الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجرم الضحية

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 6 / 11
حقوق مثليي الجنس


وفق التقسيم المُتعارف عليه لعمليات العُنف في المجتمع ، فقد تكون واحدا من إثنين ،إما أن تكون مجرما أو تكون ضحية ، أما أن تكون الإثنين معا ، فهذه وحقك معجزة في زمن توارت فيه المعجزات .
" رغم معرفته بالكاميرات التي كانت تصوره في كل عملية شاذة بينه وبين المجرم الضحية" ..!! هكذا صورّت صحيفة طرفي المعادلة العُنفية ، في خبرٍ نشرتهُ عن إلقاء القبض على شخصين ، أحدُهما بالغ والثاني قاصر .. "يُقيمان "علاقة جنسية ..؟!! لكن الحقيقة هي بأن البالغ يعتدي جنسيا على القاصر وما حصل بينهما ليس علاقة جنسية من أي نوع ، بل ما حصل هو اعتداء جنسي .
والصحافة تُعبّر وتنطقُ بإسم ثقافة مُجتمعية سائدة ، ولا تأتي من فراغ ... فهذه الثقافة والعقلية تعتبرُ ضحية الإعتداء الجنسي مجرما ، مثله مثل المعتدي المُغتصب .. وذلك فقط ،لأن الضحية لم تتمكن من الدفاع عن نفسها ..فتحولت بقدرة ثقافة متخلفة الى "المجرم الضحية " ، ووفق هذه المُعادلة يوجد مجرم معتدي ومجرم ضحية ، كلاهما مجرمان ويستحقان العقاب ..!!
فهل هذا هو الحال ، مع الضحايا التي ألقتْ بهم داعش من بناء شاهق ؟؟!! هل كان هؤلاء مجرمون معتدون ومجرمون ضحايا ؟؟!! وإذا كان عقاب المجرم والضحية متساويا ، فهذا يعني عدم وجود ضحايا في معادلة الإعتداءات الجنسية ؟؟
وتبعا لذلك نستطيع الإستنتاج بأن "تحميل الضحية " مسؤولية تعرضها للإعتداء ، هو في حقيقة الحال صك براءة للمعتدي ..!! وهذا ليس بمستغرب على ثقافة الصحراء .. فأنتَ في الصحراء "معتدٍ محتمل وضحية سانحة أيضا " ، فأنتَ هذا وذاك ، قد تسلبُ وقد تُسلب ، قد تقتل وقد تُقتل ، قد تغتصبُ وقد تُغتصب ..!! فأنتَ وأنتِ هذا وذاك ، مزيجٌ من الضدين ..
وبما أن المعجزات في القرن الحادي والعشرين هي من نصيب العرب والمسلمين بشكل حصري ، فمعجزة المجرم – الضحية أو الضحية – المجرم في ذات الشخص منتشرة كثيرا جدا في اوساط العرب والمسلمين. فالرجل العربي "الارهابي " في بيته مثلا ، هو حمل وديع وجرو ذليل عند مديره في العمل وامام ضابط الشرطة ، وفي مواجهة السلطة بشكل عام . فمن جهة هو معتدٍ في بيته وضحية خارجه .. وقس على ذلك .
وقبل أيام وفي القاهرة ، تعرض رجل للإعتداء الجسدي ، تم اثره نقله الى المستشفى ، لأنه "يشبه " النساء فقط ، فظن هؤلاء الرعاع بأنه مِثلي أو مُخنث ..!! ولنفترض بأنه مثلي ، فليس من حق احد أن يعتدي عليه ..
ورغم ان المظهر لا يدل كثيرا على نوعية الميول الجنسية للفرد ، فمن حق كل فرد أن تكون ميوله الجنسية منسجمة مع سلوكه الجنسي ، وليس من حق أحد ، كائنا من كان أن يعتدي على انسان لمجرد ان لهذا الانسان ميول جنسية مختلفة ومخالفة ..
ومن المآسي التي يُعاني منها مجتمعنا ، هي معاقبة الضحية وتبرئة المعتدي ، في معادلة الاعتداءات الجنسية ، من طرف واحد . أما من الطرف الثاني ، فهذه "الثقافة " المجتمعية العربية "تُعاقبُ " شريكي علاقة جنسية مِثلية تمت برغبة متبادلة واتفاق الطرفين ...
فالمعتدي وفق هذه الثقافة ، هو على حق دائما ، والضحايا مذنبون .. غالبا ..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزميل انيس عموري من الفيسبوك
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 6 / 12 - 05:39 )
صباح الخير
اتفق معك في تشخيصك .
والإسلام السياسي الوهابي بامواله الطائلة ، جعلَ الوغدنة (من وغد ) أسلوب حياة !!!
فالحثالات من الاوغاد ،هي التي تتصدر المشهد.
لك مودتي

اخر الافلام

.. الأونروا تقول إن خان يونس أصبحت مدينة أشباح وإن سكانها لا يج


.. شبح المجاعة في غزة




.. تشييد مراكز احتجاز المهاجرين في ألبانيا على وشك الانتهاء كجز


.. الأونروا: أكثر من 625 ألف طفل في غزة حرموا من التعليم بسبب ا




.. حملة اعتقالات إسرائيلية خلال اقتحام بلدة برقة شمال غربي نابل