الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دم المرأة بين عارها و شرف الرجل

محمد كمال

2015 / 6 / 15
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


دم المرأة بين عارها و شرف الرجل
المرأة عورة و عار ، و الرجل ستر و شرف؛ و ستر الرجل يكسوا عورة المرأة ، و شرف الرجل يطهر عار المرأة ؛ هذا هو العرف و العَقْدُ المخزون في مكنون العقل الباطن عند شريحة كبيرة من بني البشر ؛ و هذا العقل الباطن هو أُسُّ اللاشعور الذي يتسم بالخوارق في الأفعال و ردود الأفعال ، لا في الفكر و التأمل و التأني في كشف العلل و الأسباب و تشخيص المشاكل و القضايا و رسم الخطط و الحلول بما يحفظ الحقوق و الكرامة بالتساوي و العدل بين الرجل و المرأة .
معادلة المرأة و الرجل بموازاة العار و الشرف ترسم الكاتبة الروائية التركية إليف شافاك خيوطها الحمراء و البيضاء ، و عناصرها الملوثة و الطاهرة ، في رواية مطولة تزيد على الخمسمائة صفحة تحت عنوان " شرف " ؛ العنوان "شرف" هو التعبير الموفق عن بؤرة القوة الكامنة في لاشعور الرجل الرافض لطهارة المرأة في اصلها، و هنا تكمن القضية-المأساة في "شرفية" الرجل في أصله و "عارِيَّةِ" المرأة في اصلها على هوى التقليد المغروس في اللاشعور.
الرواية تتنقل بالقارئ بين ضفاف نهر الفرات في إحدى القرى الكردية و مدينة لندن؛ فالتنقل بين مستويين من الحضارة و التحضر حيث البون بينهما شاسع واسع يسع قروناً من الزمان ؛ القرية الكردية مازالت تعيش محبوسة في سجن تقاليد بابها شرف الرجل و قضبانها عار المرأة ؛ الحياة في هذه القرية لا تجيز للمرأة أن تختار شريك حياتها و اذا ما فشلت في تجربة الاختيار أو حاولت الاختيار ، بنفسها و لنفسها، فان دمها هو الذي يطهر شرف الرجل في العائلة ؛ و رغم أن عدداً من أعضاء عائلة في هذه القرية قررت العيش في لندن عاصمة النور و التنوير و حرية المرأة إلّا أن قوة التقاليد بقت في اللاشعور بثبات و فاعلية ؛ ففي القرية الكردية ، على ضفاف نهر الفرات ، يقرر الأب غسل عار إبنته بقتلها ، و في لندن يقرر الإبن طعن أمه بالسكين لانها على علاقة برجل غريب بينما الأب هارب من البيت مع إمرأة غريبة ؛ معادلة المرأة و الرجل بموازاة العار و الشرف نفسها ؛ لا ضير و لا عار أن يهرب الأب و يهجر زوجته و يترك كامل أسرته في عهدة الام و يعيش في أحضان إمرأة غريبة؛ و لكن لا يحق للمرأة العورة و العار أن تلتقي برجل غريب ، و هي تعيش تحت كامل الضغوط الطبيعية و الاجتماعية و النفسية ، علَّها تُنَفِّسُ عن بعض من تلك الضغوط ؛ هذه الأم لا خيار لها إلّا صون شرف الأب الهارب و هو في احضان امرأة اخرى ، و لا يحق لها أن تختار حياة جديدة مع رجل تختاره و يختارها؛ خيارها الحر يقتضي قتلها على يد إبنها و بتشجيع من عمه و صديقه و شخص من قومه تعرف عليه عرضياً ، الكل يرى ضرورة غسل العار بقتل الأم للمحافظة على شرف العائلة و شرف الأب الهارب من مسئولياته ؛ هذه الام التي تحملت أعباء اطفالها و تلبية حاجياتهم و أخذت تعمل لكسب لقمة العيش لابنائها و تدبر شئون البيت وحدها ، كل هذه المناقب و الفضائل لم تشفع لها أمام أفراد اسرتها و لا أمام إبنها البكر الذي كان إبنها المفضل، فكان جزاؤها من إبنها البكر أن اقدم على طعنها - الحبك في القصة أن الابن البكر يطعن خالته ظناً منه أنها أمه ، و مادامت النية هي قتل الأم فإن قتله لخالته هو قتل لأمه .
و بين الجريمتين ، قتل الأب لابنته و قتل الابن لامه ، هناك شريحة من الأحداث التي تتمازج فيها عارِيَّةُ المرأة مع شَرَفِيَّةُ الرجل بمحصلة يرفع فيها الرجل رأسه شرفاً على أنقاض المرأة التي سُحِقَتْ و دُفِنَتْ مع رفيق أصلها العار ، و هكذا تكون مروءة الذكورية الفَجَّةُ و شهامتها الدنيئة قد تحققت و أتت أُكُلَها ضد الأنوثة في حقها الطبيعي و الاجتماعي و النفسي و الذاتي .
فإلى متى سيبقى بون القرون شاسعاً بين أمثال القرية على ضفاف نهر الفرات و أمثال المدينة على جانبي نهر التايمز (لندن)؟!

محمد كمال
8 يونيو 2015
----------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدول العربية الأسوأ على مؤشر المرأة والسلام والأمن


.. إحدى الطالبات التي عرفت عن نفسها باسم نانسي س




.. الطالبة التي عرفت عن نفسها باسم سيلين ز


.. الطالبة تيا فلسطين




.. الطالبة نورهان الحسنية