سيحدث هو أننا سنستبدل نظاما شموليا بنظام آخر، ربما أكثر شمولية ولكن في أحسن الاحوال بوجوه جديدة تمارس نفس الاضطهاد أو أشد منه. نحن بحاجة ماسة للتفهم و التفاوض و الحوار البناء.

منطقتنا

يقال أن الشرق الاوسط منطقة متخلفة، ربما يكون هذا الادعاء صحيحا لكنني أرفض وَسم شعوب المنطقة بالغباء، نحن بحاجة للقيام بالبحث عن قيادات تشعل لنا مصابيح النور في الاماكن المعتمة، لكي نبصر. القيادات الحالية تعمل محمومة على تضليلنا بكل امكانياتها.
كفانا قتلا، كفانا انتحارا، لنرتفع بافكارنا الى مستوى المضللين و لنعلم أن مصلحتنا على هذه الارض، و مصلحتنا في اجتماعنا و دمارنا في افتراقنا.
على كل شعوب المنطقة، أن نرتقي فوق مستوى الازمة المحلية، فوق مديات القبيلة و العشيرة و الحكومة، وفوق مساحة الوطن، لننتبه الى أن لهذه المنطقة مصير مشترك، و هناك سيف يهدد مستقبلها يتمثل باطماع و اجندات لا تصب في مصلحة شعوبها.
علينا أن نواجه الموت متحدين، إما أن نعيش بكرامة أو نموت بكرامة. علينا الانتصار على الجشع و الانانينة، لنكون أهلا للمعركة الكبرى
لم يبق شئ يقال ، إما أن نكون شعبا ايجابيا يستحق الحياة، و إلا .....

خبر عاجل: مات العراق بعبوة ناسفة قطَّعت أوصال نخيله.... انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط