الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازدواجية المتعة في عالم نجيب محفوظ الروائي بين القراءة والفرجة نموذج رواية القاهرة الجديدة

هدى توفيق

2015 / 6 / 14
الادب والفن


ازداوجية المتعة في عالم نجيب محفوظ الروائي
بين القراءة والفرجة (نموذج رواية القاهرة الجديدة)


أعترف أنني من عشاق قراءة أدب أديبنا الكبير نجيب محفوظ، وهناك روايات بعينها قرأتها أكثر من مرة مثل الحرافيش، زقاق المدق، القاهرة الجديدة، الثلاثية في بدء الأمر، وربما لعدم وعي كبير مني، أو لرومانسية العشق للكتاب المطبوع، لم أتعاطف كثيرا مع مشاهدة أفلام نجيب محفوظ المأخوذة عن رواياته العديدة، وكنت من أصحاب النظرة التي تتهم السينما، بأنها أساءت إلى روايات نجيب محفوظ، وإن السينما لم تستطع أن تنقل هذه الروايات بالضبط، وهذا بالطبع خطأ كبير وقعت فيه، كما قد يقع فيه عامة الناس، فليس الأمر كما نظن مجرد نقل شئ من مكان إلى مكان آخر، وأن تحويل هذا العمل الأدبي إلى عمل سينمائي مستقل وله كينونته الجديدة بل أيضا له تأثيره المختلف عن تأثير الرواية وقد شعرت بهذا الخطأ تحديدا، عندما شاهدت فيلم القاهرة الجديدة أو القاهرة 30 أكثر من مرة على شاشة التليفزيون حتى أدركت أن السينما صورة قبل أن تكون حوارا، وأن الفن ليس هو تقديم الحياة ولكنه إعادة تقديم الحياة.
المخرج الإيطالي الكبير انطونيوني يدلي برأيه في هذه القضية قائلا {أن القصة التي تستهويني أكثر، والصورة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها فهم القصة.} ويؤكد ماكلون وهو من أشهر المتخصصين في علم الاتصال بالجماهير{ على عدم الاختلاف على ذلك، ومدى ارتباط السينما خاصة بالنسبة للسيناريو أي بثقافة الكتاب، موضحا أن الفيلم بمثابة وسيط للتعبير أو وسيلة للتوصيل وهي وسيلة إذا انتفت انتهى معها الفن نفسه، فكلما اقترب الفيلم من المحلية كلما زاد شموله الإنساني وهذا لا يتأتى الآن خلال التصوير المبدع للبيئة، والتمييز في رسم الشخصيات، فإن الكاميرا بالنسبة للسينما هي القلم الذي يستخدمه المخرج في تنفيذ عمله وتكون حركة الكاميرا وزواياها بمثابة الجمل والكلمات} ربما لم تتعامل السينما المصرية طوال تاريخها الممتد لما يقرب من 80 عاما بكل هذا الترحاب مع أديب، مثلما تعاملت مع نجيب محفوظ الذي بدوره يمكن وضعه كواحد من أكثر أدباء العالم، وليس مصر فحسب تعاملا مع الفن السابع سواء كان ذلك من خلال كتابته للسيناريو والحوار والمعالجة السينمائية لـ 26 فيلما تم إنتاجهما في فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، أو من خلال تحويل 22 رواية من رواياته التي كتبها قرابة 27 فيلما سينمائيا من بينهما سبعة أفلام مأخوذة عن رواية الحرافيش واثنان عن الطريق،على نحو تسعة أفلام مأخوذة قصصه الصغيرة، وكلها تبرز وجهة نظره ككاتب في التاريخ السياسي والاجتماعي لمصر في القرن العشرين.
نستطيع القول أن مشروع الرواية الواقعية قد ظهر في أدب نجيب محفوظ مباشرة بعد روايته التاريخية كفاح طيبة 1944 فقد أصدر في العالم التالي روايته القاهرة الجديدة التي شدت الأنظار إليه بقوة والطريف أن هذه الرواية قد أخذت اسم القاهرة 30 عندما أخرجها رائد السينما الواقعية في مصر المخرج الكبير صلاح ابو سيف وقام بعمل السيناريو لطفي الخولي قدم المخرج صلاح أبو سيف القاهرة 30 المأخوذة عن رواية نجيب محفوظ القاهرة الجديدة التي تعدة التمهيد الذي افتتح به نجيب محفوظ رواياته الواقعية النقدية لمرحلة في تاريخ مصر في القاهرة 30 يتحول الغليان السياسي والاجتماعي الذي تمثله محفوظ في أربع شخصيات في الجامعة كلية الآداب، هم محجوب عبد الدايم المعدم شكلا ومضمونا ليس لديه أي مبدأ أو أساس قيمي ينهج به طريقة حياته غير التعبير بكلمة (طظ)، فهي مثله الأعلى لكل شئ من أجل تحقيق مأربه وأنانيته المفرطة، الثاني أحمد بدير الصحفي المعتدل معبرا عن وجهة نظره ببساطة قائلا على لسانه:
- أن الصحفي عليه أن يسمع، لا أن يتكلم.
الثالث هو مأمون رضوان الذي يؤمن بقيمة الدين والعمل به كمنهج مثالي في حياتنا لأن الله في السماء والإسلام على الأرض قائلا على لسانه:
- الدين – الإسلام بلسم لجميع آلامنا.
ويشق طريقه لتحقيق هدفه بالسفر لبعثة السوربون التي رشحه لها أستاذ الفلسفة الفرنسي.
الرابع هو علي طه الذي يعتبر من الشخصيات المحورية والهامة في الرواية وذلك لأفكاره القوية والمستنيرة عن المثل العليا والاشتراكية التي تخص المجتمع الجديد الذي يحلم به قائلا على لسانه:
- أومن المجتمع، الخلية الحية للإنسانية، فلنرع مبادئه على شرط ألا نقدسها لأنه ينبغي أن نتجدد جيلا بعد جيل بالعلماء والمربيين.
يندفع علي طه بروحه الطموحة والجريئة إلى عالم الحرية فيترك عمله في المكتبة ويفتتح جريدته المعبرة عن كل آماله وطموحه لتحقيق أحلام الوطن الجديد.
هذا الصراع بين الشخصيات الأربع بين الإيجابية والسلبية حيث ينتصر للأول ويتغير العنوان من القاهرة الجديدة إلى القاهرة 30 وهذا بلا شك له مغزى كبير حيث برأ الفيلم مرحلة الستينات من النماذج الإنسانية التي تعرضها الرواية والتي قد تعد نقدا للمرحلة.
رغم أن وهج الأسلوب في مجال الرواية والمسرحية تقع في الكلمات فهما ينتميان إلى فن الأدب بينما الفيلم ينتمي إلى الفنون البصرية أو المرئية ويحصل على جاذبيته من الكلمات والصورة والموسيقى لكني أعترف وهذا مجرد انطباع شخصي أن القاهرة 30 التي قدمها المخرج الكبير صلاح أبو سيف وسيناريو لطفي الخولي كان بها أمانة كبيرة والتزام صارم تجاه العمل الأدبي الأصلي القاهرة الجديدة عن معالجته في الفيلم السينمائي القاهرة 30، وإن كنت لا أبالغ في قولي أن الفيلم طبق المقولة الشائعة:
- إن العين تصدق ما تراه ولا تصدق الأذن كل ما تسمع
في الحقيقة لم تحظَ أعمال أي اديب في مصر أو حتى في الوطن العربي باهتمام السينما بها وتحويلها إلى أفلام سينمائية مثلما حظيت أعمال نجيب محفوظ الروائية والتصميمية ولم ينافسه في هذا الأمر سوى إحسان عبد القدوس حتى عرفه المتفرج العادي، وأصبح مجرد اسم نجيب محفوظ على الفيلم يساوي الكثير.
الجدير بالذكر أن نجيب محفوظ هو الأديب الوحيد التي ارتبطت وظيفته مباشرة بالسينما منذ عام 1959 حتى إحالته على المعاش 1971، وتحتل الأفلام المأخوذة عن أعماله أو التي كتب لها السيناريو أو شارك فيها مكانة خاصة في تاريخ السينما في مصر، وقد أحصى سعد الدين توفيق في كتاب قصة السينما في مصر، سبعة عشر فيلما من أعمال نجيب محفوظ أو له علاقة بها من أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
يرى البعض أن نجيب محفوظ استفاد من السينما في نشر أعماله في حين يرى آخرون، وأنا واحدة منهم، وبتعصب شديد يعبر عن مدى عشقي لقراءة روايات ومشاهدة أفلام نجيب محفوظ على التوالي أن السينما هي التي استفادت منه في تقديم أعمال شديدة التميز لما تحتوي من قوة الحديث، وحيوية السرد، وإمكان صنع المشاهد بقوة خفية بديعة وممتلئة بالحياة.




رواية القاهرة الجديدة
نجيب محفوظ
المصدر :الأعمال الكاملة لنجيب محفوظ مطبعة لبنان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش


.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان




.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص