الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطيئة سوريا والسعودية في دعم الإرهاب .. ودهاء قطر وإيران

باسم السعيدي

2015 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


التدخل الأمريكي بالعراق وإسقاط نظام صدام حسين شكل تهديداً بالغاً لإيران بوجه خاص كونها أحد أقطاب ما دعته إدارة بوش (محور الشر)، وشكل تهِديداً لكل النظم الشمولية في الشرق الأوسط على رأسها سوريا، كون نظام بشار الأسد هو الأخ غير الشقيق لحزب البعث العراقي ونظام صدام حسين، وأثار الدور الذي لعبته الأحزاب الإسلامية الشيعية في عراق ما بعد صدام حسين أثار حفيظة الأصوليات السنية في المنطقة وعلى رأسها السعودية، والسلفيات الجهادية وغير الجهادية.
لانقاش في أن الجميع تدخّل في العراق، ولامراء في القول إن الضرر الذي ألحقه ذوو القربى كان أشد نكالاً وأكثر إيلاماً وأبعد أثراً مما تركه الأمريكان، فدول الجوار (التي دعمت الأصوليات) إشتغلت على تفتيت بنية المجتمع العراقي من أجل شق الأرض التي يقف عليها المشروع الأمريكي ما تسبب بشرخ تلك الأرض، وإنهيار المشروع ( على رأي) وقد يخالف البعض هذا الرأي ويذهب الى قصدية المشروع الأمريكي في إستفزاز الأصوليات السنية من خلال إيصال الأصوليات الشيعية الى مركز القرار في عراق ما بعد صدام حسين، ما تسبب في دوران عجلة التأريخ التي أتت أهالي بغداد في أزمنة قديمة إبان التناحر المذهبي بين الأصوليتين في عهود تبادل السيطرة على العراق بين السلاجقة والبويهيين، (هذا الرأي هو ما أتبنَّاه شخصياً).
موضوعة البحث في هذه المقالة هو خطيئة الأسد وآل سعود في دعم الأصوليات الجهادية، ونأي إيران وقطر بأنفسهم عنها.
نأت إيران بنفسها عن إنشاء بنية تحتية للمنظمات الأصولية الجهادية السنية، وأولت هذه المهمة الى حليفها وشريكها بشار الأسد، وقد عرضت شبكة الإعلام العراقية عشرات التقارير واللقاءات التلفزيونية والتحقيقات الصحفية المقروءة مع إرهابيين أقرّوا بتلقيهم التدعم اللوجستي والتدريب على يد المخابرات السورية وفي معسكرات تحت إشرافها المباشر، ويتذكر العراقيون الضابط السوري شُقير الذي قاد أعتى عمليات التصفية وتهديد السلم الأهلي في مدينة الموصل، لقد أقام بشار الأسد بنية تحتية متكاملة لخدمة مشروع الأصولية الجهادية على الأراضي السورية وبأموال الشعب السوري وإمكاناته.
إيران دعمت بشار من الألف الى الياء، ومولت ودعمت لوجستياً تسرُّب قيادات وجماعات جهادية من أفغانستان الى العراق، (أنظر مذكرات سيف العدل) وقامت بإنشاء بنى تحتية لتنقل الجهاديين تحت أنظار المخابرات الإيرانية، في عين الوقت الذي كان تدعم فصائل أصولية شيعية في العراق وتحثها على مقاتلة الأمريكان.
الفارق الجوهري بين الدعم السوري والإيراني للأصوليات هو الأرضية الخصبة في سوريا، والتي لاتتوفر عليها الأرضية الإيرانية، بمعنى أن الأغلبية السنية للشعب السوري إستوعبت وتفاعلت ودعمت بقوة وعاطفة شديدتين تلك الأصوليات ما رسَّخ في الأذهان أحقية هذه الأصوليات وأحقية عملياتها الجهادية في مقارعة الطغيان والجبروت.
خطيئة بشار الكبرى انه أطعم الوحش الصغير دماً، وترك شعبه يتفاخر بهذا الوحش، ومشروعية نهمه للدماء، بشار لم يحسب حساب التأريخ، وفيزياء الفعل ورد الفعل، وأن التطرف قنبلة تنفجر على صانعها، لكنها بحاجة الى الوقت فقط، إيران نجت من هذه القنبلة لأن الأصولية السنية لاتنمو على أرضها ذات الأغلبية الشيعية، التأريخ والجغرافيا والفيزياء في جانب إيران، لكن ذلك لم يكن في جانب بشار، وكان الأمر كله بحاجة الى بوعزيزي واحد فقط لينقلب المارد على صانعه.
اليوم تخوض الأصوليات الجهادية السنية حرباً ضروساً على أرض سوريا والعراق، بدعم جوهري من السعودية وقطر، التأريخ سيعيد نفسه، بفيزيائه وجغرافيته، وهذه المرّة ستكون الحسابات ليست في مصلحة السعودية، وهي المرشح الأول لتكون ساحة للحرب القادمة مع الأصوليات، إن تعيد تقويم حسابات بالشكل الصحيح، فالشعب هناك مع الأصولية، والتطرف، والفقر والحرمان بين أفراد الشعب وتسلط هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخطاب الديني المتطرف، ولو أخذنا بنظر الإعتبار البنية التحتية التي أقامتها الأصوليات داخل الشعب السعودي للتجهيز والتعبئة والتبرع ورفد القتال في العراق سابقاً وفي سوريا والعراق لاحقاً لوجدنا أن هذه البنية التحتية ستكون أحد أهم المقتربات التي تجسِّر الهوة بين أرض سوريا والعراق وبين الأراضي السعودي، أضف على ذلك مظاهر الترف والبذخ لدى طبقة الأمراء والتجاهر بالفسق والفجور وبرامج الإنحلال الديني على الفضائيات الممولة سعودياً، كل تلك العوامل ستساعد على أن تكون السعودية مرشحة كهدف قادم للأصوليات الجهادية، وأكرر إن لم تُعِد العائلة المالكة حساباتها.
أما قطر فهي في الحسابات قصيرة الأمد ستكون بعيدة عن الإستهداف، لعدة أسباب:-
1- كل الفصائل الإسلامية الجهادية وغير الجهادية مهما كانت برامجها السياسية او العسكرية فهي تضع عيناً لها على مكة، هدفاً أعلى لولوج باب الأممية في الدعوة، فالدعوة هي الغاية الأسمى لكل الإسلاميين.
2- بدا للجميع إن قطر هي الداعم الإعلامي للأصولية الجهادية السنية (من خلال قناة الجزيرة)، ويتذكر العالم إنها كانت تبث أولاً بأول الخطابات الحماسية لشخصيات مرموقة في الأصولية الجهادية، كبن لادن والظواهري وغيرهم، حتى بات العالم موقناً أنها (أي الجزيرة) هي الناطق الرسمي بإسم الجهاديين.
3- مثَّلت دولة قطر البديل الحاضر لباكستان فيما يتعلق بالأصوليات الجهادية، حيث كانت مواقفها داعمة بشكل علني للأصوليات الجهادية السنية، وتجلى ذلك في أحداث الثورة السورية، وفي فترة ما قبل الثورة السورية كانت داعمة لأصولية جهادية شيعية هي حزب الله اللبناني، وسعت في أحداث ما بعد حرب تموز 2006 والإعتصام المفتوح الى التوفيق بين الفرقاء وإجراء طائف ثانية لو جاز التعبير لإرضاء حزب الله بعد أن صدّت حكومة فؤاد السنيورة كل الأبواب أمام مطلب حزب الله الا وهو الثلث المعطل في مجلس الوزراء.
4- دعمت الأصولية غير الجهادية للإخوان في مصر وإندفعت الى مديات كبيرة في تأييد دولة الإخوان ورئيسها مرسي، وإتخذت مواقف مناوئة للتغيير الذي قام به السيسي حتى ظن البعض أن قطر لم تعد تحترم إرادة الشعب والدولة والجيش المصري بسبب موقف هؤلاء الموحد تجاه الإخوان، هذا الموقف جعل الشرق الأوسط كله يحمل فكرة واحدة عن قطر، مُفادها أن قطر ساعية لترسيخ الأصوليات في العالمين العربي والإسلامي.
5- معروف أن عدد نفوس دولة قطر ضئيل جداً، وبما تتمتع به من موارد للثروات الطبيعية كالغاز فإن المستوى المعيشي للشعب القطري يمكن ان يُصَنَّفَ على انه مترف، وبذلك يصعب على الأصوليات إقناع شعباً مترفاً لحمل السلاح بوجه حكومته، خصوصاً وأنها تتمتع بسمعة عريضة في دعم الأصوليات.
6- على المدى البعيد ستنطبق على قطر المقولة المأثورة (أُكِلتُ يومَ أُكِلَ الثورُ الأبيض) لاسمح الله.
إيران وقطر بمنأى على المدى المنظور لتسلسل الأحداث من خطر الأصوليات الجهادية، ولكن لو إنتصرت تلك الأصوليات على دول المنطقة فإن ذلك الخطر سيطيح بالأقرب والأبعد بلا إستثناء، لذا على السعودية أن لاتصغي الى صوت الضغينة المذهبية، بل الى صوت العقل وفقط العقل، ويجب أن لاتقع في الحسابات المغلوطة التي وقع بها بشار حين ظن أنه بمنأى عن خطر تلك الأصوليات، وأجزم أنه اليوم وهاهي تضيق عليه دائرة الخطر، ومساحة سلطته تصغر كل ساعة، أجزم أنه يتمنى الف مرة لو أنه لم يقم بإفلات العقال عن هذا الوحش الذي ينمو سريعاً وأول من وقع تحت أنيابه هي أمه سوريا الداعمة!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | خطوات هامة قد تساعدك في تربية أطفالك منذ الصغ


.. حديث السوشال | مشهد نادر لإعصار مائي في القطيف.. وشيرين تبكي




.. صباح العربية | في مصر: فسيخ صحي لمرضى السكر.. وفتاة تلفظ أنف


.. صباح العربية | إطلالتك بالنظارة الشمسية.. دليلك الشامل لاختي




.. صباح العربية | من الهند إلى إسبانيا.. أصول مفاجئة لأشهر الأط