الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل المبررات لكي لا تكون صحفيا

نورالدين هميسي

2015 / 6 / 10
الصحافة والاعلام


كيف ينظر الصحفيون إلى أنفسهم؟. وكيف ينظر الناس إلى الصحافة؟. كلنا نقرأ الصحف، نشاهد التلفاز، نستمع للإذاعة ونبحر عبر الإنترنت، ولكن هناك اختلافات في تقييم ما نقرأ. لقد تحولت مقولة الصحافة بوصفها "سلطة رابعة" إلى أسطورة حضرية une legende urbaine، صدقناها لدرجة أنه يكفي أن يغضب منك الإعلام لكي تنسحب من اهتمامات الناس. هذا الحكم بات كلاسيكيا لأن ثمة ما ينبئ بتحولات جذرية في فعل الاتصال باتجاه اللامركزية.
قبل اللامركزية، كان الإعلام بالتدرج، من الصحيفة إلى الإذاعة ثم إلى التلفزيون، اكتشافا سياسيا جذابا في الأصل، وهذا ما برر ارتباط الإعلام في الغالب بغائية سياسية معلنة أو من خلف حجاب. هذا ما برر أصلا بروز علم للإعلام على خلفية التورط الفاضح للإعلام في الدعاية للحرب أو لمشروع رأسمالية مشبوهة. كان نموذج المركزية القائم على الهيمنة السياسية المطلقة على الإعلام، أي مركز في مقابل نهائيات des terminaux، شائعا كثيرا في كل الدول، واقتصرت المهمة الموكلة للصحفيين في توحيد تفكير الناس وقيادته نحو رأي واحد وقالب واحد من السلوك.
نجح الصحفيون كثيرا في إنجاز هذه المهمة، والغريب في الأمر أن غياب التعدد في وجهات النظر جعل من الصحفيين أبطالا في نظر الناس، وهكذا أصبح ضحايا الإعلام والدعاية التي يقودها الصحفيون يثقون في كل ما يقال، ليس في ألمانيا وإيطاليا فقط، وإنما في كل أصقاع العالم. في سنوات الحرب الباردة كانت الأصوات المغايرة والمعادية لدعاية الإعلام الموجه تصدّ عن طريق التشويش. عندما زار الرئيس السوفياتي نيكيتا خروتشوف الولايات المتحدة في أسوأ أيام الحرب الباردة خرج كل الأمريكيين لشتم هذا "الشيطان" الذي لا يعرفون عنه من الإعلام سوى أنه "شيطان".
يبدو كل هذا الكلام غريبا اليوم لأن هناك ما يتغير بسرعة. لقد فتحت الأنترنت المجال لنوع جديد من العمل الصحفي، الكل يقول والكل يستمع. بإمكانك أن تختار ما تقرأ وبإمكانك أن تكون كذلك صحفيا يكتب للناس ما يشاء ويمارس الدعاية والدعاية المضادة. لم تعد الدعاية هي الشيء الوحيد الذي يدرس في الإعلام، بل ظهرت مادتها المضادة على المقررات وتم تسميتها بـ"نزع السم" la désintoxication. يزعزع هذا المصطلح كثيرا كبرياء الصحفيين ذوي التوجه الكلاسيكي لأنه وبشيء من الاستعارة يرسمهم على شاكلة "أفاعٍ سامة".
لقد نمت ثقافة الناس اليوم في الإعلام، أرقام بيع الصحف تومئ بتراجع رهيب ولو أن هذا عائد إلى صعود الصحافة الرقمية، ولكن التلفزيون أيضا يشكو من تراجع المشاهدات للبرامج السياسية خصوصا. قد تعيد الأزمات الناس للاطلاع على الأخبار، ولكن على العموم هناك عزوف باتجاه الأنترنت التي تجعلك صحفيا كما تشاء، لا عبدا لصحفيين ينفثون السموم. في البدايات الأولى للصحافة، كتب أحد الفلاسفة الفرنسيين: "إذا كانت الصحف غير موجودة فلا يجب ابتكارها"، محاكيا مقولة فولتير الشهيرة "إذا كان الله غير موجود، فيجب ابتكاره". اليوم دائما، ارتبطت سمعة الإعلام بشكل مقيت بالشموليات وبالمجازر الكبرى ضد البشرية، صرنا نعرف هذا جيدا ولا يزال هناك من يقرأ الصحف ويشاهد التلفزيون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -علموا أولادكم البرمجة-..جدل في مصر بعد تصريحات السيسي


.. قافلة مساعدات إنسانية من الأردن إلى قطاع غزة • فرانس 24




.. الشرطة الأمريكية تداهم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب


.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24




.. بلينكن يلتقي من جديد مع نتنياهو.. ما أهداف اللقاء المعلنة؟