الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي عندما يُغيّب

اثير حداد

2015 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الوعــــــــــــــــي عندما يُغيّب
اثيــــــــر حــــــــــــــــــــداد .

# من اكثر المواضيع التي تناولت من قبل علماء الاجتماع ومراكز البحث والسياسيين العرب والاجانب هي الاحداث التي اعقبت ما سميّ بالربيع العربي. وانا لست هنا في مناقشة صحة تلك التسميه من خطئها، فهذا ليس موضوعي اطلاقا. وان ما يهمني هنا هو تناول الوعي العراقي بعد التغير الكبير الذي حدث في العراق بعد 2003, وهنا ايضا اتمنى ان لا يقود النقاش الى هل ان التغير هو احتلال ام تحرير ام اي شيئ اخر، وهنا ايضا انا لا انكر ان تحديد طبيعة الحدث الكبير لعام 2003 سيحدد طبيعة ما تبعه. الا انني ساحاول ان اركز الطرح والنقاش على محددات او مكونات الوعي العراقي الجمعي، وساطرح ذلك عبر فرضيات معينة، هي :
1-ان جميع الانتفاضات في العراق توقفت عند مربع الدين- الطائفة عند الشيعة العراقيين عبر طرح المظلومية التاريخيه. اما السنة فتتوقف مطالبهم عند القوميه العربيه الخالده، وفي ذلك كانوا يلتقون ولا يتقاطعون مع السلفية الدينيه، الى درجة تصل الى خلق وعي بان التاريخ يمتزج مع الدين فيصبح التاريخ مقدسا وهذا متأتي من تفسير الاية في 3 ادناه. اما وعي المكون العراقي الاخر العرقي اي الكورد فجّل مطالبهم عبر التاريخ كانت تتوقف عن المطالب القوميه. ومن التامل في هذا الوعي المتنافر للمكونات الثلاثه اضعف الى درجة كبيرة وعي خلق الامه-الوطن.
2-دور رجل الدين الشيعي يختلف عن دور رجل الدين السني, وذلك نابع من اختلاف المكانة الاجتماعيه لكلا الرجلين في المجتمع العراقي:
رجل الدين السني: منذ تاسيس الدولة العثمانيه، التصقت مكانة رجل الدين السني بالدولة عبر وزارة الاوقاف. فكان يتقاضى مرتباته من الدولة نفسها, لا بل ان بعض الدول( العراق، سوريا، ليبيا) كانت المخابرات تحدد طبيعة خطبة الجمعة حسب مصالحها السياسيه. فشيوخ الجوامع في السعوديه يهيمن عليهم الفقه الوهابي- السعودي، وفي العراق كانت خطب الجمعة لا تخرج عن اطار تبريرات لسياسة السلطة السياسيه، لا بل كانت تحريضيه مع السلطة السياسيه ضد مصالح الفقراء وكانت تردد – اطيعو اولي الامر منكم .
رجل الدين الشيعي: تنقسم هذه الشريحه الى طبقتين متميزتين اقتصاديا عبر مسميات بيت فلان، وهي عبارة عن مؤسسة هرمية شديده التنظيم والانضباط، وتمتلك موارد اقتصاديه هائلة، الا ان مواردها مستقلة عن سلطة الدولة نفسها. ففي قمة هذا الهرم يستقر الاكثر نفوذا وسلطة وعلاقات داخليه وخارجيه واسعه، وهم مجموعة صغيره عدديا مقارنة" بالعدد الكلي لرجال الدين الشيعة. هذه الشريحه متمركزه في النجف وكربلاء اولا ثم الكوفه والكاظم. اما العدد الغالب من رجال الدين الشيعة فهم فقراء لا تختلف ظروف حياتهم عن حياة الوسط الذي يتصلون به. ففي المناطق الريفية نجد السيد ورجل الدين يعيش ظروف حياة ذلك الوسط. وفي منتصف القرن الماضي استشعر الاقطاع في جنوب العراق باهمية رجل الدين فقربه من مجالسه واصبح يهبه هبات جعلته يدافع عن مصالح الاقطاع.
وبعد قانون الاصلاح الزراعي في 1958 وقف رجل الدين ضد قانون الاصلاح الزراعي، وبعد سقوط الاقطاع والعشيرة في العراق منذ سبعينيات القرن الماضي، عاد رجل الدين الشيعي البسيط، او الشريحة الدنيا منهم، تعاود الالتصاق بوسطها الاجتماعي وتعيش نفس ظروفها الاجتماعية وتمتلك نفس وعيها الاجتماعي، الا انها تخضع بالمطلق لقمة الهرم التنظيمي لرجال الدين الشيعه على الاقل من ناحية الشريعه والعبادات والمعاملات. الا انها كانت تعيش حاله من الازدواجيه بين واقع اقتصادي ضعيف، لا بل ان بعض الساده ورجال الدين في المناطق الريفيه النائيه يعيشون حاله من الفقر المدقع كما هو حال سكان تلك المناطق مع بعض التميز البسيط الذي لا يبعده كثيرا عن الواقع الاقتصادي-الاجتماعي الذي يقطنون بينه، وهي حالة لا تتشابه مع الحاله الاجتماعية والاقتصاديه لقمة الهرم هذا. الا حالة ال الصدر التي تعتبر، من وجهة نظري استثناء عن القاعدة.
هذه المؤسسه الدينية الشيعية تتميز بدرجة كبيره من الاستقلاليه عن مؤسسات الدوله عبر التاريخ ولغاية 2003، ولكنها بعد ذلك التصق بها بشده. قمة الهرم هذا تمتلك موارد اقتصاديه متأتيه من امتلاك الاراضي والخمس الا ان لا احد يعلم مقدار تلك الموارد فلا يوجد مسك دفاتر ولا ميزانيات ولا توزيع دخل معروف، وهذه كانت احد فوائد الابتعاد عن سلطة الدوله.
3- اطيعو أولي الامر منكم : استخدمت هذه الاية القرانية من قبل السياسين بكفاءه عاليه، وطورت من قبل الفقه السني الى " الحاكم المسلم الظالم خير من العادل غير المسلم"، وجاء ذلك عبر تحالفات مع المؤسسه الدينيه السنيه واقصد هنا الجامع. وطور الاسلام السياسي هذا المفهوم عبر الاخوان المسلمين فصرح رئيس مصر السابق مرسي ما يلي " نحن نقبل برئيس مسلم ماليزي يحكم مصر على رئيس قبطي مصري". ولا اعتقد هنا ان الامر يحتاج الى توضيح سوى من ناحية الاشارة الى تناقضها مع خلق المواطنه الذي هو اساس بناء الوطن. هذا الفكر قاد الى خلق وعي مشوه في ان القائد لا ينتقد لانه مخول الاهيا.
ما سعيت لتوضيحه هنا ان لدينا ثلاث مكونات لم تعمل اي منها على بناء وعي المواطنه بل الى هويات فرعيه متنافره مع بعضها البعض. فالوعي السني المستند على القومية العربيه الى درجة الألهية لذلك التاريخ عبر الاستناد الى "خير امة اخرجت للناس" فابعدت الكورد عن الدولة الوطنيه لانها تسعى نحو بناء دولة قوميه، ووعي شيعي يستند الى المظلوميه التاريخيه مع عدم تحديد معالم الولاية هل شرعيه ام سياسبه الا بعد 2003 لتتجلى بكونها قيادة السلطة فقط من قبل " ممثلي الشيعة " دون برنامج واضح لبناء الوطن. والمكون الكوردي الذي يهتم بدرجة استقلاليته دون الاهتمام بطبيعه الحكم في المركز، هذه البراكين الثلاث ان خمد احدها ثار الاخر ما لم تخلق قوى سياسيه موحده لجميع المكونات العراقيه على اساس المواطنة.
وتقتضيني الامانة ان اشير ان حزبين سياسيين فقط هما الحزب الشيوعي العراقي والوطني الديموقراطي عملا بجديه من اجل هويه وطنيه عراقيه. اما الليبراليين العراقيين، بالمفهوم الثقافي لليبرالية وليس الاقتصادي، كان تاثيرها ضعيفا على المجتمع العراقي بسبب ضعفها في رسم برنامج ياخذ بنظر الاعتبار الخواص العراقيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد إقراره بالذنب.. القضاء الأمريكي يطلق سراح جوليان أسانج و


.. طفلان فلسطينيان يخرجان من بين نيران مدرسة قصفت من قبل الاحتل




.. غانتس: حماس فكرة لا يمكن تدميرها ولكن بإمكاننا القضاء على قد


.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل




.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف