الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثنائية فتح-حماس

محمد سيد رصاص

2005 / 10 / 6
القضية الفلسطينية


لأول مرة، منذ انطلاقة العمل الفلسطيني المسلح في عام 1965، أصبح هناك ثنائية في الساحة الفلسطينية، في الشهر الأخير من 1987، مع ظهور حركة (حماس)، وهو شيء لم تستطعه (الشعبية)، أو (الديموقراطية)، أمام (فتح).
لم تظهر عقابيل هذه الثنائية في الانتفاضة الأولى (1987 ـ 1993)، بل ربما استفاد ياسر عرفات من وضعية شبيهة بما كان عليه بن غوريون، والهاغانا، أمام البريطانيين بين عامي 1939 ـ 1948، لما استثمر عمليات منظمتي الارغون وشترن، رغم أن اسرائيل قد أملت، وهو ما صرح به وزير دفاعها رابين مع بدء الانتفاضة الأولى، بأن تستثمر تلك الثنائية لتحجيم (فتح)، الى أن اكتشفت باكراً، مع بداية ضربها لحماس وزعيمها الشيخ أحمد ياسين في أيار 1989، بأن الأمور لا يمكن أن تأخذ منحى الحرب الأهلية الفلسطينية كما جرى في أنغولا بين (الحركة الشعبية) و(حركة يونيتا).
ظهرت تلك العقابيل عندما استطاعت (حماس)، عبر سلسلة عمليات في داخل أراضي 1948 طالت المدن الاسرائيلية الرئيسة في ربيع 1996، أن تسمم أجواء محادثات التسوية بين ياسر عرفات وشمعون بيريز (الذي تسلم رئاسة الوزراء بعد اغتيال رابين) وأن تقلب جو الرأي العام الاسرائيلي الذي انقلب على حزب العمل لصالح بنيامين نتنياهو و(الليكود)، في ظرف بادر فيه بيريز الى حل الكنيست لتعزيز الغالبية البرلمانية للحكومة، بعد أن أعطته مؤشرات الرأي العام الاسرائيلي أرجحية واضحة.
كان ذلك بداية لعودة المد اليميني الى اسرائيل، مع توقف قصير في عهد باراك، ما زال مستمراً لعقد من الزمن، قابله على الجانب الفلسطيني صعود لـ(حماس) على حساب (فتح)، بانت معالمه أكثر ما بانت، بعد أن فشلت محادثات التسوية في (كامب دافيد) بين عرفات وباراك صيف عام 2000 وما أعقب ذلك من صعود لشارون، مع تحوّل النار والعنف الى اللغة الوحيدة للتواصل بين الاسرائيليين والفلسطينيين خلال مجرى عامي 2001 ـ 2002، وخاصة عندما أطبق شارون على عرفات وعزله في (المقاطعة) مع عملية (السور الواقي) في آذار 2002، مستغلاً ظروف (ما بعد 11 أيلول) وبداية شن الادارة الأميركية حربها على "الارهاب"، والتي استطاع من خلالها شارون إقناع بوش بأن ما جرى للمدنيين في نيويورك هو "شبيه" بما جرى في شوارع تل أبيب والقدس الغربية.
كان ياسر عرفات، بما له من شعبية وكاريزما، بمثابة الحاجز أو الصادة التي منعت الأمور من أن تنقلب على (فتح)، رغم كل صراعات الأخيرة التي ظهرت، خلال الفترة بين صيفي 2003 و2004، بين معتدليها ومتصلبيها، وحالت دون استثمار (حماس) لجو انسداد أفق (التسوية): لا يبدو أن (أبو مازن) هو في تلك الوضعية التي كانها أبو عمار أمام (حماس)، إضافة الى أن (فتح) لم تستطع، بعد حوالي العام من رحيل زعيمها، أن تثبت كونها مؤسسة متماسكة قادرة على الانتقال الى منطق الدولة، رغم كل الاشارات التي أعطاها الرئيس محمود عباس للمجتمع الدولي.
لم يكن شهر ما بعد الانسحاب الاسرائيلي من غزة (والذي لم يتم "تحت النيران"، كما يظن بعضهم، بل من أجل التفرغ الاسرائيلي لهضم معظم أراضي الضفة، وكل القدس، في جو دولي، وضعف عربي، لم ترَ اسرائيل مثلهما من حيث المؤاتاة) ناجحاً على صعيد إرسال الفلسطينيين رسائل عملية توحي بتجاوزهم لتلك الثنائية بين فتح وحماس، وتؤكد وجود سلطة واحدة (وبالتالي عدم وجود أطراف أخرى غير السلطة المنتخبة) تضع أجندات للعمل الوطني الفلسطيني، وتمنع وجود آخرين غيرها من أن يفرضوا أجندات أو وقائع على الأرض تفرض نفسها على السلطة والمجتمع وأطراف العمل السياسي في فلسطين.
هل ينجح أبو مازن في أن يفعل ما فعله بن غوريون، بعد أشهر من قيام دولة اسرائيل عندما أجبر (الإرغون) و(شترن)، و(البالماخ) على حل تنظيماتهم العسكرية والتحوّل أو الذوبان في منظمات وأحزاب سياسية لكي لا يكون هناك سوى تنظيم عسكري واحد هو الجيش الاسرائيلي، على الأقل في قطاع غزة، فيما يظل وضع الضفة المحتلة أمراً مختلفاً؟...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة ايريك سيوتي عضو اليمين الفائز بمقعد البرلمان عن نيس|#عا


.. قراءة عسكرية.. محور نتساريم بين دعم عمليات الاحتلال و تحوله




.. تفعيل المادة 25 قد يعزل بايدن.. وترمب لا يفضل استخدامها ضد خ


.. حملة بايدن تتعرض لضغوطات بعد استقالة مذيعة لاعتمادها أسئلة م




.. البيت الأبيض: المستوطنات الإسرائيلية تقوض عملية السلام والاس