الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق – في القطيف

علي فردان

2005 / 10 / 6
حقوق الانسان


الشيعة في السعودية في شمالها وجنوبها يتعرضون لأقصى حالات التهميش والاضطهاد، اضطهاد ديني وثقافي وتمييز طائفي بغيض في كل مناحي الحياة. الشيعة، وعلى مدى عقود لم يشتكوا وظلّوا صامتين، على أمل أن تتغير معاملة الحكومة لهم، وعلى هذا المنوال تواصلت العرائض، الواحدة تلو الأخرى، آخرها عريضة شركاء في الوطن.
عريضة شركاء في الوطن قدّمها نخبة من الشيعة عددها 450 شخصاً، قدّمها الشيعة لولي العهد (حينذاك) الملك عبدالله. كان هذا حوالي قبل عامين "30 أبريل 2003 م"، تضمّنت العريضة المطالبة بالاعتراف الصريح باحترام جميع المذاهب الإسلامية ومن ضمنها المذهب الشيعي، إضافةً إلى تمثيل المذهب الشيعي في المؤسسات الحكومية مثل رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، والمجلس الأعلى للمساجد وهيئة الإغاثة العالمية وغيرها. كذلك تضمنت العريضة في المساواة في الحقوق ومعاقبة من يمارس التمييز الطائفي ضدهم أو من يقوم بتكفيرهم، كما هو حاصل الآن في المناهج الحكومية والكتب المنتشرة في طول البلاد وعرضها. طالبت الوثيقة أيضاً بإتاحة الفرصة للشيعة في العمل في مرافق الدولة، خاصة في المجال العسكري والأمني والدبلوماسي، وكذلك في وزارة التربية والتعليم (قسم تعليم البنات) حيث لا يتسلم الشيعة أي مناصب عليا، أو أن هذه المرافق لا تعترف أصلاً بالشيعة ولا تعتبر الشيعة مواطنين، لذلك تم تهميشهم وعلى مدى عقود في هذه المجالات.
العريضة تطرّقت للكثير من المواضيع، وليس على القارئ العزيز إلاّ أن يقرأها ليتعرف على مطالب الشيعة واقتراحاتهم لحل التمييز الطائفي، وقد مضى على هذه العريضة قرابة العامين، كما ذكرت، فماذا تحقق إلى الآن؟ لا يبدو أن أي شيء قد تغير سوى بضع كلمات هنا وهناك، أمّا الواقع، فلم يتغير ولا يبدو أصلاً أنه سيتغير والدلائل كثيرة على أرض الواقع، فسياسية التمييز ضد الشيعة أصبحت من المسلّمات في القطاعات الحكومية، ولا تزال الكتب التكفيرية منتشرة في مواقع العمل والمكتبات والمستوصفات والمؤسسات الخيرية وغيرها. ولا تزال سياسة التمييز ضد الشيعة في السلك التعليمي واضحة أكثر مما قبل، وفي مقالة للأستاذ حسن المصطفى (16 أغسطس 2005 م، إيلاف) ذكر فيها أن جامعة الملك فيصل بالدمام رفضت طالبة من القطيف من دخول كلية الطب مع أن معدّلها 99.87%، مع ذلك فلم يشفع لها هذا المعدل، مع أن هناك طالبات يتم قبولهن في نفس الكلية بمعدلات أقل من ذلك بكثير.
الخبر الأخير هو أن الملك عبدالله أفرج عن الإصلاحيين الثلاثة، الأستاذ عبدالله الحامد والأستاذ متروك الفالح والأستاذ علي الدميني، وأفرج أيضاً عن المحامي الأستاذ عبدالله الرشود وكذلك الشيخ سعد بن زعير. كما أفرج الملك عن المجموعة الليبية التي تم اتهامها بمحاولة اغتياله، لكن الملك عبدالله لم يأمر بالإفراج عن المئات من الشيعة الذين قضى الكثير منهم أكثر من عشر سنوات في السجون دون أن يتم تقديهم لمحاكمة ودون أن تكون هناك أي أدلة تدينهم، في الوقت الذي تم الإفراج عن مروجي مخدّرات ومجرمين قتلة.
إذا ما أضفنا إلى الموضوع أعلاه وجود عدة آلاف من الشيعة ممنوعين من السفر لأسباب "طائفية" بحتة، حيث لم تتم إدانتهم بأي جرم، أو تم تقديمهم لمحكمة علنية، أو تم اتهامهم بجريمة، يتضح لنا بأن ممارسات الحكومة لم تتغير، والذي تغير إلى الآن هي كلمات الملك عبدالله حين قال بأنه لا يفرق بين المواطنين، لكنه في الوقت ذاته قام بتعيين كامل طاقمه الاستشاري من نجد، أي أنه يمارس على أرض الواقع بخلاف ما قاله في العلن.
لقد طال أمد معاناة الشيعة على أرض الواقع، مع أن مناطقهم هي مصدر النفط والماء الذي يغذّي نجد، إلاّ أنها الأقل تنمية والأكثر فقراً وتلوثاً، والممارسات الطائفية ضد الشيعة فيها هي الأكثر وضوحاً. كذلك لم يجني الشيعة من نفطهم ومائهم سوى اتهامها بالشرك والكفر والزندقة، إضافةً إلى فتاوى تدعو إلى إهدار دمهم والتضييق عليهم وممارسة التمييز العنصري، كما في مذكرة النازي ناصر العمر الذي دعا فيها إلى إجبار الشيعة إلى التحول عن مذهبهم إلى المذهب الوهابي.
الشيعة، بعد هذه العقود يحق لهم مطالبة العالم بالتدخل لإنصافهم، والأمم المتحدة التي تدخّلت في قضايا عدة، منها قضية إقليم تيمور الشرقية، يحق لنا أن نطالبها بالتدخل في قضية اضطهاد الشيعة وأن ترسل لجنة لتقصي الحقائق تزور فيها مناطق الشيعة وترى على أرض الواقع كيف يعيشوا وكيف يتم التمييز ضدهم واضطهادهم. لجنة تقصي الحقائق عليها أن ترى كيف هي مدن وقرى الشيعة والتهميش المتعمد لها، عليها أن ترى التمييز ضد الشيعة في الوظائف الحكومية بجميع قطاعاتها من مدنية وعسكرية، عليها أن ترى التمييز ضد الشيعة في الوظائف حيث يتم إقصاء الشيعة من كل الوظائف العليا ومنعهم حتى في القطاع الخاص، وبالذات في القطاع البنكي من تسلم رئاسة الموارد البشرية بأمر من مؤسسة النقد. على لجنة تقصي الحقائق أن ترى كيف أن منطقة مثل منطقة القطيف يعيش بها أكثر من مليون نسمة لا يوجد بها كلية واحدة أو جامعة، أو حتى مدرسة بنات خاصة واحدة، أو حتى فندق. على لجنة تقصي الحقائق الأممية أن ترى كيف أن الكتب المدرسية بها الكثير من الدعوات للعنف والتكفير ضد الشيعة وأن الشيعة ممنوعون من تدريس طبقاً لمذهبهم، وأن جميع مدارس البنات بالقطيف لا يوجد بها مديرة مدرسة واحدة شيعية.
الأمم المتحدة التي تدخّلت في بلاد كثيرة لحماية الأقليات، مطالبة بالتدخل لحماية الشيعة في المملكة العربية السعودية، خاصةً إذا ما عرفنا أن الألوف من الإرهابيين الذين يقتلون الشيعة في العراق قادمون لا محالة، وسيكون الشيعة على قائمتهم استناداً للفتاوى الحكومية التي تكفرّ الشيعة وتدعو إلى قتلهم ليل نهار. الوضع المأساوي للشيعة منذ وصول آل سعود إلى الحكم لم يتغير، عدا وعود قام بها الملك عبدالعزيز ووعود أخرى تلتها من قبل الذين أتوا من بعده، هذه الوعود تحدّثت عن احترام المذهب الشيعي والمساواة والعدالة بين المواطنين. هذه الوعود لم تكن يوماً علنية ولم تتحدث الحكومة يوماً على مدى سبعين عاماً، لم تتحدث علناً بأن الشيعة مواطنين مسلمين وأن لهم حقوقاً مثل بقية المواطنين، ولم تعاقب الحكومة أحداً كفّر الشيعة أو أباح دمهم أو دعا إلى التضييق عليهم أو ممارسة التمييز ضدهم؛ بل العكس من ذلك، فما زال مشايخ الحكومة في مناصبهم مع أنّ فتاواهم الطائفية والداعية للعنف وقتل الشيعة منشورة في كتب طبعتها الحكومة على نفقتها.
يقع على الأمم المتحدة واجب تجاه البشرية وتجاه المواطنين الشيعة في السعودية، خاصةً وأن الحكومة السعودية قد وقعّت على بروتوكولات أممية للمساواة والعدالة واحترام حقوق الإنسان واحترام الحريات الدينية، ولم تلتزم بأي منها.
الأمم المتحدة مدعوة الآن وبشكل مباشر للتدخل في المأساة الشيعية خاصةً وأن مصدر الإرهاب العالمي يقع على مقربة من مناطق الشيعة، مما يعني أن الشيعة المواطنين سيكونون أول ضحاياه، ولا يجب أن تنتظر دول العالم الحر حتى يتفجر الدم الشيعي على أيدي القتلة الإرهابيين بدعم حكومي، بل عليها أن تتدخل لإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل فوات الأوان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي


.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري




.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين


.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل




.. وزير الخارجية الأردني: نطالب بتحقيق دولي في جرائم الحرب في غ