الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة الكهرباء

عبد الحسين العطواني

2015 / 6 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


تميزت الأوضاع العامة في العراق منذ عام 2003 بغياب الحكم الجيد الذي يعني غياب السلطة التنفيذية القوية , وضعف الفاعلية الحكومية , وغياب الإدارة الكفوءة في ظل ضعف المساءلة البرلمانية للحكومة , وضعف آليات المساءلة الداخلية , وكانت نتيجة ذلك سوء استخدام الموارد المالية , وسوء إدارتها , إلى جانب ضعف قدرتها على تحقيق الاستقرار , وغياب النزاهة , وارتفاع نسب الفقر والبطالة , وضعف الإشراف الذي تمارسه الجهات الحكومية على توفير الخدمات الأساسية للمواطن , خاصة خدمات الطاقة الكهربائية التي تعتبر الشريان الحيوي لإدامة الحياة , كونها تدخل في كافة المجالات بدأ من الإنارة ومعدات الطعام , ومرورا بالصناعة , والتدفئة والتبريد , والمستشفيات , والاتصالات , وأخيرا بخدمة الانترنت .
لكن المؤسف إن الطاقة الكهربائية في العراق سيئة جدا , ولا تلبي حاجات مؤسسات الدولة , ولا حتى حاجة المواطن , ونعترف من أنها ليس بالماضي القريب , بل منذ زمن النظام السابق , وقد تفاقمت الأمور وازدادت سوء عند دخول الاحتلال الذي قصف ودمر محطات الكهرباء بشكل متعمد , وساعد على نهبها وسرقتها , مما أدى إلى آثارها السيئة على المواطن العراقي , ومؤسسات الدولة , ليضطر إلى إيجاد حلول أثقلت كاهله المادي , إذ لجأ إلى المولدات الكهربائية الأهلية التي لا تخضع لنظام تشغيل , أو اجر موحد , لتوفر له اقل ما يمكن من الخدمة لسد جزء بسيط من حاجاته , كالإنارة , وتشغيل جهاز واحد كأن يكون الثلاجة مثلا , أو مبردة واحدة ,أو المراوح, وصاحب هذا البديل حرمان الكثير من العوائل لعدم إمكانيتها من دفع أجور المولدة , لتستمر معاناتهم في حرارة الصيف الملتهبة , وبرودة الشتاء .
فأسباب الإخفاق في توفير الطاقة الكهربائية كثيرة إلا أن أهمها, اغلب المشاريع التي تعتمدها الحكومة في مجال الكهرباء مشاريع للترميم , ولا تقوم على مفهوم التغيير والبناء الحقيقي, وإنما على الإصلاح الذي يجري في ظل الأطر التقليدية , على الرغم من الميزانية العالية والتخصيصات لأعمار الكهرباء , لكن يبدو أن ملازمة عملية الفساد لهذه المشاريع جعلتها تدور في محور( الترميم ) , وليس التغيير والتشييد كما أسلفنا .
لذلك باتت مشكلة الكهرباء من الصعوبات التي تواجه الحكومة لعدم توافر إرادة قوية لدى الحكومة لمكافحة الفساد المؤسسي , والإداري , فضلا عن أن الموارد المالية الناجمة عن مكافحة الفساد , والإصلاح المالي والإداري , وتوجيهها في خدمة التنمية , وبالتالي النهوض بواقع خدمي فاعل يأتي في مقدمته توفير التيار الكهربائي للمواطنين.
ومما تقدم من ملابسات وتداعيات رافقت عملية الإصلاح في المنظومة الكهربائية في ظل قدرات ضعيفة , وتدهور شبه كامل , فمن المجحف جدا واللا منطق أن نضع اللوم وهذا التدهور في الطاقة على كاهل السيد وزير الكهرباء الحالي , وبغض النظر عن الطموح والصيحات العالية للمطالبة بضرورة مواكبة الطاقة الكهربائية سد الاحتياج الفعلي من الاستهلاك , فان المواطن وبدون شك يشعر أن هناك تحسن تدريجي في ساعات القطع المبرمجة منذ تسنم السيد الوزير ( الفهداوي ) مهامه في الوزارة قياسا بالفترة الماضية , وهذا ناتج عن الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الكهرباء , وتماشيا مع هذه الحالة نجد في هذه الأيام تصاعدت الدعوات لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية , التي دعت إليها بقوة المرجعية الدينية الرشيدة , لتقليل الأحمال على الشبكة الوطنية وعدتها مسؤولية شرعية ووطنية وأخلاقية , ونحن بدورنا كمواطنين من منطلق أن المسؤولية مشتركة , فضلا عن كونها شرعية بتوجيه المرجعية, لذلك لزاما علينا تضافر كل الجهود , وتعاون جميع الجهات من اجل تذليل الصعوبات التي تعترض أي برنامج , أو خطة من شأنها تساعد على ترشيد استهلاك الطاقة , منطلقين من مبدأ أساسي إلى آن أهداف ترشيد الاستهلاك هي لتحقيق منفعة الفرد بغض النظر عن كونها مشروعة , أو غير مشروعية , مع أن الترشيد في ابسط معانيه ( هي مجموعة الإجراءات والتدابير المتخذة بهدف استخدام الطاقة بالشكل الأمثل والحد من الهدر ) , وترشيد الاستهلاك لا يعني تقليل الاستهلاك , أو الاستغناء عن الضروريات , بل هو عدم الإسراف في أي شئ يتصل بالمال , أو الملبس , أو المسكن , وكما أن المنظور الإسلامية دائما على خطر الإسراف والتبذير على الفرد , وبالتالي على المجتمع بوصف الاستهلاك احد مكونات الدخل القومي , ومؤشرات الرفاهية فالمجتمع .
أخيرا أملنا كبير بإعطاء موضوع ترشيد الاستهلاك أهمية قصوى من خلال حسن استخدام المجهز من الكهرباء , وعدم التبذير في استخدامها بتغيير طريقة السلوك لدى البعض في اللامبالاة لتحقيق الهدف المنشود لإنجاح الحملة , وفضلا عما تقدم نرى من الضروري التأكيد وملاحظة النقاط الآتية من قبل الجهات المسؤولية , والمواطنين كإجراءات عملية تحد من هدر الطاقة وكما يلي : على المؤسسات الحكومية الخدمية منها والإنتاجية ضرورة الابتعاد عن استنزاف الطاقة , والتفكير بمعاناة المواطنين مع دفع الديون التي بذمتها أولا بأول لكي ينتبه المسؤولون في هذه المؤسسات عن المبالغ العالية التي يستوجب دفعها مقابل زيادة الصرف , وهذا ينطبق على المؤسسات الأهلية من شركات ومصارف ومعامل , ملاحظة الاستخدام المفرط للكهرباء في المطاعم والمحال التجارية والباعة المتجولين تجاوزا خارج نظام العداد والميزانية , رصد ومتابعة التخريب المتعمد بسرقة القابلوات والأسلاك الكهربائية وبيعتها كنحاس , وضع نظام معين لتجهيز المناطق العشوائية بالتيار الكهربائي وعدم ترك الأمر للمتجاوز على الكهرباء حيث ما يشاء وبالطريقة التي تؤمن له استمرارية الحصول على الطاقة خارج اطر البرمجة المطبقة على المستهلكين المشتركين .
لذلك أصبحت مسألة الترشيد في ظرف العراق الاقتصادي والأمني الحالي , السبيل الأمثل الذي عن طريقه يمكن التغلب على أزمة الكهرباء وتلبية حاجة المواطنين وخاصة المرضى والمعاقين وكبار السن, فالالتزام بها والتأكيد عليها لا يقل أهمية عن مواجهة التحديات التي تواجه البلد وفي مقدمتها زمر داعش الإرهابية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال غزة الخدج .. مصير ما بعد الإنقاذ


.. مقربون يكشفون لموقع -إكسيوس- سر تجنب بايدن للمقابلات الصحفية




.. بايدن: مستعد للمشاركة في مناظرة علنية.. وترمب: أنا جاهز


.. طيارتك بالبارك!




.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????