الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبدالرحمن عارف ودوره السياسي في العراق للمدة 1966-1968

وسام حسين علي العيثاوي

2015 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



المقدمة
لقد شغل بال الكثيرين من المعنيين في البلاد خلو منصب رئيس الجمهورية بعد وفاة عبدالسلام عارف، ولا سيما العسكريين منهم فصاروا يلتقون ويجتمعون فيما بينهم لا يجاد حل مناسب لهذه المشكلة الخطيرة. ومن بين هؤلاء الساسة ناجي طالب، طاهر يحيى، وصبحي عبد الحميد...وغيرهم . وفي 16 نيسان 1966 انتخب عبد الرحمن عارف رئيساً للجمهورية. وهنا سوف نتناول فترة حكم عبدالرحمن عارف للجمهورية العراقية التي طالت فترة حكمه سنتين منذ العام 1966الى العام 1968. عبر المحاور التالية.
اولاً : الجانب الاجتماعي لعبد الرحمن عارف.
ثانياً : أختيار عبدالرحمن عارف رئيساً للجمهورية.
ثالثاً : تحليل شخصية عبدالرحمن عارف.
رابعاً : الظروف السياسية في عهده
1- القضية الكردية في عهد عبد الرحمن عارف.
2- الصراع القومي الشيوعي.
خامساً: ابرز الاحداث السياسية في عهد عبد الرحمن عارف.
سادساً: أهم الاصلاحات والأنجازات التي تحققت في عهد الراحل عبد الرحمن عارف.
سابعاً : تقييم مرحلة حكم عبد الرحمن عارف (1966-1968).





اولاً : الجانب الاجتماعي لعبد الرحمن عارف.
عبد الرحمن عارف ولد في العام 1916 وتوفي في العام 2007 ، عسكري ورجل دولة عراقي ، وشقيق المشير عبد السلام عارف ، من مواليد بغداد، ومن جذور عائلية برجوازية صغيرة من منطقة الرمادي.وكان والده محمد عارف الجميلي (من عشيرة الجميله)، يشتغل بزازاً بالمفرد، وقد هاجر من مدينة الرمادي الى بغداد، وينتمي عبد الرحمن عارف الى عائلة لها ماضيها في الجهاد ضد الاستعمار البريطاني، فخاله الشيخ ضاري الذي قتل الكولونيل لجمن البريطاني اثناء ثورة العشرين، وعمه السيد عباس الذي قتله الانكليز في الرمادي، ولا يزال ابناء عمومته وابناء أخواله يسكنون في تلك المنطقة حتى يومنا هذا.
انتسب الى الكلية الحربية عام (1936-1937)، وعندما انضم الى تنظيم الضباط الاحرار في عام 1957 كان امراً لاحدى الوحدات المدرعة (فوج) ضمن تشكيلات الفرقة المدرعة الرابعة في معسكر الوشاش برتبة مقدم. رفض تنفيذ خطة انقلابية اعدتها اللجنة العليا في اواخر عام 1957 لمناسبة استعراض يوم الجيش في 6 كانون الثاني 1958 بحجة عدم وجود ذخيرة كافية وقلة عدد المنتسبين للضباط الاحرار في وحدته.
على اثر الخلاف بين اخيه عبد السلام عارف وعبد الكريم قاسم بعد نجاح ثورة 14 تموز 1958 نقل مع وحدته الى الحدود الاردنية ، ثم احيل الى التقاعد 21/8/1962. وبعد ثورة 8/ شباط/ 1963 ضد عبد الكريم قاسم عين قائداً للفرقة الخامسة، وساهم في تنفيذ خطة انقلاب عبد السلام عارف في 18/ تشرين الثاني / 1963 وعين على الفور رئيساً للاركان رغم محدودية كفاءته العسكرية.
ثانياً : أختيار عبدالرحمن عارف رئيساً للجمهورية.
على اثر وفاة عبد اليسلام عارف في حادث طائرة في 13/ نيسان/ 1966 اجتمع مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني لانتخاب خلف له، في 16 نيسان 1966 انتخب عبد الرحمن عارف رئيس الأركان بالوكالة، رئيساً للجمهورية وانتخب لهذا المنصب من قبل مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطني مجتمعين، فقد قدم عبدالرحمن البزاز استقالته الى الرئيس الجديد (عبدالرحمن عارف) ، فكلفه الاخير بتأليف الوزارة ثانية في 18 نيسان 1966.
