الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطة ويسكونسين خديعة للعاطلين عن العمل

داني بن سمحون

2003 / 1 / 3
الحركة العمالية والنقابية


قضايا عمالية

 

ازدياد البطالة، التي وصلت حسب احصائيات رسمية الى 264,800، جعل من موضوع البطالة احد الاسئلة الرئيسية في المعركة الانتخابية. يبدو ان ذلك كان السبب وراء قرار الحكومة المصغرة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، الذي صدر بتاريخ 25 تشرين ثان، والذي نص على تطبيق خطة ويسكونسين، الهادفة الى اعادة العاطلين عن العمل المزمنين الى دائرة العمل. القرار الحكومي الذي تم باشراف رئيس الحكومة شارون بنفسه، اتخذ للمرة الخامسة خلال عامين ولا يعرف اذا كان سيرى النور في النهاية.

يذكر ان البطالة اصابت في السنوات الاخيرة الشرائح الدنيا من جمهور العاملين، لاسيما الناس الاقل حظا في التعليم، وتحديدا في الوسط العربي. التجمعات العربية تعاني من البطالة اكثر من التجمعات اليهودية، وهي تتصدر منذ خمس سنوات لائحة المدن والقرى التي اصيبت بنسبة عالية من البطالة. في السنوات 2001 - 1996 ازدادت البطالة في التجمعات العربية بنسبة 126%، مقابل 53% في الوسط اليهودي.

الحاجة لاعادة العمال الى دائرة العمل امر ضروري دون شك، الا ان القرار الحكومي في حقيقته لا يهدف لما فيه مصلحة العمال والعاطلين عن العمل. اصرار الحكومة على مواصلة استيراد العمال الاجانب والتدقيق في تفاصيل خطة ويسكونسين نفسها، يشيران الى ان هدف الحكومة الحقيقي هو ضرب حقوق العاطلين عن العمل. كما انها تهدف الى جعل العاطلين عن العمل كبش الفداء لمشكلة البطالة، وذلك للهروب من مواجهة المشكلة ومعالجتها بشكل جذري.

 

خطة ويسكونسين 

الخطة التي تبنتها الحكومة تحمل اسم ولاية ويسكونسين الامريكية، حيث تم تطبيق هذه الخطة للمرة الاولى قبل عدة سنوات. حسب القرار الحكومي سيتم تطبيق الخطة بشكل تجريبي لمدة عامين. وتشمل الخطة في مرحلتها الاولى 14 الف عاطل عن العمل في اربعة مراكز في البلاد. لتطبيق الخطة تم تخصيص 800 مليون شيكل.

في جوهرها تعتبر الخطة مرحلة في عملية خصخصة مصلحة الاستخدام، فبموجبها سيتم نقل ميزانيات حكومية من الخزينة العامة (ميزانية مخصصات البطالة ودورات التأهيل المهني)، الى شركات خاصة تعمل بهدف الربح. وقد عينت الحكومة على رأس المشروع رجل الاعمال شلومو كريمر الذي من المقرر ان يحصل على 12 مليون شيكل مقابل التخطيط للتجربة ومتابعة تطبيقها.

في اطار خطة ويسكونسين سيتم توجيه العاطلين عن العمل الذين يحصلون على مخصصات ضمان الدخل الى مراكز في اماكن سكناهم. وهناك سيتم تعيين مرافق لكل واحد منهم، بهدف تشخيص قدراته وامكانياته للاندماج في مكان عمل او في دورة تأهيل مهني ملائمة له. المشاركون في التجربة سيستلمون مخصصاتهم خلال الفترة الاولى منها، وذلك الى حين استيعابهم في مكان عمل ملائم.

تبدو الفكرة للوهلة الاولى جيدة ومفيدة. الا ان المشكلة تكمن في احد بنود القرار الحكومي، الذي ينص على ان من يفشل في ايجاد مكان عمل في نهاية البرنامج سيتم شطبه من قائمة العاطلين عن العمل ولن يتقاضى بعدها مخصصات البطالة او ضمان الدخل. على هذه الخطة علقت مراسلة هآرتس روتي سيناي بالقول بانها "خطة تثير الجدل حول جدواها بسبب الجانب الاجباري فيها". (هآرتس، 2 آب)

بعض الخبراء في مجال العمل والاقتصاد انتقدوا الخطة، خاصة انها غير ملائمة للوضع في اسرائيل اليوم. حسب تفسير الخبراء فقد نجحت الخطة بشكل نسبي في ولاية ويسكونسين في الولايات المتحدة، لانها طبقت في حالة من النمو الاقتصادي عندما كان السوق بحاجة لايدٍ عاملة كثيرة. الا ان حالة الركود الاقتصادي في اسرائيل اليوم تشير الى امكانية فشل المشروع (افتتاحية هآرتس، 27 تشرين ثان).

اضف الى هذا ان الخطة تتركز في ما يسمى ب"العاطلين عن العمل المزمنين" فقط، ولا تخص عشرات آلاف العاطلين عن العمل الجدد الذين يعجزون عن ايجاد مكان عمل بسبب الركود الاقتصادي. في هذه الظروف، تلخص افتتاحية هآرتس، "يصعب على العاطلين عن العمل ايجاد مكان عمل لهم حتى ولو مر كل واحد منهم بعملية تأهيل وارشاد جذرية".

 

تقليص التأهيل المهني

في اطار تقليص ميزانية مخصصات البطالة وضمان الدخل، قررت الحكومة ايضا تغيير الشروط التي تسمح للعاطل عن العمل بالانخراط في دورات التأهيل المهني. بموجب القرار الجديد تقرر اولا انه فقط العاطلين عن العمل الذين دخلوا الى قسم ضمان الدخل، سيكون بامكانهم الانخراط في هذه الدورات. وقد اكد للصبار مصدر في مركز التأهيل المهني في طمرة، وهو واحد من اصل سبعة مراكز تأهيل في البلاد، ان التعليمات الجديدة وصلت اليهم وان القوانين الجديدة سيتم تطبيقها ابتداء من مطلع العام القادم (2003).

المفارقة هي ان تقليص حجم دورات التأهيل المهني خلال السنتين الاخيرتين، تزامن مع تطبيق خطة ويسكونسين الغالية التي تهدف في المبدأ الى نفس الغرض – اعادة العاطلين عن العمل الى دائرة العمل. المسؤولون في مركز التأهيل في طمرة اكدوا للصبار ان خريجي دورة مهن البناء يجدون بعد انهاء الدورة اماكن عمل افضل. كذلك الامر مع الخرّيجين من دورات الكهرباء والنجارة والحدادة وايضا مع النساء اللواتي ينهين دورات تأهيل لمساعدة المسنين وحضانة الاطفال.

تقليص عدد الدورات يعتبر حسب دائرة البحث والتخطيط في مؤسسة التأمين الوطني، ضربة قاضية لامكانية عودة العاطلين عن العمل الى دائرة العمل (هآرتس 24 تشرين ثان). يهورام ملكا، المتحدث باسم قسم التأهيل المهني في وزارة العمل، يقول ان القرار الجديد من شأنه ان يزيد 25,000 عامل الى قائمة العاطلين عن العمل غير المهنيين، الذين يتقاضون مخصصات ضمان الدخل.

واضح اذن اننا امام خطوة تتناقض تماما مع الاهداف المعلنة لخطة ويسكونسين، التي تخص العاطلين عن العمل المزمنين. في جميع الاحوال لا يمكن لاية خطة تهدف الى محاربة البطالة ان تنجح، طالما تستمر الحكومة بالسماح بمواصلة استيراد العمال الاجانب.

من هنا تتضح اهداف الحكومة: في البداية تم القضاء على قوة العمال المنظمة تحت ضغط المقاولين. ثم اغرقت سوق العمل باعداد كبيرة من العمال الاجانب وتفاقمت مشكلة البطالة. والآن، وبعد ان تبين ان الاقتصاد الاسرائيلي يقف امام طريق مسدود، بعد ان اصبحت مخصصات التأمين الوطني المرصودة لصالح العاطلين عن العمل عبئا لا يمكن تحمله، تتجه الحكومة لضرب حقوق العاطلين عن العمل وحرمانهم من لقمة العيش.

الميل نحو تقليص ميزانيات الرفاه وخصخصة الجهاز العام، بدأ بالتقليصات في مخصصات البطالة وضمان الدخل. بموجب خطة ويسكونسين سيتم القضاء على عدد كبير من العاطلين عن العمل وشطبهم نهائيا من حسابات الدولة، بينما سيحصل بعض الافراد على ميزانيات هائلة لاجراء تجارب عديمة الجدوى.

 

رقم قياسي للعمال الاجانب في اسرائيل

تحتل اسرائيل المركز الثاني بين الدول الصناعية في نسبة العمال الاجانب. (فقط سويسرا تشغل نسبة اعلى بسبب وجود عدد كبير من الموظفين الذين يعملون في المؤسسات الدولية على اراضيها). المعادلة الغريبة القائمة في سوق العمل الاسرائيلي، هي تعادل عدد العمال الاجانب وعدد العاطلين عن العمل.

المقاولون والصناعيون واصحاب المزارع، يمارسون الضغط باستمرار لمواصلة منح التراخيص للعمال الاجانب الذين يشكلون مصدر ارباح سهل. من الجانب الآخر يقف العمال، وسيما العرب، الذين يعجزون عن منافسة قوة العمل الرخيصة. هذه القوة التي ادت الى تغيير قوانين العمل (زيادة الساعات وتخفيض كلفة العمل)، وبالتالي الى فصل عشرات آلاف العمال من اماكن عملهم.

فيرد دار، خبيرة اقتصادية رئيسية سابقة في وزارة المالية، تقول (يديعوت احرونوت، 15 تشرين ثان): "المقاولون واصحاب المزارع لا يريدون عمالا بل عبيدا لخدمتهم من الصباح حتى المساء باجر زهيد. لو كان الاجر معقولا لكان الكثير من الاسرائيليين مستعدين للعمل. منذ منتصف التسعينات كانت كافة الحكومات على علم بمدى الضرر الذي يلحقه هذا الوضع بالاقتصاد، لكن لم يكن هناك أي رئيس حكومة على استعداد لاتخاذ القرار. كان هذا بسبب الضغوطات التي مارستها شخصيات ذات مصلحة عكفت على زيارة وزارة المالية ليل نهار". ازاء هذا الوضع تطالب الخبيرة الاقتصادية باقامة لجنة تحقيق لبحث الخلل الكبير.

 

الصبار  

 كانون اول 2002 ، العدد 159

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار اعتصام طلاب جامعة جورج واشنطن في مخيم داعم لغزة


.. المغرب.. معدلات البطالة تصل لمستويات قياسية




.. أخبار الصباح | لندن: ضربة مزدوجة من العمال للمحافظين.. وترمب


.. رغم تهديدات إدارتها.. طلاب جامعة مانشستر البريطانية يواصلون




.. بعد التوصل لاتفاقيات مع جامعاتهم.. طلبة أميركيون ينهون اعتصا