الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا لو ألغينا التعليم في الجزائر ؟ .

صالح حمّاية

2015 / 6 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



رغم السعار المحموم الذي يتصاعد صداه في الجزائر هذه الأيام بدعوى الخوف على مستقبل الجزائر من ما طال العملية التعليمية من غش وفضائح (و الذي يزعم فيهم الكثيرون أنهم يخافون على الجزائر ومستقبلها ) دعونا نتساءل وبعيد عن دوغما الإعلام المعتادة :و هل حقا التعليم في الجزائر يستحق كل هذه الشوشرة التي يثيرها هؤلاء لنهتم له ؟ فهل مثلا التعليم الذي نصرف عليه الكثير من الوقت و المال وحرق الأعصاب أفاد الجزائر بشيء ؟ و هل قدم لنا هذا التعليم أي تقدم أو ازدهار أو زيادة في الإنتاج لندافع عنه وعن بقاءه ؟ . بل دعوني اذهب ابعد في تساؤلاتي : هل لو ألغينا التعليم سيتغير في الجزائر شيء ؟ .

عن نفسي وكما أتوقع فلا اضن ان أي شيء سيتغير في الجزائر لو ألغينا التعليم (هذا أن لم نقل أن الوضع سيتحسن ) لأنه وعلى اقل تقدير فالجزائر كدولة الآن لا يظهر عليها أي من بوادر التقدم العلمي أو التكنولوجي، أو حتى بوادر المنافسة مع العالم المعاصر الرائد في البحث العلمي لنقول أن هذا التعليم إذا الغي سيضر بها ، الشيء الأخر (خاصة و لمن سيقول لي كيف تقول هذا الكلام فالجزائر قائمة الآن بالعلم ) فردي هو : وهل أنت رأيت يوما للعلم أثرا في إدارة الجزائر لكي يكون لغيابه اثر، فعلى سبيل المثال هل تصاغ قوانين و مشاريع الدولة بطريقة عقلانية و علمية ؟ و هل الحكومة حال سن قانون تراعي الدراسات العلمية الخ ؟ وعن نفسي فانا أرى أن الجواب هو لا ، فالدولة وكما اتبتت التجارب تديرها الأهواء و الامزجة ، وفي كثير من الأحيان الحسابات الأيدلوجية ، ففي قضية كقضية تجميد بيع الخمور ، كانت تعليمة الإيقاف ذات بعد أيدلوجي بحث ، ولو فكر السيد الوزير الأول بطريقة علمية ولو للحظة لكان تركها كما هي خدمة للاقتصاد الوطني الذي فيه المنتج الوطني الوحيد الرائج (عدي النفط هو الخمر) لكن الوزير لم يفكر و قدم الأيدلوجي على الحسابات العلمية ، و عليه فنحن نقول انه لا فائدة ترجى من تعليم لا يؤخذ به ، لأن أي تعليم لا يستفاد منه هو تعليم بلا جدوى ، وعموما فهذا هو الحال بما تعلق بالدولة و النظام فقط ( والتي حاله أحسن بالمناسبة ) فبالنسبة للشعب فحدث ولا حرج ، فهل رأى احد من هؤلاء مرة الشعب يطالب بتدخل العلم في إدارة شؤونه السياسية أو الحياتية ، أو على الأقل هل سمع احد ممن هؤلاء نقاشا علميا يدور مرة في الجزائر حول اكتشاف علمي كبير ، أو حول نظرية علمية ذات دلالة فارقة في التاريخ البشري ؟ .

عن نفسي وكجزائري عاش في الجزائر فانا لم أرى ، فالشعب بالعموم مخدر بالتضليل الأيدلوجي، وغالبا تحكمه الحسابات الشعبوية والأيدلوجية ، أما العلم فغالبا هو تهمة لمن "يتعاطاه" ، ففي الجزائر لو حدثت الناس بطريقة علمية (عدى فئة قليلة ) فغالبا أنت متكبر تتفلسف عليهم ، أو تغريبي يريد فرض تصورات غربية ، أو متذاكي ولا تفهم العالم الواقعي القائم على القوة و البطش و "القفازة" ؛ بل إن الشعب وللأسف في كثير من الأحيان يعادي ما هو في صالحه في عداء صريح للعلم و العقلانية على غرار مثلا فرض الحكومة قانون تجريم ضرب المرأة و الذي لو ترك للأهواء الشعبية لربما تم تقنين الضرب بدل منه كما يريد ناشرو الجهل و التخلف ، و من هنا و كما نرى فلا الشعب و لا الحكومة لديه تصور عن العلم ، أو نظرة ايجابية حوله لنقول انه ذو فائدة لنا ، ولهذا فالحال كما ترون بائس ومنحط والذي يجدر التنويه انه هو بالتحديد سبب الغش في الباكالوريا ، وسبب تدهور النظام التعليمي في الجزائر للذين لا يزالون يجهلون جوهر المعضلة ، ففي الجزائر نحن نتعلم في إطار شكل الدولة التي ورثناها ، فنحن كشعب نرى انه من شروط وجود الدولة أن يكون هناك تعليم وصحافة و فن الخ ، ومن هنا لدينا صحافة و تعليم وقضاء الخ ، لكن هل لهذه الكيانات أهمية في حياتنا ، أو أنها تلعب دورها في إفادتنا ؟ فالجواب هو لا ، فالتعليم هو مجرد وسيلة للترقي الوظيفي ، ومجرد وثيقة مفيدة للشغل ، وعليه أنت تجد الكثيرين يتصارعون لنيل الشهادة ، أما التحصيل العلمي فهو لا يهمهم ، و هذا بديهي في النهاية فالعلم ليس هو المهم ، بل الشهادة ، و طبعا ما دامت الشهادة هي الهدف ، فلا باس من التزوير و الغش و التحايل في سبيل نيلها .

و عموما الكارثة و رغم فداحتها لا تنتهي هنا فقط ، ففي الجزائر لم يقتصر العداء للعلم في فقده لقيمته في إطار الصراع المجتمعي القائم على القوة و البطش للترقي ، لا على المنطق و العقلانية ، بل أيضا في يقين الحكومة و الشعب في لا جدوى التعليم من الأساس ، فسواء الحكومة او الشعب فالكل يعلم أن الدخول في مجال السباق العلمي مع العالم المعاصر صار مستحيلا ، فالغرب و الشرق فاقونا بقرون من البحث العلمي ، لهذا فبدل محاولة اللحاق بالأوائل ، هم يرون انه يجب عيش الحياة كيفما اتفق انتظارا للحظة الفناء التي تغذيها النزعة الدينية العدمية التي تبشر بفناء العالم ؛ و هكذا كان أن الحكومة باتت تدير العميلة بطريقة شكلية من باب أن لدينا تعليم ، والشعب يدرس من باب انه يدرس ، وكلٌ يعيش حياته في إطار ما استطاع أن ينال من قوة ، لا بما استطاع أن يشرح بمنطق و تفسير علمي .

وطبعا من هكذا منظور جاز لنا القول انه "ولما لا نلغي التعليم أساسا ؟" فلو كان التعليم سيسبب لنا كل ذلك الصداع و الإجهاد وفي النهاية بلا فائدة ، فلنلغه ونرتاح ، ولنعش حياتنا بسلاسة وبشفافية ، لأنه ودعوني أذهب بعيدا في القول ، أن إلغاء التعليم لن يريح الجزائريين فقط ( تعرفون مصاريف وضياع وقت ووجع راس لا ينتهي ) بل وسيفيدهم ، فمن الأمور العجيبة في النظام التعليمي في الجزائر انك تقرا خبر كالذي نشرته احد الصحف الجزائرية يقول " خلايا نائمة تجمد الجامعيين لحساب داعش " ( جريدة الصوت الأخر 28 /05/2015 ) وكما تلاحظون فهذه فضيحة لهذا النظام التعليمي ، لأنه سابقا كانت الجماعات الجهادية تجند الجهلة و الأميين لجعلهم وقود في حربها لأنهم بسطاء ومساكين لا يفكرون جيدا ويسهل خداعهم ، لكن اليوم ها هي الجامعة الجزائرية بجلالة قدرها تمنح للإرهابيين شبابا متعلم هو أسوء من الجاهل و الأمي ليجندوه ، ما يعني أن الأمية و التخلف الذي يخلقه اللاتعليم في الجزائر ، هو أفضل و اسلم للجزائر من هذا التعليم !!! فهل بعد هذا ظل للتعليم في الجزائر من قيمة تجعلنا نبقي عليه أو ندافع عنه ؟ أم ان الأصل هو انه يجب أن يحارب و يمنع حماية للوطن من شره ، فإذا كانت الجامعة التي هي رافعة المجتمع تصبح مفرخة للإرهابيين كما هو أي مسجد بائس ، فهذا التعليم يجب أن يلغى ، بل وان يحارب لان الأمية و الجهل أفضل من تعليم غاسل للعقول ، وحاشي للخرافات و التعصب في رؤوس من يتمدرسون فيه .


وهكذا إذن وهي الحقيقة المرة التي ننتهي لها ، فهذا هو حال التعليم في الجائر ، فاليوم التعليم وللأسف لم يعد لتخريج نخبة تقود البلاد بالأطر العقلانية و الطرائق العلمية الحديثة ، بل التعليم هو وسيلة حشو ونشر للتطرف و الإرهاب و الايدولوجيا (سياسة التعريب نموذجا ) لهذا فالطالب بديهي يغش و يزور ، فهو يعلم ان من يدرسه لا يدرسه ليجعل منه عالما يكتشف دواءا ، أو مهندسا يبدع اختراعا ، بل هو يدرسه ليحشوه بالأكاذيب ، و يدس له الأباطيل التي لا فائدة منها سوى قمعه وتقييده ، وعليه فلما لا يغش فيما الآخرون يكذبون ويغشون و ينجوا في صراع الكذب و القوة كما يفعل الآخرون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لهذا التنوير
صلاح يوسف ( 2015 / 6 / 12 - 18:05 )
الكاتب المحترم، أعتقد أن الدكتور نبيل علي في كتابه ( الثقافة العربية وعصر المعلومات ) قد أشار إلى أن التعليم بلا مدارس قد يكون فعلا أفضل كثيرا من التعليم بالمدارس .. فالمناهج متخلفة يكتبها متخلفون ويدرسها معلمون أكثر تخلفاً وبؤساً .. أنا مع إلغاء التعليم في العالم العربي لأنه لا ينتج إلا الوحوش والإرهابيين وقليلي الذوق ومنعدمي الضمير والوجدان.

اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات