الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكن أين هي القوى السورية الجدّية؟

بشار العيسى

2005 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


انتهت مؤخرا فعاليات" الملتقى الوطني للحوار الديمقراطي السوري في باريس" دعت اليه شخصيات وتعبيرات سياسية. انتهت الى ما يشبه زوبعة في فنجان، أولاََ لحجم الآمال والطموحات التي علقها أنصار اللقاء عليه و الذي كان في الأصل مقترحا ليكون مؤتمرا وطنيا.

وثانيا لتشعب التشويش والممانعة والنعوت التي أطلقها المعارضون لهذا اللقاء/ المؤتمر وللشكوك التي أثيرت من حول بعض أهل المؤتمروتمويله وأشياء أخرى في نفس معارضيه لم يظهروه علنا.

ثالثا أن السهولة التي تعاطى بها الدّاعون للقاء/ المؤتمرجعل من سهام منتقديه أن تصيبه في المقتل بيسر للشبابية التي تنطحوا بها لمسألة ربما كانت أصعب وأعقد من تغيير النظام، الا وهي اجماع القوى الوطنية السورية ـ على اتساع وتنوع مواقع والوان شرائحها ـ على مشترك وطني ينتقل بسوريا من الاستبداد الى الديمقراطية.

لقد أجمل المعارضون للقاء حججهم في :

1ـ أن القائمين بأمر اللقاء يفتقدون الى الجدّية، والى الحضور الفعلي في داخل الوطن وتفتقر شخصياتهم الى تاريخ مشهود في العمل السياسي والمعارضي.

2ـ الشّبهات التي تلحق بعض الدّاعين لخلفيات أوصلوها الى السلطة وأجهزتها والى ورفعت الأسد وتركزت مجملها من حول الناطق باسم المؤتمر.

3ـ تبدّت لا جدية القائمين في أنهم استسهلوا المهمّة وبالتالي لم يستشيروا القوى الجدّية بدءا تشاورا وتمحيصا.

4ـ أن أي لقاء خارج حدود الوطن السوري ـ وبعبارة أخرى خارج ضبط ورقابة أجهزة السلطة باعتبار أن لا شيء تخفيها عن الدولة ـ دليلا على ان المجتمعون ما اجتمعوا الا ليعارضوا السلطة ـ لا سمح الله ـ ويثيروا حفيظتها لصالح الأمريكان واعوانهم.
اذا كنا متفقين مع بعض حجج أصحاب هذا الرأي بشكل أو بآخر، وان اختلفت مواقعهم والجدية التي اتسم بها كلامهم وهم يتمحورون على ثلاثة من أطياف العمل الوطني السوري لم يتمكن اللقاء من اختراق صفوفهم:

1ـ "جماعة الأخوان المسلمين" ولهم الأسبقية السياسية في الدعوة الى مؤتمر وطني لأطياف المعارضة والتعبيرات الوطنية لايجاد مخرج يشكل قاسم مشتركا في حده التوافقي للازمة السياسية والوطنية لبلدنا ومجتمعنا والى اليوم لم يتمكنوا من تليين قناة الرّافضين العمل الوطني في الخارج ـ الاضطراري ـ لئلا يلتبس الفهم في الاستقواء بالخارج هي ثابت وطني يكاد يشلّ فاعليتهم خارج الانتقال ما بين الكنيف والمطبخ.

2ـ " التجمع الوطني الديمقراطي" الرافضي بأحزابه وأشباحه الوهمية أو الاسمية والتي دعت على لسان الناطق باسمها حسن عبد العظيم الى مؤتمر وطني داخل الوطن السوري، وهي لا زالت ـ لربما ـ تنتظر موافقة فخامة رئيس الجمهورية على رعاية هذا المؤتمر الذي ـ لا سمح الله ـ وان انعقد سيكون اما بغياب قوة أساسية وكبيرة مثل جماعة الأخوان المسلمين، وكذلك في غياب هيئات وشخصيات لا تقل وزنا وحضورا عن بعض أحزاب هذا التجمع.أو أنه سيكون مصيدة لتداعيات القانون 49 وتمكينا لاجهزة السلطة من هؤلاء وأولئك .

3ـ هيئات حقوقية وشخصيات وطنية وفكرية مستقلة عن الأطر الحزبية لم تر في لقاء باريس الجدية الكافية لأن تتنطح لمسؤولية بهذا الحجم .

وهؤلاء جميعا لهم ما يبرر احجامهم عن أن يلتحقوا بمبادرة لا تتوفر لها الشروط الضرورية لان يستقيم من خلفها البشر بهذه السهولة الشبابية.

هنا يطرح سؤال كبير وأساسي، اذا كان الملتقى الباريسي يفتقد شرعية تمثل القوى الجدية فيه، فأين هي هذه القوى الجدية؟ وماذا تفعل وميليس بين ظهرانينا ؟ وماذا تحضّر؟ وما المطلوب من الناس أن يفعلوا حتى يتكرموا الحضور ساحة الفعل السياسي بجدّيتها وتواريخها ورموزها؟ واذا كانت هذه القوى، التي الى اليوم لم تجتمع الا على ألا تجتمع على ما فيه خير وفاعلية العمل السياسي والوطني، وهي لا زالت منذ اليوم الأول لعهد بشار الأسد تنتظر مبادرته الكريمة بالاصلاح المنشود الذي أوحى به خطاب القسم ـ وتكرر ذلك صباح مساء لدرجة يكاد الرجل يتبرأ من قسمه وخطابه ـ أو أنها تنتظر مباركته الكريمة في دعواتها الى الاصلاح والمصالحة الوطنية، وفخامة الرئيس واركان سلطته غارقون حتى الآذان في شؤونهم السلطوية والترتيبات المستقبلية لأدوارومصالح تستهدف انجاز الصفقة التي ترضي الشريك الامريكي المنشود لمستقبل سوريا المزرعة لا الوطن.
أن الصمت /العجز الذي يغرق القوى الجدية في سوريا خاصة أولئك الذين يفتخرون بوجودهم الوطني في الداخل والذين يحلفون الايامين العظيمة في أنهم لن يمدوا اليد للعدو الأمريكي والذين يشدّون الهمم في جمعيات من نوع نصرة شعب العراق من خلف الزرقاوي وأمثاله ومعهم بعض الحمقى ممن يسلفون الأجهزة الأمنية شعارات نفاقية من نوع أنهم لن يدخلوا دمشق على الدبابة الأمريكية، وكأن الدبابة الأمريكية تنتظرهم أمام الباب وكأن حكام دمشق واقفون بالمرصاد للدبابة الأمريكية.

علينا أن نعترف، جميعا، وبدون مكابرات سخيفة، بأننا غارقون في أزمة ذاتية فضلا عن تلك التي أعمانا بها الاستبداد. وأن القوى الطفيلية والهامشية وتلك التي تتلهّى بهموم الوطن، تتسلى به تسرية عن النفس والروح، تحضر الساحة حينما تغيب القوى الجدية بالعجزعن الحضور.

لأن القوى الجادة ،هي تلك التي تتنزع جديتها وشرعيتها بجدية العمل الميداني وان الشرعية الوطنية والجدية تستنبط اساليب عمل واجتهادات ميدانية وهي ليست اوراق طابو وليست أختام ممهورة أوراق صفراء بخطاب جامد ثابت أكل الدهر عليها وشرب، مهما علت المواقع السابقة ومهما حفلت التواريخ بالأمجاد المهدورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش