الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر السياسي الإسلامي بين اليوتوبيا و الديسيتوبيا

عمر يحي احمد

2015 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



يستمد الفكر بصورة عامة أهمية قصوى في خارطة الوجود الكوني وصيرورة عقل الإنسانية وذلك بإعتبار إن الفكر هو عبارة عن نشاط عقلي إنساني يأتي نتاج لسؤال موجه أو مشكلة ماثلة أو ظاهرة مستحدثة و من هنا أخذ الفكر صفتين أساسيتين هما ـ الإنسانية و الوجودية ـ وهنالك علاقة وثيقة تربط بين هذين الصفتين لقد إرتبط وجود الفكر بوجود الإنسان فحيثما وجد الإنسان وجد الفكر بغض النظر عن ماهية وطبيعة هذا الفكر من منظومة أطوار الفكر الإنساني .
تختلف أنواع و تقسيمات الأفكار من مفكر إلى أخر و من زمان إلى زماناً أخر إلا إنه يمكن حصر الأفكار بصورة عامة في قسمين أساسيين :
1 ـ أفكار عقلية وضعية : وهي التي إستحدثها الإنسان كنتاج عقلي .
2 ـ أفكار آلاهية دينية : وهي التي وضعها الله للبشرية من خلال إرسال الرسل .
الفكر السياسي الإسلامي هو أحد منظومات الأفكار الدينية ، عليه يمكن الحديث عن الفكر السياسي الإسلامي من اليوتوبيا إلى الديسيتوبيا في المحاور الأتية :
أولاً : ماهية الفكر السياسي الإسلامي
هنالك ثمة مجموعة من التعاريف التي حوتها الكتب أو أوجدها العلماء حول ماهية الفكر السياسي الإسلامي عليه يمكن تعريف الفكر السياسي الإسلامي ـ كتعريف شخصي ـ بإنه الطريقة التي يفسر ويمارس بها المسلمون السياسة إستناداً على نصوص ( مصادر ) التشريع الإسلامي .
ثانياً : طبيعة الفكر السياسي الإسلامي
يتميز الفكر السياسي الإسلامي بمجموعة من الخصائص و الصفات إلا إنه يمكن حصر طبيعة الفكر السياسي في خاصيتين :
الأولى : إنه فكر ديني .
الثانية : إنه فكر يقوم على مجموعة من المبادئ هذه المبادئ أشارت لها ـ مصادر التشريع الإسلامي ـ .
بالرغم من إختلاف العلماء حول طبيعة الإسلام ـ كدين ـ و بين السياسة ـ كعلم و سلوك ـ إلا إنه هنالك ثلاثة من المستويات التي تربط بين الإسلام كدين وبين السياسة كعلم أو سلوك بشري وهذه المستويات تتمثل في الأتي :
ـ مستوى : الفقه السياسي ( وهو يركز حول الكليات والغايات ) .
ـ مستوى الفكر السياسي الإسلامي ( وهو يرتبط بالجزيئيات ) .
ـ مستوى التيارات والحركات السياسية الإسلامية ( وهو يرتبط بالواقع ومبدأ الخصوصية ) .
وعند الحكم على أي فكر سياسي أو سلوك للتيارات يجب النظر إلى المستويات الثلاثة كما يجب التفرقة بين الفكر و الممارسة .
ثالثاً : منهج الإصلاح في الفكر السياسي الإسلامي
منهج الإصلاح هو الطريقة التي من خلالها يتم تحويل المجتمع من وضع إلى أخر و عند إستقراء مناهج الإصلاح التي أوجدها الإنسان أو وضعتها الإطروحات الإصلاحية المرتبطة بجميع الإسهامات الأدبية نجد إن هنالك منهجين للإصلاح بصورة عامة :
1 ـ منهج الإصلاح من أعلى : وهو يركز على السيطرة على آليات الإصلاح و التغيير ومن ثم إسقاط هذه الإصلاحات على المجتمع و غالباً ما تكون السيطرة هنا بمعني الوصول إلى السلطة العليا في المجتمع .
2 ـ منهج الإصلاح من أسفل وهو يعني التركيز على الفرد ثم المجتمع ثم الدولة وهي يتمحور حول إصلاح الفرد أولاً وهو عكس منهج الإصلاح من أعلى .
يتضح من خلال النظر إلى تاريخ الدولة الإسلامية إنها دولة قامت على مبدأ الإصلاح من أسفل فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يهتم بتربية والأطفال ـ كنشئ ـ و تعليم الصحابة ـ كأفراد ـ لذلك مرت الدولة في الإسلام بمرحلتين:
ـ مرحلة الدعوة وهي مرحلة الإصلاح من أسفل .
ـ مرحلة الدولة : وهي إمتداد للإصلاح من أسفل .
إن المنهج الإسلامي لايؤيد الميكافيلية بإعتبار غائية السلطة فلطالما إن الفكر السياسي الإسلامي يبنئ على أهداف وغايات نبيلة فإنه يرفض منطلق الغاية تبرر الوسيلة .
رابعاً : الفكر السياسي الإسلامي بين اليوتوبيا و الديستوبيا

يستخدم مصطلحي اليوتوبيا والديستوبيا للدلالة على الإختلاف بين الفكر و الممارسة و النظرية والتطبيق أو ما يجب إن يكون وما هو كائن لقد تعرضت كثير من النظريات و الإطروحات إلى النقد و الوصف بالإختلاف بين النظرية و التطبيق العملي ولم يكن الفكر السياسي الإسلامي بمعزل عن هذه القاعدة عليه يمكن تلمس مظاهر الديستوبيا في الفكر السياسي الإسلامي في المحاور الأتية :
1 / ندرة مصادر الفكر السياسي الإسلامي الأصيل
هنالك أكثر من 50 % إلى 60% من مصادر الفكر السياسي الإسلامي غير موجود أو لم يتم الحصول عليها وحوالى 70 % منها كتبت بصورة غير موضوعية في بيوت الحكام و الأمراء .
2 / النزعة الأدبية و اللغوية
معظم الكتب التي كتبت في الفكر السياسي الإسلامي ( مقدمة ابن خلدون ، الأحكام السلطانية ، السياسة الشرعية ، ....الخ ) قد أهتم العلماء فيها بالجوانب اللغوية من حيث الإعراب و النحو فخلقت حالة من الغزلة وهنا لم يكن بمقدور العقل المسلم المجرد فهم محتوى الفكرة أو فهمها بصورة خاطئة وفي الوقت الحالى أصبحت هذه الكتب صحيحة من حيث اللغة مبهمة من حيث المدلول .
3 / العُزلة الفكرية
وهي نشأة بسبب أن 90% من المفكرين المسلمين الذين يكتبون عن الفكر السياسي الإسلامي لا ينتمون إلى أي حزب أو جماعة و من جانب أخر يظل معظم المفكرين في الأحزاب و التيارات السياسية الإسلامي غير متخصصين في الفكر السياسي
4 / ظهور الدولة القومية و تراجع مفهوم دولة الخلافة
أصبحت الدولة الإسلامية الآن دولة قومية تقوم على العرق و القومية أكثر من كونها دولة خلافة عامة تخضع لخليفة وأحد وسلطة عليا هي سلطة الإسلام و وكان المفهوم الحقيقي لمفهوم الدولة الإسلامية هو الدولة الإسلامية هي الدولة التي يحكمها خليفة مسلم و تكون الغالبية فيها للمسلمين و تتعامل بنصوص الإسلام من قرآن و سنة إلا إنه أصبح الآن مفهوم الدولة الإسلامية يدور حول خمسة إحتمالات :
1. الدولة الإسلامية هي التي تكون الغالبية فيها للسكان المسلمين .
2. الدولة الإسلامية هي التي يحكمها رئيس مسلم .
3. الدولة الإسلامية هي التي ينص قانونها على إن دين الدولة هو الإسلام .
4. الدولة الإسلامية هي التي تكون الغالبية فيها للمسلمين ويرئاسها حاكم مسلم .
5. لا توجد دولة إسلامية و إنما يوجد إسلام و مسلمين فقط .
فما هي الدولة الإسلامية الآن ؟ .
5 / النزعة السلطوية
توصف معظم التيارات و البيوتات السياسية الإسلامية المعاصرة بإنها حركات سلطوية تسعى إلى الحصول على السلطة وليس تطبيق تعاليم و مبادئ الإسلام و بالتالي تصبح السلطة غاية و الإنقلاب أو كل الطرق وسيلة ومن هنا تشابهت كثير من الدول القومية أو الوضعية مع كثير من الدول التي كانت من الممكن أن تكون دولة إسلامية تقوم على مبادئ الفكر الإسلامي وهنا تحولت الدولة في الفكر السياسي الإسلامي من ما يجب إن تكون عليه في نصوص الإسلام إلى ما هو عليه في أرض الواقع .
أصبحت الدولة الإسلامية عبارة عن دولة يوتوبيا ـ خيالية ـ و أصبحت الدولة القومية ـ ديستوبيا ـ وحلت الثانية محل الأولى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة