الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-قوميسارة- الادب والفن ..!!

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 6 / 13
الادب والفن


"قوميسارة" الادب والفن ..!!
على عادة الأنظمة الشمولية ، التي شددّت الرقابة على كل الاعمال الفنية ، الأدبية والفكرية والتي مثّلتها خير تمثيل في القرن الماضي ، الجدانوفية في الاتحاد السوفياتي السابق ، إبان حكم شمس الشعوب وشمس المعارف العظمى ،كُلي القداسة الرفيق ستالين العظيم ، والذي عيّن سكرتير اللجنة المركزية لحزب "جوقة عَبَدة ستالين " الرفيق اندريه جدانوف ..كقوميسار الشعب "للثقافة " !!
وفي العهد المُبارك للقوميسار العظيم ، تعرض أدباء ، فنانون ومفكرون للقمع والتنكيل وللموت في معسكرات الاعتقال "الثورية "،لأنهم لم يكرسوا نتاج وعصارة أذهانهم لتمجيد الرفيق ستالين وعظيم إنجازاته ..
ولم تنجُ ممثلة العالم "الحُر " من قوميسار شبيه ، فمكارتي الامريكي هو جدانوف السوفييتي ..!!
صيد "المبدعين " على غرار "صيد الساحرات " في القرون الوسطى ، هذا ما قام به مكارتي وجدانوف ، كل واحد في بلده ، وتحت نفس الشعار الباتريوتي ، حماية الحزب والدولة من العناصر العميلة والمُخربة في الاتحاد السوفياتي ، ولجنة مكافحة النشاط المعادي لامريكا " .. وجهان لعملة واحدة !!
الإبداع الانساني في كافة مجالات الإبداع ، هو تهديد لأنظمة "القاسم المشترك البسيط " ، والذي هو فاشية تقديس الدولة ، الوطن ، الحزب والزعيم القائد !! وأهل الفاشية الوطنية والقومية ، يهددهم النقد ، أي نقد مهما كان بسيطا ،ويهدد " سلامة " هذا الوطن وهذه القومية وذاك الزعيم ..!!
وبعد أن عانى العالم المُتحضر من ويلات القمع ، تدخُل الثقافة الإسرائيلية مرحلة "الريغفيزم " ، نسبة الى قوميسارة الثقافة الاسرائيلية الجديدة ، الوزيرة الليكودية ، ميري ريغف ..!!
وكانت سيادتها قد التقت قبل ايام ممثلي المؤسسات الثقافية في اسرائيل ، وخاطبتهم قائلة : " لقد حصلنا (أي الليكود – ق.ح.م ) على 30 عضوا في البرلمان ، وانتم حصلتم على 20 عضوا فقط " !!
وقد يستطيع القاريء ان يفهم من اقوال القوميسارة ، بأن حزب ممثلي الجمعيات الثقافية قد خاض المعركة الإنتخابية وحصل على 20 عضوا ، لذا على ممثلي الثقافة ان يقبلوا بالخسارة ويتقبلوا "حُكم " القوميسارة !! وبما ان ممثلي المؤسسات الثقافية لم يخوضوا الانتخابات ، تساءل أحدهم ، ماذا تقصد الوزيرة بأنتم ؟! أجابت ،لا فُضّ فوها ،قائلة وبالحرف الواحد : " نحن نعلم بأن اليسار يعتبر الثقافة ملكيته الخاصة ، ويجب علينا ألّا نُصاب بالبلبلة في تعريف ،مَن هو الجمهور ، ومن الذي انتخبه هذا الجمهور " ..!!!! وتُشير سيادة الوزيرة إلى أن اليسار حصل على عشرين عضوا فقط ..!! لكنها تناست بأن اليسار حصل على اكثر من عشرين عضوا في البرلمان ، حتى لو كانت تقصدُ حزب العمل أو المعسكر الصهيوني الذي حصل على 24 صوتا !!
الرسالة الخطيرة التي بعثتها سيادة الوزيرة وهي تؤكد على فوز حزبها (الليكود ) بعدد اصوات اكبر (ليس بكثير ) ، إلى أن غالبية الشعب الاسرائيلي يتجه باستمرار نحو تبني افكار ومواقف يمينية ، ولا تهمه الثقافة كثيرا .. فليحتفظ اليسار بملكية الثقافة ، لكن شعب "القاسم المشترك البسيط " ، لا تهمه الثقافة ، بل يكره ممثليها !!
وقد حضر اللقاء مع الوزيرة كبار ممثلي أهل الفن ، الادب والثقافة من اليهود الإسرائيليين ، واستغلت هذا اللقاء لتُعلن عن بداية حربها المقدسة ، ضد الثقافة والمثقفين .
وشارك في هذا اللقاء مدير المسرح الوطني ورئيس نقابة الممثلين ، حينما واجهتهم قائلة : " أنا من يقرر المعايير للحصول على دعم مادي من الوزارة ، استطيع ان اقرر أي مؤسسات ثقافية تحصل على الدعم وايها لا تحصل ، واستطيع ان اقرر بأن كل الدعم الحكومي للثقافة ستحصل عليه مناطق الاطراف ومناطق يهودا والسامرة (المستوطنات في الاراضي المحتلة – الضفة الغربية ) .. الحكومة غير ملزمة بدعم الثقافة ، انا التي اقرر وجهة الدعم المالي !!" .
ولم تنسَ سيادة الوزيرة أن تختتم اقوالها بتهديد علني وواضح لممثلي المؤسسات الثقافية : " لن يفرض عليّ الفنانون شيئا ، إذا اتفقنا على هذه المباديء ستجدونني شريكة لكم ، أما غير ذلك فلدينا مشكلة ..!!" .
ببساطة تُريد القوميسارة ان تقرر المضامين الابداعية للمؤسسات الثقافية ، وتريد أن تفرض على المؤسسة التي تتلقى دعما من الدولة ، تريدها ان تتماهى مع سياسات الحكومة ومع الجمهور ذي الميول اليمينية .. واي شيء غير هذا فالعصا جاهزة !!
لم تتريث القوميسارة في الامر ، بل قامت "بمعاقبة " الممثل المسرحي العربي نورمان عيسى ، والذي رفض ان يُشارك في العرض المسرحي الذي يؤديه المسرح الذي يعمل فيه ، في الاراضي المحتلة ، أمام المستوطنين في الاراضي الفلسطينية ..
ونورمان كإنسان يحق له مقاطعة المستوطنين والمستوطنات ، لكن الوزيرة اليمينية ، ترى من واجبها أن تفرض على اهل الفن التماهي مع سياساتها ..
ونورمان هو ممثل ، يتقاضى اجره من المسرح .. فكيف تُعاقبه إذن ؟؟!!
اقام نورمان عيسى مسرحا للاطفال العرب في مدينة يافا العربية ، ويتلقى هذا المسرح دعما من وزارة الثقافة ...
قررت الوزيرة ايقاف الدعم المالي عن مسرح اطفال عربي ، لان نورمان عيسى كفرد وكممثل (وهو أيضا المدرب والمخرج لمسرح الاطفال ) رفض ان يؤدي عرضا مع المسرح اليهودي الذي يعمل فيه ، امام المستوطنين ..!!
يعني تقول الوزيرة للمبدعين كافة ، ودون تمييز بين جنس ، لون وقومية ، بأنها ستلاحقهم في كل مكان ، إذا تجرؤوا على مخالفة اوامر القوميسارة وسياسات حكومتها !!
وملاحظة اخيرة للقراء الاعزاء ، فأنا حينما اكتب عن ظاهرة ما ، في إسرائيل، فكتابتي تتخذ طابعا عاما ، فهكذا هو اليمين في كل البلدان ، وهكذا هي الانظمة الشمولية لديها حساسية مرضية تجاه حرية الابداع والمبدعين !! وصدقت الوزيرة في شيء واحد ، وذلك حين قالت بأن الثقافة والابداع يساريتان بامتياز ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النهاية
رائد الحواري ( 2015 / 6 / 13 - 12:23 )
اعتقد بان دولة الاحتلال (الديمقراطية) اصبحت تمارس عين سلوك النظام العربي المتخلف، من هنا ليتها تسمر بهذا السلوك، لانه سيكون بداية النهاية للدولة.


2 - قوميسار
عبد المطلب العلمي ( 2015 / 6 / 13 - 18:44 )
تحيه طيبه
استغرب محاولتك القاء ظلال سيئه على مفرده قوميسار،رابطا اياها بفتره الاشتراكيه السوفياتيه.التي كما فهمت تمقتها.
لكن و للدقه فالكلمه ليست سوفيتيه بل اصلها لاتيني
commissа-;-rius
و كانت تستعمل في روسيا منذ عهد بطرس الاول، و استعملتها ايضا الحكومه المؤقته بعد ثوره شباط.


3 - الزميل رائد الحواري
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 6 / 13 - 19:18 )
تحية حارة وبعد
اليمين القومي وأينما تواجد، يخشى من الفكر والثقافة الحرة ، وهو يبحثُ دائما عن وسائل للحد من حرية العمل الإبداعي . وهذا هو الحال في إسرائيل .. ومع ذلك لم يتراجع الفنانون والمفكرون في وجه هذه الهجمة . بل تكاتف الجميع ضد ممارسات الوزيرة
وهنا نقطة الاختلاف بين إسرائيل ودول القمع العربية .
وطموحنا هو قيام دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران للعام 67 ونهاية الصراع !! لك مودتي


4 - الزميل عبد المطلب العلمي تحياتي
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 6 / 13 - 19:30 )
وفائق شكري على توضيح مصدر الكلمة قوميسار . وارجو ان تتقبل مني هذه الملاحظة : كتاباتي تدل على فكري الاشتراكي ، وموقعي شاهد على ذلك ، كما وانني من الذين يكتبون دفاعا عن الاتحاد السوفياتي ومنظومة الدول الاشتراكية لكن دون تنزيه او تقديس .. وانتقد ما اراه ومن وجهة نظري خطأً في الممارسة . وهذا كما اعتقد من حقي ..!!
اما لمذا استعملتُ كلمة قوميسار ، فهي للتدليل على -الصلاحيات الكبيرة - التي يعطيها النظام له في مجال عمله ، أو الصلاحيات التي يسندها لنفسه هذا المسؤول ، بحيث يعطي لنفسه صلاحيات استثنائية ..
وهذا ما فعله مكارتي ، وما فعله ذاك الذي يتحسس مسدسه كلما سمع كلمة ثقافة !!
يستطيعون القول بأنهم ينتمون لانظمة مختلفة بل ومتنافسة وعدائية واحدة تجاه الاخرى ، لكنهم في المحصلة يقمعون الابداع !!
ولا يريدون نقدا ..
وهذا لا يعني بأن بعض القوميسارات الرومان والسوفييت وربما أبناء شعوب أخرى قد ابلوا بلاء حسنا في خدمة شعوبهم واوطانهم .
انه من نوع -ضرب الحبيب زبيب - يا عزيزي .
نعم فالقوميسار جدانوف لم يترك وراءه صيتا أو ذكرى طيبة !! هو ومن عينه في هذا المنصب !!
خالص تقديري


5 - العزيز طلال موسى تحية(من الفيسبوك )
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 6 / 13 - 19:39 )
شكرا لاضافتك

لم يدر بخلدي للحظة ، ان اقلل او استهين بانجازات الاتحاد السوفياتي ولا أن اقلل من التضحيات الجسام .
وجهتُ النقد لشخص بعينه ولنظام هذا الشخص ..
فلا احد يستطيع ان يكمم الافواه الى الابد ولا ان يعلن وصايته على الابداع والفكر
خالص مودتي واحترامي








اخر الافلام

.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR


.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-




.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه


.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد




.. ما هي اكبر اساءة تعرّضت لها نوال الزغبي ؟ ??