أسهمت عوامل عديدة في صعود عبدالرحمن عارف الى المنصب الاول في العراق فقد كان ضابطاً، وكان شقيقاً للرئيس الراحل، واعلنت القاهرة وقوفها الى جانبه، وكان الاعضاء العسكريون في مجلس الدفاع الوطني من تعيين شقيقه، وربما كان الاهم من هذا هو ان الخيوط الحساسة للسلطة العسكرية، وخصوصاً لحامية بغداد، كانت في ايدي اقاربه القبليين وعلى رأسهم الزعيم ( سعيد صليبي)، واكثر من هذا، فإنه كان الاقل طموحاً والاقل خطراً من بين المرشحين الثلاثة.
رابعاً : تحليل شخصية عبدالرحمن عارف.
كان نظام عبد الرحمن عارف، بكل مظاهره الاساسية، استمراراً لنظام شقيقه (عبد السلام عارف)، وبقي محوره هو الحرس الجمهوري، وخطّه الموجّه هو الحفاظ على التوازن القائم بين القوى العسكرية الاخرى. واستمرار الجميليون – طبعاً- في تشكيل العمود الفقري للحرس الجمهوري وعلى العموم فقد كان فرق بين شخصيتي (العارفين) فكان عبدالرحمن عارف أكثر بساطة، وأقرب الى القلب وأقل عدوانية، من عبدالسلام، وكان عبدالرحمن كذلك بلا حدس سياسي ويفتقر الى الطاقة والدهاء والسلطة القوية لاتخاذ القرار، وهي سمات تميز بها شقيقه (عبدالسلام عارف). وكان ضعيفاً متردداً في اتخاذ القرارات ، ينقصه الحزم والحنكة والحذر واليقظة التي يجب ان يتصف بها رئيس الجمهورية. واكثر من هذا فإنه لم يكن على معرفة، كعارف الاصغر، بالشؤون العامة ولا كان – مثله- يحس بأقل تذبذب يطرأ على حياة سلك الضباط.
وعلى الرغم من ان ولاية عبد الرحمن عارف شكلت من حيث طابعها العام استمراراً لحكم عبدالسلام عارف ، الا ان كفاءة عبدالرحمن في الحكم وفي المناورة والخبث والهمة والحسم كانت اقل بكثير من سلفه واخيه ، بحيث كان يطلق عليه تسمية " بدل ضائع" ، ونتيجة لضعفه اصبح الحكم في عهده لعبة استغلتها كتل الضباط وكبار الموظفين والفئات السياسية الصغيرة واستشرت الولاءات الاقلمية والعشائرية ، وفقد التنافس السياسي بين الفئات المشاركة في الحكم او في النفوذ المعنى السياسي والفكري المعتاد ، وكانت ميوله التقليدية سبباً في تمرير قوانين لصالح أصحاب الاراضي وضرب الاقطاع منذ ثورة 14/ تموز / 1958، وعلى الرغم من محاولتهم الانقلابية ضده في 30/ حزيران/ 1966، فأن عبد الرحمن عارف اطلق سراح العديد من االضباط الناصريين وعينهم في مناصب مهمة.
لم يتمتع الرئيس عبد الرحمن عارف بخبرة واسعة في السياسة الدولية ولم تكن خلال فترة حكمه أي سياسة مميزة أو واضحة إلا بعض الإنجازات المحدودة على صعيد إكمال القليل مما بدأ به الرئيس السابق عبد السلام عارف في مجال العمران وكذلك في مجال التسليح.أكثر ما عرف عنه تسامحه ومحاولاته في فسح المجال لمعارضيه بنوع من الديمقراطية فأسس ما يعرف بالمجلس الرئاسي الاستشاري الذي ضم عدداً من رؤساء الوزارات السابقين كان يعد بعضهم من الخصوم.
خامساً: الظروف السياسية في عهده
1- القضية الكردية في عهد عبد الرحمن عارف.
شهدت الفترة الممتدة ما بين عامي (1966-1968) انفراجاً نسبياً في الحياة السياسية، اذ تجاوب الرئيس الجديد مع بعض مطاليب القوى السياسية والاسلاميين، كما اصدر البيان رقم (29) لعام (1966) والخاص بمنح الاكراد حقوقهم القومية. وقد تضمن البييان المواد التالية:
1. لقد اعترفت الحكومة العراقية اعترافاً قاطعاً بالقومية الكردية في الدستور المؤقت المعدل وهي مستعدة لتأكيد هذا الاعتراف وتوضيحه في الدستور الدائم بحيث تصبح القومية الكردية والحقوق القومية اللاكراد في الوطن العراقي الواحد الذي يضم قوميتين رئيسيتين العربية والكردية وسسيتساوى العرب والاكراد في الحقوق ووالواجبات.
2. ان الحكومة مستعدة لاعطاء هذه الحقيقة السليمة ووجودها الحقيقي قانون المحافظات الذي سيعلن على اساس اللامركزية وسيكون لكل محافظة وقضاء وناحية شخصية مشاركة يعترف بها ولكل وحدة ادارية مجلسها المنتخب الذي يتمتع بصلاحيات واسعة في مجال التعليم والصحة وغيرهما من الشؤون المحلية ويخول القانون نفسه صلاحية احداث تعديلات ضمن اطار الوحدات الادارية كما يخول صلاحيات انشاء وحدات ادارية جديدة اذا اقتضت المصلحة العامة لذلك.
3. لا حاجة الى القول ان الحكومة تعترف باللغة الكردية لغة رسمية الى جانب اللغة العربية في المناطق التي تسكنها اكثرية كردية وسيكون التعليم باللغتين على وفق ما يحدده القانون والمجالس المحلية.
4. تعتزم هذه الحكومة اجراء انتخابات برلمانية ضمن المهلة التي حددها الدستور المؤقت والبيان الوزاري وسيشمل الاكراد في المجلس الوطني المقبل بالنسبة الى عدد السكان وعلى وفق المنهج المنصوص عليه قانون الانتخابات.
5. لاحاجة الى القول ان الاكراد سيشاركون اخوانهم العرب في جميع المناصب العامة على وفق نسبة عددهم بما في ذلك الوزارات والدوائر العامة والمناصب القضائية والدبلوماسية والعسكرية مع اخذ مبدأ الكفاءة بعين الاعتبار.
6. سيخصص للاكراد من المنح الدراسية والببعثات الى الخارج للتخصص في ضوء الكفاءات الشخصية وحاجة البلاد وستهتم جاكمعة بغداد اهتماماً خاصاً بتدريس اللغة الكردية وأدابها وتقاليدها العقائدية والتاريخية كما ان الجامعة ستفتح فروعاً لها في الشمال متى ما توفر المال اللازم لذلك.
7. الموظفون الحكوميون في المحافظات والاقضية والنواحي سكونون من الاكراد ولا تعطى مثل هذه الوظائف لغيرهم الا اذا كان في ذلك في مصلحة المنطقة.
8. تقضي الياة البرلمانية بأنشاء منظمات سياسية وسيكون للصحافة الحق في الاعراب عن رغبات الشعب وسيشارك الاكراد في هذه الحقوق ضمن حدود القانون.
9. أ- عندما تتوقف اعمال العنف سيصدر عفو عام عن جميع الذين اشتركوا في هذه الاعمال في الشمال وكذلك جميع الذين صدرت بحقهم احكام لاشتراكهم في اعمال العنف او لعلاقتهم بها كما سيشمل العفو جميع الذين قيدت حريتهم.
ب- عودة جميع المسؤولين الموظفين الاكراد الى مناصبهم السابقة وساام التعينات بصورة عادلة.
10. يعود الفارون الى وحداتهم شريطة ان يتم هذا شهرين وسيعامل اولئك العائدون بعطف كما سيمنحون عفواً خاصاً ويطبق ذلك فور اصدار هذا البيان على وفق الشروط الاتية:
• يجب ان يعود جميع من كانوا في الجيش ومعهم اسلحتهم.
• يجب ان يعود من كان في الشرطة الى قوة الشرطة ومعهم اسلحتهم.
• يعتبر جميع المدنيين ممن حملوا السلاح في فترة العنف منظمة ملحقة بالدولة وستساعدهم الحكومة على استئناف حياتهم العادية والى ان يتم ذلك فستظل الحكومة مسؤلة عنهم وعلى جميع اولئك الذين يستافنفون حياتهم العادية ان يسلموا جميع اعتدتهم واسلحتهم وذخيرتهم الى الحكومة وفق الخطة التي تعد لهذه الغاية.
• تعود قوة الفرسان الى مراكزها عند احلال السلام اما اسلحتهم فستترد منهم وفقاً للخطة الموضوعة لهذه الغاية.
11. تخصص جميع الاموال التي تنفق على مكافحة اعمال العنف لاعمار الشمال وسوف تنشأ هيئة خاصة لاعمار المنطقة الكردية ويخصص المال اللازم لهذهالهيئة لتحقيق انجازاتها مما هو مرصود لتنفيذ الخطة الاغائية للبلاد وسيعين وزير خاص لرعاية مناطق الاصطياف وزراعة التبغ كما ان الحكومة لاسباب وطنية وانسانية ستكفل الايتام من الارامل وجميع الذين اصيبوا بعاهات نتيجة العنف
12. ستعمل الحكومة على اعادة اسكان الافراد والجماعات الذين نزاحوا عن مناطقهم او اجلوا عنها بغية ايجاد وضع عادي واذا رأت الحكومة أن المصلحة العامة تتطلب منها في المستقبل استملاك اي متاع فان ذلك يجب ان يقترن بتعويض عادل وسريع.

وقد حظى هذا البيان بتأييد وقبول الكرد بصفة خاصة وتأييد جميع ابناء الشعب العراقي بصفة عامة، كما ايد الرئيس جمال عبدالناصر البيان في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة 23/تموز/ 1952، وقال: " كنا ننادي دوماً بحل سلمي بين ابناء العراق الواحد وقد استطاعت حكومة العراق ان تصل الى اتفاق ينهي الثورة وهذا عمل تشكر عليه " . ورغم ذلك لم تحل القضية بشكل نهائي، حتى سقوط النظام في تموز/1968 ومجيء حزب البعث إلى السلطة.

2- الصراع القومي الشيوعي.
منذ انتخاب عبدالرحمن عارف للرئاسة في نيسان 1966وحتى حرب حزيران 1967 كان الحزب الشيوعي العراقي يعارض النظام الحاكم بشكل متزايد، وشكل الحزب في أيام رئاسة عبدالرحمن البزاز للحكومة وحدة " صدم" مدنية ، التي كان يأمل باستخدامها كقوة إسناد اذا ما سنحت الفرصة امام الفرع العسكري للحزب للقيام بأنقلاب ضد النظام، وعلى الرغم من ان الاتحاد السوفيتي (السابق) عبّر في 3 اب 1966، وبعد زيارة قام بها البزاز الى موسكو عن " تقديره العميق" لسياسة عدم الانحياز التي يسير فيها ووافق على الخطوات الايجابية التي اتخذها لوضع حد للحرب الكردية، فإن الحزب لم يغيير موقفه.
وفي 17 ايلول 1967 تشكلت رسمياَ منظمة شيوعية مستقلة اتخذت لها اسم " الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية"، وكان على رأس هذه المنظمة مكتب سياسي مؤلف من خمسة اشخاص هم عزيز الحاج علي حيدر سكرتيراً، وحميد خضر الصافي، واحمد محمود الحلاق، وكاظم رضا الصفار، ومتي هندي هندو. فقد تبنى هذ الحزب الجديد خطاً معادياً بحدة للنظام القائم انذاك ودعا الى تسليح الجماير والعنف الثوري والنضال الشعبي المسلح في المدن والريف بهدف اقامة حكم الجماهير في النهاية أو كما جاء في صياغة أخرى، أقامة نظام ثوري شعبي ديمقراطي بقياد الطبقة العاملة.

خامساً: ابرز الاحداث السياسية في فترة عبد الرحمن عارف.
1- محاولة عارف عبد الرزاق الانقلابية.
واجه الحكم محاولة انقلابية قام بها عارف عبد الرزاق في 30 حزيران 1966 بالتعاون مع عدد من الضباط المعروفين باتجاهاتهم الناصرية، وقد استولى الانقلابيون على دار الاذاعة ونددوا بنظام الحكم ، الا ان عبد الرحمن عارف سرعان ما استطاع ان يقمع الحركة وقد اعتقل عارف عبدالرزاق، وفي اليوم الاول من تموز عادت الحياة الى طبيعتها، ويبدو ان من اسباب فشل الحركة وصول معلومات عنها الى عبدالرحمن عارف ووضعه خطة مضادة لها.
استفاد عبدالرحمن عارف من ظروف قمعه لحركة عارف عبدالرزاق الانقلابية في تثبيت مركزه، وبدأ الضباط المؤيدون له يثبتون أقدامهم في السلطة، بعد ان شعروا برغبة البزاز في اجراء الانتخابات تمهيداً لاجتماع ممثلي الشعب، ولم يكاد يمضي شهران على تأليفه الوزارة الجديدة حتى ظهر انعدام التعاون بينه وبين رئيس الجمهورية، فأظطر الى الاستقالة في 6 اب 1966.
2- وزارة ناجي طالب.
كلف رئيس الجمهورية (عبدالرحمن عارف)، ناجي طالب، وهو من قادة ثورة 14 تموز 1958 بتأليف الوزارة في اليوم ذاته بعد استقالة البزاز، واستمر ناجي طالب في الحكم حتى 10 ايار 1967، ولقد واجهت الوزارة مشكلة دستورية، وهي ان الدستور المؤقت نص على مهلة ثلاث سنوات يضع خلالها المجلس الوطني دستوراً دائماً، ولم يصدر الدستور، فقد بات تعديل الدستور امراً ضرورياً وتخويل الوزارة صلاحية إصدار القوانين لحين اجراء الانتخابات، وقد تقرر الحل الثاني في 3 ايار 1967، كما كان للضغوط التي تعرض لها ناجي طالب من بعض الضباط المتنافسين، أثر كبير في استقالته، فألف عبدالرحمن عارف الوزارة في 10 ايار 1967، وعين له اربعة نواب منهم طاهر يحيى، وقد واجهت هذه الوزارة ظروف هزيمة حزيران 1967. وبعد الحرب ادرك عبدالرحمن عارف، صعوبة الجمع بين منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، فتخلى في 19 تموز 1967 عن سلطاته كرئيس للوزراء الى طاهر يحيى. وكانت هذه الوزارة تتميز عن سابقاتها في ميزة واحدة، وهي انها تتألف من عناصر اكثر توافقاً نسبياً في ما بينها، وتجمع بين السياسين والناصرين والقوميين المستقلين.
3- اختطاف الطائرة المقاتلة ميغ 21 من قبل الجاسوس منير روفا حيث تمكن في عام 1966 من الهروب بالطائرة وإعطائها إلى إسرائيل، وبعد هبوط الطائرة عقد مؤتمر صحفي سمح لمنير روفا بالتحدث لفترة وجيزة تحدث فيها عن دوافعه لخيانة بلده وسلاحه مدعياً بأنه كان يعاني من التفرقة الدينية وأنه يشعر بأن العراق ليس بلده لذلك طلب اللجوء والهجرة إلى الولايات المتحدة. وبعد فترة وجيزة لحقت عائلته به في إسرائيل ولم يسمح له بمغادرة الأراضي الإسرائيلية والتوجه إلى أميركا، بل منح الجنسية "الإسرائيلية" وكوفيء بمنحة مالية.
4- أما الحدث المهم الاخر فهو العدوان الذي قامت به الإسرائيل في حرب حزيران عام 1967 حيث شنت القوات الإسرائيلية هجوماً مدبراً على بعض القطعات العسكرية لدول المواجهة العربية. استخدمت إسرائيل وعلى نطاق واسع الأسلحة المحرمة دوليا كما استخدمت حربا نفسية أريد منها إفهام المواطن العربي بانها نكسة وهزيمة وأن الجيش الإسرائيلي أسطورة لا تقهر للحط من معنويات المواطن العربي ووضع حاجز بينه وبين قياداته التي كانت تطمح لهزيمة إسرائيل. شارك الرئيس عبد الرحمن عارف بقوات عسكرية لدعم الجبهة على الرغم من القوات الكبيرة الرابضة في المفرق في الأردن إلا أن الدعم الاميركي والبريطاني والفرنسي المعلن بالتدخل في حالة رد الدول العربية على العدوان ما لم تستجب لقرار مجلس الامن الدولي 242 أفشل خطط الهجوم المضاد العربي وجعل إسرائيل بواقع المنتصر.
5- تفاقم الوضع السياسي في البلد نحو الاسوء وزيادة التذمر الشعبي خاصة بعد نكسة القوات الشعبية في حزيران/1967 في فلسطين أمام القوات الاسرائيلية، إذ برزت الأنظمة العربية (والنظام العراقي من ضمنها) ضعيفة جداً أمام التحديات الخارجية، إذ ان الفوضى في الجهاز العسكري العراقي بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والصراع الداخلي بين الضباط من جهة والجيش والأزمات الداخلية (القضية الكردية على وجه التحديد) من جهة أخرى، كل هذه الظروف مجتمعة قللت من فاعلية الجهاز العسكري برمته وهذا ما انعكس على الوضع السياسي وزيادة التذمر الشعبي وظهور الحكومة العراقية ضعيفة لا تتمتع بالتأييد الشعبي.
6- أما في مجال السياسة الخارجية فقد سعت الحكومة إلى تحسين صورة العراق وتحسين علاقاته بعد أزمة الكويت، وتمتع خلالها العراق بعلاقات حسنة نسبياً مع دول الجوار والقوى العظمى (الاتحاد السوفيتي، الولايات المتحدة الاميركية، بريطانيا وفرنسا) آنذاك الا انها سرعان ما تأزمت بعد حزيران/1967 مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بسبب موقفها الداعم لإسرائيل، ومهما يكن من شيء فان العراق قد سعى إلى زيادة تمثيله في دول العالم الذي حقق نجاحاً نسبياً خاصة بعد المحاولات العراقية لدعم كل من سوريا ومصر في مواجهتهما مع اسرائيل.
7- بروز الصراع السياسي الكبير بين ضباط الجيش العراقي في قمة الهرم السياسي (خاصة بين الضباط الذين يميلون إلى جهة النظام) والضباط الناصرين وهذا ما زاد من حالة عدم الاستقرار السياسي في الدولة خاصة بعد توالي محاولة الانقلاب العسكرية من اللواء عارف عبد الرزاق على وجه التحديد (الضابط الناصري) فكانت الأولى في عهد عبد السلام عارف، وكانت الثانية في عهد عبد الرحمن عارف، ومع استثناءات قليلة في عهد عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء ومحاولته السيطرة على الصراع من خلال حل مجلس قيادة الثورة وتحويل اغلب صلاحياته إلى مجلس الوزراء ومحاولته حل القضية الكردية المزمنة وتوجهه الليبرالي السياسي، إلا ان صراعه مع العسكر حسم ضده واضطر إلى الاستقالة وعاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً.
ساساً: أهم الاصلاحات والانجازات التي تحققت في عهد الراحل عبد الرحمن عارف:
الاصلاحات.
بعد ان كان العراق رائداً بمجال الحريات و الديمقراطية بالعهد الملكي جائت الدوامه العسكرية المتمثلة بشخصين قاسم و عارف الذين قاموا بالانقلاب لتبتعد الديمقراطية عن العراق الى ان اتى عبد الرحمن محمد عارف شقيق عارف شريك قاسم اصحاب الثورة ليقوم بالاصلاح الذي لو قدر له الاستمرار لكان حال العراق مختلف وكان عارف يفضل الانفتاح على جميع التيارات المعارضه منها و المؤيده للخروج بعراق ديمقراطي ولكن التهديد للمصالح الغربية من الحريات الوليده وتهديد مطلق للمصالح الامريكية بالمنطقه لم يكن بصالح الغرب تحول دول المنطقه الى الديمقراطية بل دعم الانظمة الدكتاتورية للكبت على الشعوب واقحامها بالحروب والهائها عن القضية الفلسطينية
قام بتأسيس المجلس الرئاسي الاستشاري الذي كان يظم رؤساء الوزراء السابقين بالعراق وكان عارف العسكري يحاول سحب البساط من تحت اقدام العسكر وكان يُنتظر ان يعلن فيما بعد ان المجلس هو المسؤول عن تعين الرئيس مما يعني ضربة قاصمة للعسكر لان غالبية المنتسبين للمجلس الرئاسي هم مدنيين ولكن الانقلاب باغت الرئيس عبد الرحمن محمد عارف لتقف واحدة من اعظم التحولات الى الديمقراطية. كما واطلق عارف الحريات الصحفية و بالفعل تاسست بعض الصحف العراقية المستقلة و التي اصبحت فيما بعد جريمة عقوبتها الاعدام
شهد العراق استقراراً امنياً وسياسياً بعد ان اتبع الرئيس سياسه التسامح التي كسب منها الكثير ، اذ قام بزيارة الشمال العراقي ولقاءة الزعيم الكردي ملا مصطفى البرزاني ، وكذلك قام بزيارة تاريخية الى ايران للتعبير عن الصداقة و نجح بذلك و اوقف شلال الدم (العرب من جهه و الاكراد)
كان موقف عارف واضح مع المحيط العربي و مع القضية الفلسطينية فشارك العراق بشكل مهم من خلال قواتة المتواجده بالاردن و قام عارف بفتح قاعدة الحبانية للقوة الجوية المصرية و بعض القوات الفلسطينية .
الانجازات.
• تنفيذ معمل استخلاص الكبريت من الغاز الطبيعي في كركوك عام 1966.
• تنفيذ خط أنبوب نقل الغاز الجاف من كركوك إلى بغداد لتجهيز محطات توليد الكهرباء و المعامل و المصانع الكبيرة بالوقود عام 1967.
• تنفيذ خطة أنبوب نقل الغازات النفطية السائلة الخام من كركوك إلى معمل التاجي للغازات النفطية عام1967.
• تشييد معمل التاجي للغازات النفطية حيث تم توقيع عقد تنفيذ المشروع في 7 مارس 1966 مع شركة سبي الفرنسية و أنجز العمل عام 1968.
• توقيع عقد تصدير النفط الأسود و النافثا من العراق إلى تركيا في آذار 1968.
• توقيع بروتوكول تصدير الغاز الطبيعي بالأنابيب من العراق إلى تركيا في 6 نيسان 1967.
• بلغ مجموع ما أنتجته شركة نفط العراق خمسمائة مليون طن من النفط في 30 نيسان 1967.
• صدور القانون رقم 97 لسنة 1967 وهو بداية الاستثمار الوطني أو التأميم الهادئ الذي جاء بموجبه تحريم استثمار النفط من المناطق المستردة من شركات النفط العاملة في العراق بطريقة الامتياز أو ما في حكمه”. و يمكن القول أن هذا القانون جعل الغرب يقرر إزاحة الرئيس عبد الرحمن عارف بالاضافه إلى امتناعهِ من إعطاء امتيازات لشركات أمريكية و انكليزية من استخراج الكبريت.
• صدور القانون رقم 123 لسنة 1967 الخاص بإعادة تكوين شركة النفط الوطنية العراقية و أعتماد الموارد المائية لتمكينها من أهدافها الأساسية.
• توقيع عقود الخدمة مع شركة أيراب (الف – العراق) الفرنسية لتطوير حقول نفط ميسان في 20 تشرين الثاني.1967.
• توقيع مذكرة التفاهم بين شركة النفط الوطنية العراقية ومع الجانب السوفييتي حول استثمار و تطوير حقل نفط الرميلة الشمالي عام 1968.
• استحداث مؤسسة تعبئة الطائرات بالوقود و الزيت بالتعاون مع شركة اير توتال الفرنسية عام 1968.
• إعادة تشغيل مصفى القيارة وتصدير ما ينتجه من الإسفلت الى سيريلانكا.
• توقيع عقد الدراسات الاستثمارية لمشروع تصدير الغاز بالأنابيب من العراق إلى تركيا مع شركة بكتل الفرنسية في اذار1968.
• افتتاح مصفى الدهون في الدورة في 23 حزيران 1968. في مجال الوحدة الوطنية أسس مجلس استشاري يضم رؤساء الوزراء السابقين ووجهاء من أبناء الشعب لوضع منهج للاختيار ممثلي الشعب والبدء بأعداد البلد للانتخابات الحرة.
سابعاً: تقييم مرحلة حكم عبدالرحمن عارف.
تسلم عبد الرحمن عارف حكم البلاد بعد مصرع اخيه عبد السلام عارف وقد وضعته المقادير امام الخيار الصعب ، كان رجلاً طيب القلب صافي النية حسن السيرة مسالماً الى ابعد الحدود يصدق كل ما يقال له كذباً ام حقيقة ، لا يشك في وطنيته واخلاقه احد، وكان ضعيف يتأثر بالمحيطين بهم ويتبنى راي اخر من يقابله، كان فترة حكمه العوبة بيد القادة الكبار العسكريين، وكانت الاوضاع تزداد سوءاً في جميع المجالات وهو لايصلح لحكم بلد كالعراق، قال صبحي عبد الحميد " أنه متردد ضعيف الشخصية على الرغم من كفاءته ونزاهة رؤساء الوزراء الثلاثة الذين استوزرهم وهم (عبد الرحمن البزاز، وناجي طالب، وطاهر يحيى) وسلم امره الى زمرة من الضباط المتأمرين اعتمد عليهم اعتماداً كلياً وهي زمرة عبدالرزاق النايف امر الحرس الجمهوري، وابراهيم الداود سيأ الصيت حيث كانوا يعيثون في البلد فساداً على الرغم من نصح وزرائه بأبعادهم الا انه اصر على الاعتماد عليهم حتى اطاحو به بانقلاب 17 تموز بالاتفاق مع حزب البعث.
تراجعت في عهد مشاريع الوحدة الاشتراكية لضعفه وسيطرة هؤلاء الضباط على قراراته لم يستطيع رؤساء الوزارات الاكتفاء لتقديم الخدمات التي كانوا عازمين على تقديمها الى الشعب والتي جاءت في منهاج وزاراتهم، وتأخر كل شيء في البلد حتى صار حكمه هزيلاً يسير بخطى حثيثة نحو الزوال ولذلك لا يستطيع اي شخص تقويم العهد لانه لم يفعل شيئاً ملموساً للوطن والمواطن.
المصادر:

1. ابراهيم خليل احمد، جعفر عباس حميدي: تاريخ العراق المعاصر ، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل ، 1989.
2. حنا بطاطو : العراق الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية، ترجمة عفيف الرزاز، الجزء 3 الشيوعيون والبعثيون والضباط الاحرار.
1. د. عبد الوهاب الكيالي: موسوعة االسياسة ، الجزء الثالث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1981.
3. صلاح الخراسان، حزب الدعوة الاسلامية- حقائق ووثائق- فصول من تجربة الحركة الاسلامية في العراق خلال 40 عاماً، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والبحوث الستراتيجية، سوريا، 1992.
4. عبد الرزاق محمد اسود، موسوعة العراق السياسية، المجلد السابع، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 1986.
5. علياء محمد حسين الزبيدي: : العهد العارفي في العراق(196-1968)، دار ومكتبة عدنان للطباعة والنشر ، بغداد، ط1، 2013.
1. ليث عبد الحسن الزبيدي: ثورة 14 تموز 1958، منشورات مكتبة اليقظة العربية، بغداد، ط2، 1981.
6. مذكرات صبحي عبدالحميد: العراق في سنوات الستينات 1960 -1968، دار بابل للدراسات والاعلام، العراق ، ط1، 2010.
7. مروة حامد، الاكراد والشيعة بين الانفصال والحكم الذاتي، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للدراسات السياسية، القاهرة، العدد136، اذار/1999.
8. - شبكة المعلومات العالمية الانرنيت على الرابط التالي: http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86_%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%8
9. زيد ابو يوسف: معلومات عن عبد الرحمن عارف ، 2012/02/22، شبكة المعلومات العالمية (الانترنيت)على الرابط التالي: http://www.startimes.com/?t=30222020

10. كاظم فنجان الحمامي : مواصفات القائد --عبد الرحمن عارف (2/6/2013)شبكة المعلومات العالمية (الانترنيت) على الرابط التالي :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=669865.0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار