الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية كولونيالية من المتحف

حازم العظمة

2005 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


نقلت وكالات الأنباء خبر إنشاء برلمان للسود فقط، في أمريكا اللاتينية... ، سيجربوا ، كانوا دائما يجربون ، أن يوقعوا الفرقة بين شعوبٍ و ثقافات ٍ كانت دائما ً متآلفة بصورة مدهشة في اميركا اللاتينية ، برلمان غير رسمي ، دعائي ، للسود ... علّهم يوظفون كوندوليزا رايس كـ "سوداء "في مشكلتهم مع شعوب القارة ، و لكن فاتهم أن هذه الأخيرة لم يعتبرها أحد هناك كما في موطنها إلا "يانكية " بالتعبير الأمريكي وهذه المليارديرة التي تملك شركات احتكارية عديدة تحقق أرباحا ًغير مسبوقة من و بسبب الاحتلال االأمريكي للعراق مثلها مثل ديك تشيني ، و لا يعنيها في كثير أو قليل حقوق السود في بلادها أو خارجها ، و كما أنهم في ما يتعلق بالمصالح الرأسمالية لايعنون إلا بـ : الأرباح ، و بها فقط بصرف النظر عن العرق فإنهم حين الكوارث لا يكترثون للحياة البشرية بصرف النظر عن العرق ، طالما الأمر يتعلق بالمصالح ، تماماً كما حدث مؤخرا حين باهمال متوحش تركوا فقراء نيوأورليانز لمصيرهم في مواجهة الاعصار و وجدوا أن الفقراء هم سواءٌ،في نهاية الأمر ، بيضاً كانوا أم سوداً ، .. الفقراء لا يشترون بضائع ، لا يدخلون في "دورة الإقتصاد" ...
.، تركوا مبدأ "السوق" يعمل في هذه الكارثة أيضاً
جربوا و يجربون اللعبة القديمة –الجديدة إياها ، في "شرقنا " هذا ، أعني تلك الحكمة الكولونيالية المهترئة that good old piece of wisdom: فرق تسُد ، ولأن شعوب أمريكا اللاتينية لا تكترث كثيرا ً للدين أو أن اكتراثها لا يتعدى أداء الشعائر ، و ربما أن هذا نادر أيضا، ً فقد استقر الرأي على إعادة تجريب المسألة العرقية بين السود و البيض أو بين هؤلاء و اولئك و بين الهنود : سكان أمريكا الأصليين
يتعلمون أيضا ً ، و يجربون ، مما جربوه و يجربوه الآن في شعب العراق .. هذا الشعب الذي كان من بين الشعوب العربية حصناً للعلمانية و الآن يحولونه إلى مكان تحكمه المذهبيات ، العمائم السوداء و العمائم البيضاء ، الشيعة و السنةو .. مختلف العصبيات من كافة الأصناف ، وكان واضحا ً منذ البداية أي منذ أكثر من خمس سنين كيف أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية كانت تمول و تهيؤ لهذه المرحلة حين كان فاقعا ً كيف أن "مؤتمر المعارضة العراقية" حشدوا فيه أصحاب العمائم ، على أن يكونوا جميعا ً ممن يشرفون هم عليه
، قبل الحرب و بعدها ظلّوا يرددون هذه اللازمات : سنة ، شيعة ، هيئات إفتاء ، آيات الله، المثلث السني ، الجنوب الشيعي ، تيار الصدر ،عتبات مقدسة، هيئة"علماء" المسلمين السنة ،
" المرجعية" العليا، الحوزات "العلمية "... ، غسيل دماغ على نطاق واسع ، و سرعان ما وقع آخرون بالفخ و راحوا يرددون ورائهم : سنة ،شيعة ،" علماء" المسلمين ، حوزات " علمية "، "دستور سني" و "دستور شيعي " إلى آخر ما هنالك ، و كأن العراق خلى إلا من العمائم و أن لا وجود في العراق إلا لأديان و متدينين ، لا وجود لمفاهيم سياسية ، او لكتل سياسية و لا وجود لوعي سياسي ...
، و المقاومة عن عمد ٍ و منذ البداية عمموا عليها الصبغة الدينية ،أعطو المذاهب و المتمذهبين
و أصحاب العمائم الصدارة في الأنباء ، بطريقة " الدعاية السوداء" ، من مبدء أنه إذا كان لا بد من أن يكون لك أعداء فلمَ لا تختارهم أنت َ يجب أن تختارهم أنت و أن تقوم لهم بالدعاية أنت ، و هم بذلك كانوا ينقلون الخبرة الاسرائيلية .....و ينقلون تاريخ هذه الخبرة إبتداء ً من المهرجان الدعائي الكبير في "مرج الزهور "1992....،
بالنسبة للاسرائيليين أيضا ً كان صحيحا استراتيجيا ً : إن كان لا بد من أعداء فليكونوا من نختارهم نحن ...
تلك الهَرجة صدقناها ،و بدأنا نتحدث اللغة نفسها ، و الهرجة رددتها وراءهم الببغاوات أعني الفضائيات العربية ،أيضاً بمختلف ألوانها و أصنافها، و تحت رعايتهم يجري الآن إشعال حروب طائفية لن يتعافى منها العراق و لابعد عشرين سنة ، برعايتهم و برعاية أصحاب العمائم طبعا ً ، أولاً سلطوا على العراق صدام حسين ،رجلهم ، و يستطيع أ ي متابع أن يقتفي تاريخ هذا الجلاد منذ أن كلفوه بوظيفة قاتل مأجور لاغتيال عبد الكريم قاسم، لا يحتاج الأمر إلى باحثين متخصصين ، لكي نتتبع سيرة "نشوء و تطور "هذا الجلاد الذي كان دائما في خدمة أهداف السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط عن "وعي" أو بدونه أو بـ"نصف وعي ٍ" لا فرق َ، والآن يتابعون تدمير العراق بذريعة صدام حسين، بعد أن دمروه بصدام حسين ، ليس فقط لكي لا ينهض هذا الشعب مرةً ثانية و ليس فقط لأن فيه ثاني احتياط نفط في العالم ... حيث أن النفط ضروري للمحافظة على "نمط الحياة الأمريكي"، هذا" النمط " الذي يكلف العالم كل هذه الضحايا و الحروب ، بل أيضاً ًلأن العراق كان دائما ً حصنا ً للعلمانية و حصنا ًلليسار ، ثمة سبب آخر في الخلفية لكل هذا الحقد على العراق ... ،فـ"التوراتيون " بكل أصنافهم ، أعني أيضا توراتيي واشنطون،لهم ثأر قديم عمره ثلاثة آلاف عام مع العراق منذ ان دمر نبوخذ نصّر الهيكل حسب الأسطورة التوراتية ، و لا أجد هذا غريبا ً على عقل من نمط العقول التي تحكم واشنطن ، لا أجد غريبا على تكوين عقلي كهذا أن يمزج الأسطورة و التعصب الديني و الذهنية " القيامية " أن يخلط كل هذا بالتكنولوجيا العسكرية ، و البراغماتية الرأسمالية في أحط نسخها و أكثرها و ضاعة ،" الانتقام الالهي" نعم و لكن ثمة النفط أيضاً ... ، ثمة "العهد القديم " و لكن نهتم أيضا بالـ "المصالح " ، ثمة "إعادة بناء الهيكل " و لكن نبحث أيضا ً عن تأمين القواعد الاستراتيجية لحروب قادمة نشنها في آسيا ...
أين نحن من كل هذا ..، نحن ناس و شعوب هذا المكان من العالم ، هل كل ما يحدث لنا "أحدثه" الآخرون ،أهكذا طوال الوقت نظلّ ضحايا "مؤامرة "ما ... ، ثم نستمر في التفجع و الندب ولطم الرؤوس ...
الآن اللعبة ذاتها يلعبونها في مصر ، ولأن الأقباط في مصر يعانون فعلاً من التمييز و هذا التمييز
أذكاه نظام السادات، برعاية الأمريكان ، و "الإخوان "و الأصوليون ، من مختلف العيارات و الأشكال ( اللعبة تحتاج دائماً إلى لاعبين اثنين ،على الأقل) ) هكذا في مصر أيضاً يرتبون لنزاعات طائفية ، الآن نكاد لا نسمع إلا بهذا في مصر ،إثارة النزاعات هذه يجعل الدولة الاستبدادية تبدو كحكم فيما تقنع الطوائف جميعا ً ، كما يحدث في سورية ، بانه لولاهم و لولا دولتهم " الأمنية"لأتاهم الجحيم ..
مرة ثانية أين نحن من كل هذا .. ، هل نستمر في لطم الرؤوس ،، و الصدور ..
و نتبارى في شرح كيف أن هؤلاء و أولئك اي " الآخر"( الإثني أو المذهبي) هو إبليس بعينه ونتبع كالأغنام الشيوخ و" المرجعيات " و زعماء العشائر و مقاولي الأديان و القوميات ...
منذ سنين طويلة و من قبل أن يأتي الأمريكان إلى العراق بملاليهم و مشيخاتهم "الشيعية" و" السنية " و بالزعماء العشائريين االأكراد و بالـ"القومويين "المتعصبين من كافة الأصناف و أيضاً "بالليبراليين الجدد ".... و بالزرقاوي ( هذا الأخير جائهم كهدية من السماء ) ..كانوا قد توصلوا إلى الصيغة التالية و دائما بالتشاور و تبادل الدراسات مع الشريك الاسرائيلي : ما يحتاجه العرب هو أن يكونوا متدينين و متعصبين ( أي عصبية كانت) و كلما غرقوا في التدين كان أفضل على أن نأخذ نحن النفط ( المؤمن لا يحتاج إلى متاع الدنيا )

هل الجنديان البريطانيان ،حين أمسكوهما بالجرم المشهود في البصرة ، كانا يعدّان لعملية "جهادية "من هذا النوع ... أسألة سوف تأتي الإجابة عنها يوماً ما لا محالة
..مع التدين يأتي التعصب : ،القومي ، العشائري، القبلي ، الطائفي ، التعصب من كافة الأنواع

، هل ينشئون في العراق برلمانا ًللسنّة فقط ... ( على غرار : برلمان للسود فقط ) و برلماناً للكرد وآخر لليزيديين ... و آخر ....
لماذا لا ينشئون في بريطانيا برلماناً للأسكتلنديين .. و آخر للويلشيين ... وثالثاً للكاثوليك ...

،نحن فقط كحيوانات التجارب ، ننقاد مثلها ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-