الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قم للمعلّم وفّه التّبجيلا

سيدة عشتار بن علي

2015 / 6 / 13
الحركة العمالية والنقابية


يقال ولست متأكدة من صحة المعلومة أن من بين الطرائف التي تداولها المنتقدون للرئيس الفرنسي ساركوزي هي حصوله على شهادة الباكالوريا بصفة آلية اي دون الخضوع الى مناظرة وكان ذلك في اطار احدى الازمات التي مرت بها فرنسا لا اعرف ان كانت سياسية ام تربوية ام ماذا.... المهم يقال ان ساركوزي غير حاصل حقيقة على الباكالوريا ....مرت بذاكرتي هذه الطرفة بعد القرار الأخير الذي اتخذته وزارة التربية أي الارتقاء الآلي لكل تلامذة الابتدائي ...هذا القرار هو سابقة أولى من نوعها في تاريخ المسار التربوي في تونس ....صحيح وحسب ما أثبتته الدراسات ان 94 بالمائة من التلاميذ يرتقون في مرحلة الابتدائي لتقع الغربلة خلال المرحلة الثانوية وصحيح أنه لم يكن هناك من حل للافراج عن التلامذة الرهائن والخروج من هذا المأزق غير اللجوء الى الارتقاء الالي فالمفاوضات فشلت والمعلمون لأول مرة يصابون بهذه الهستيريا من رفض التراجع او على الاقل ايجاد حل أوسط يخدمهم وفي نفس الوقت يراعي المصلحة العامة ...لأول مرة يضرب المعلّم بصورته المقدّسة عرض الحائط فابناءنا يتابعون وعلى علم بتفاصيل كل ما يجري في حرب البسوس التربوية المشتعلة هذه الايام بين الوزارة والمعلمين وسيدي المعلم المقدّس لم يعد ذلك الكائن الوقور المليء بالاسرار والغموض ,ذلك الكائن الذي اذا رآه التلميذ يقضم قطعة من الخبز تجحظ عيناه استغرابا: أيعقل سيدي يأكل ويشرب مثل جميع الناس ?!سيدي المعلم اليوم ينشر غسيله ويبوح بسرّه ...يا حسرة يوم ما كنا كي نسمعو الي ثمة اضراب للمعلمين كنا نحس انه يوم القيامة ونتعامل نحن التلامذة مع الحدث بكل خشوع ورهبة ....اضراب المعلم اليوم لم يعد يختلف عن أي عركة فضائحية في احدى الأحياء الشعبية ....لقد سقطت اوراق التوت عن الجميع وولى يا خيبة المسعى زمن قم للمعلم وفه التبجيلا ==== كاد المعلم ان يكون رسولا..... ما حدث سوف يكون له انعكاسات شديدة على نفسية التلميذ أولها اهتزاز صورة المعلم في ذهنه :سيدي لم يشعر ولم يقدّر جهدي واستعملني كرهينة ... لقد حرم ابناءنا هذه السنة من نشوة الاحساس بالنجاح والمكافأة التي اعتاد عليها التلامذة المتفوقون كما حرمت العائلة التونسية من زغرودة اول فرحة علمية ترن في ارجاء البيت... السؤال الذي يأرقنا جميعا الى اين والى اين نحن ماضون وانت ايها السيد الوزير !انت سلّكتها بقرارك هذا الان فماذا انت فاعل حين العودة المدرسية وكيفاش باش تسلّكها في شهر سبتمبر هل ستقوم بانتداب معلمين جدد وتتخلى عن ستين الف معلم مضرب...! أين ذهبت عقولكم أين ....?!ولنترك سلك التعليم جانبا....! انت قررت الارتقاء الالي لجميع التلاميذ في المرحلة الابتدائية وسلكتها حسب رايك فماذا عن نظيرك وزير الصحة اذا قرر الاطباء والممرضون اغلاق المستشفيات هل سيصدر ايضا قرارا بالشفاء الآلي لجميع المرضى من الفقراء ...?!أعتقد ان الطب الرعواني والعلاج بالحروز والتّمائم سيعرف انتعاشة لم يسبق لها مثيل.... صحيح وضع البلاد صعيب واصدق انا شخصيا ان ميزانية الدولة لا تسمح بارضاء كل القطاعات ومع ذلك كان عليكم التعامل مع هذا التيار الجارف باكثر حكمة وتروّ فالمعلم ماهو في النهاية الا انسان ونطق من جنابو لقد أصبحنا جميعا نعيش على خط الفقر واتحداك لو ترسل لجنة تقصّي حول الظروف المادية للمعلم او الاستاذ او القيم في هذا الوقت وتلقى في جيب احد هم عشرين دينار ....الجوع كافر بكل القيم ايها السيد الوزير... كان بامكانك تسوية الاوضاع والنظر في مطالب المضربين في كل القطاعات والوعد على الاقل بتنفيذها بالترتيب قطاعا قطاعا مع عرض وتوضيح لحقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد والله لا تربح الي اطلق حملة وينو بترولي وزاد شعل الدنيا فجماعة وينو بترولي روجو الى ان فلوس البترول شايخين بيها الصحاح في الوقت الذي وصل الامر بالمواطن التونسي الى اكل لحم البهايم هذا ان قدر عليه طبعا فاغلبية من الشعب لا تعرف طعم اللحم من زمن طويل اما السمك فيلقون عليه التحية من بعيد لبعيد ولا يحرؤون على الاقتراب من بائعيه ....كان عليك ايها السيد الوزير ان تلامس عن قرب مشاكل المربين وتتفهمها ,ان تقدر ما يبذلونه من مجهود يأكل من عظام عظامهم ,يأكل من اعصابهم وهنا اسوق ما قاله الشاعر الكبير ابراهيم طوقان كرد على قول امير الشعراء احمد شوقي قم للمعلم وفه التبجيلا ==== كاد المعلم ان يكون رسولا ....قال ابراهيم :
(شوقي) يقول – وما درى بمصيبتي –
"قــم للمعلــم وفــّه التبجيــلا"
اقعد, فديتك، هـل يكـون مبجـلاً
مـن كان للنشء الصغــار خليلاً..!
ويكاد (يفلقنـي) الأميـر بقولـه:
كاد المعلــم ان يكـون رسـولا..!
لو جرّب التعليم (شوقي) سـاعـة
لقضـى الحيـاة شقــاوة وخمـولاً
حسب المعلم غمَّــة وكآبـــة
مـرآى (الدفاتر) بكـرة وأصيــلا
مئة على مئة اذا هـي صلِّحــت
وجـد العمـى نحو العــيون سبيلا
ولو أنَّ في "التصليح" نفعاً يرتجـى
وأبيك، لــم أكُ بالعيـون بخيــلا
لكنْ أُصلّح غلطـة نحــويــة مثلاً،
واتخـذ "الكتــاب" دليــلا
مستشهداً بالغـرّ مـن آيـاتــه
او "بالحـديث" مفصـلاً تفصيــلا
وأغوص في الشعر القديم فأنتقـي
ما لـيس ملتبســاً ولا مبــذولاً
وأكاد أبعث (سيبويه) فـي البلـى
وذويـه من اهل القرون الأولــى
فأرى (حماراً) بعـد ذلك كلّــه
رفَـعَ المضـاف اليه والمفعـولا!!.
لا تعجبوا انْ صحتُ يوماً صيحة
ووقعـت مـا بين " البنـوك" قتيلاً
يــا مـن يريد الانتحار وجدته
انَّ المعلـم لا يعيــش طويــلاً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماعلاقة متطلبات سوق العمل بالتخصصات الجامعية؟


.. طلبة كلية لندن ينظمون وقفة احتجاجية وسط الحرم الجامعي تأييدا




.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين