الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل عقل نبي-2

ثائر زكي الزعزوع

2005 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تستقوي شعوب هذه المنطقة من العالم على باقي الشعوب بإرث ثقافي معرفي ميثيولوجي، وديني، شكّل على مدى قرون ركاماً هائلاً، غير أنه ركام فوضوي، وغير مرتّب. وهو بحاجة تماماً لإعادة إنتاجه بما يتيح الفرصة لهذه الشعوب (المستقوية) أن تستفيد ولو قليلاً من ذلك الإرث الذي تعتد به، ويجعلها متفاخرة على الرغم من أن هذه الشعوب لم تجد استخدامه أو قراءته بما يتوافق مع التطورات المدهشة التي طرأت على كل شيء بدءاً بنواة الأرض وصولاً إلى الغلاف الجوي.
فبقي ذلك (الإرث) محفوظا على حاله بتأويلاته، وأخطائه، وقصوره عن مجاراة الجديد، ولا أريد أن أكرر مفردة (الجناية) التي استخدمتها في مقال سابق، ولكني أصرّ على أن التشوهات النفسية والاجتماعية التي تُرى واضحة للعيان ليست وليدة الحقبة التاريخية التي نعيشها، وإنما هي أمراض وتشوهات انتقلت عبر النسيج الجيني الاجتماعي والمعرفي، وتوالدت وتكاثرت دون أيّ تبصّر أو تفكّر في ماهيتها، وأضحى بعض هذه الأمراض (مسلماتٍ) لا يجوز مناقشتها أو الدنو منها نقداً أو إعادة قراءة بهدف إعادة التصنيع، فاختلط المقدس بملحقاته، حتى صارت الملحقات جزءاً لا يتجزأ من المقدس نفسه، ففيما أعاد الغرب قراءة إرثه وإرثنا وإرث سوانا، والذي هو بمجمله إرث إنساني لا يخصّ شعباً دون سواه، أقول فيما أعاد الغرب قراءة ذلك الإرث وإعادة إنتاجه بطرق عديدة أنتج مدارس وتصورات، نتج عنها فيما بعد قفزات نوعية خلقت فجوة حضارية لا يمكن ردمها بسهولة بين شعوب الشمال وبين شعوب الجنوب، التي كانت لماّ تزل منشغلة بابتداع مقدساتها.
ولعل من أكثر النماذج حضوراً هو كيفية التعامل مع مفردة (الحاكم)، ومع مسؤولياته وواجباته، فبينما يمثل الحاكم (الفرد) في ثقافتنا العربية الإسلامية صورةً من صور الخالق عزّ وجلّ بمسمياته التي قرّر منظّرو أجهزة الحكم استعارتها والاستعانة بها لتكون برنامج عمل لهم في رسم صورة الحاكم، يمثّل الحاكم في الثقافة الغربية صفة (العامل) لأجل الشعب الذي وإن كان يتمتع بمزايا لا يمتلكها غيره، إلا أنها مزايا تعينه في (خدمة) الشعب، وهذا المفهوم لصورة الحاكم تطوّر كثيراً منذ عصر النهضة الأوروبية في القرن السادس عشر وما تلاه، فتحوّل الحاكم من (فرد) إلى جماعة تخضع للقوانين التي يقرّ بها المجتمع بأسره. ومفهوم المجتمع نفسه تغير من مجرد مجموعة من الناس تعيش ضمن مكان واحد وتحكمها القيم والأعراف والتقاليد نفسها، إلى ما هو أكبر وأوسع من حيث التعريف فبدا المجتمع الغربي يقفز متجاوزا مراحل في التطور بخصوص بعض القوانين الاجتماعية والوضعية، وظلت مجتمعاتنا محافظة على هشاشتها وعدم قابليتها للتطور، بل أثبتت أنها قادرة على التقهقر إلى الخلف بخطى متسارعة متهالكة.
تحية إلى (فتاة) ذبحها أشقاؤها.... لأن (المجتمع) أصدر حكمه، وقال كلمته... واختفى خلف جبل هائل من الأعراف والتقاليد غير القابلة للنقاش والجدال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا