الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوخارين..كوبا/الهرطوقي الرجيم والمفتش الاعظم!!!(3-12)

ماجد الشمري

2015 / 6 / 15
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


كان تروتسكي قد رأى في النيب( السياسة الاقتصادية الجديدة ) والتي طرحها لينين بعد انتهاء الحرب الاهلية ، وانتفاضة كرونشتات ،أول معالم انحطاط البلشفية بالرغم من انه قبل بها . لكن بوخارين و على العكس من تروتسكي ، رأى فيها أفقاً واعداً -سياسة النيب-، و فرصة تاريخية لتوحيد الانجازات والاجراءات الجديدة بأتجاه التنمية الاقتصادية والتراكم للمجتمع والاقتصاد ، مع البنية التي تكونت نتيجة المنظومة الاقتصادية القديمة المبعدة ، والتي كانت تعتمد و بشكل اساسي على الاستثمارات الخاصة. و هذا ما اعتبره أحد البلاشفة تخلياً عن المبادئ الشيوعية - ستالين- بينما اعتبره اخر و أكثر معرفة منه في المجال الاقتصادي والاجتماعي - بوخارين- :" دافعاً اضافياً في عملية النهوض الاجتماعي ". في نيسان ( ابريل ) عام 1925 و أثناء القائه خطاباً في اجتماع لنشطاء المنظمة الحزبية ، صرح بوخارين:" ان المسألة الان تتلخص في أن نمو البرجوازية الصغيرة ، والمدخرات المأجورة عند الاشخاص سيؤدي الى تقوية اقتصادنا - وكلما عملت مصانعنا بكامل طاقتها الانتاجية كلما كان الانتاج أكبر وهذا يعني أن المدينة ستقود القرية ، والطبقة ستقود بمرونة و بنفس الوقت و بثبات ، الفلاحين نحو الاشتراكية" .
قبل ذلك و في بداية عام 1925 جرى نقاش بين بوخارين و ستالين حول الاقتصاد و كان لب ذلك الحديث : هو تشكيك وعدم اقتناع ستالين ب " السياسة الاقتصادية الجديدة " النيب ، ودفاع بوخارين و تحمسه لها وعنها . وقد اورد بوخارين ذلك الحديث في مذكراته . كان ستالين و طوال الوقت مصرا على فكرته : ان وضع الرهان على هذه " السياسة" سيقود الى " قتل العناصر الاشتراكية" و احياء الرأسمالية من جديد.
كان فهم الامين العام قاصراً عن معرفة اساس و عمل القوانين الاقتصادية مثمنا لقيمة القرارات الفوقية الامرية و دور ادارة السلطة السياسية البيروقراطية في تحقيق التشريك !. فقد كان يؤمن بفكرة متصلبة عن :" الهجوم البروليتاري " و " ارشادات الحزب " و " الخطة الموضوعة " و" تحجيم المستغلين الكبار" و غيرها من مفاهيم تتعارض مع الواقع الروسي الملموس . ولم يكن ذلك الحديث الطويل الذي دار بين بوخارين و ستالين قد اوصل ستالين للقناعة بالنيب . و عندما ادرك بوخارين ان ستالين لا يفهم هذه" السياسة" و أنه كان يعدها تهديداً خطيراً لمنجزات الثورة و أنحراف عن التوجه (الاشتراكي ) قرر بوخارين طرح وجهة نظره من خلال الصحف . فقام بنشر مقالة عميقة حول تلك " السياسة" في ال" بلشفيك" لم تفقد حيويتها و راهنيتها حتى اليوم. وكانت بعنوان " حول السياسة الاقتصادية الجديدة ، ومهماتنا" . أدرج فيها فقرات و مقتطفات من خطابه في أجتماع منظمة موسكو الحزبية والتي ورد فيها : " ان مغزى السياسة الاقتصادية الجديدة - التي اسماها لينين في كتيبه عن الضريبة العينية ، سياسة اقتصادية صائبة - يتلخص في أن مجموعة كاملة من العوامل الاقتصادية والتي لم تستطع في السابق أن تتفاعل لانها كانت معزولة عن بعضها البعض نتيجة لسياسة " الشيوعية العسكرية " أصبحت تملك أمكانية تحقيق هذا التفاعل الذي سيؤدي بدوره الى النمو الاقتصادي . أن " السياسة الاقتصادية الجديدة " تعني تخفيف الضغط و أعطاء حرية اكبر لدورة رأس المال . لان هذا اقل خطراً بالنسبة لبلادنا كما تعني ايضا تحجيم التأثير السلبي للادارة والتنافس الاقتصادي بشكل اكبر و نمو الاقتصاد بشكل اكبر . أن التنافس مع البائع لا يتم بأغلاق حانوته ، بل السعي لصنع بضاعة افضل من بضاعته و بيعها بسعر ارخص من سعره " وقد قرأستالين المقال و لكنه لم يهضم هذه السطور ، فقد كان من الصعب على الامين العام أن يفهم : كيف يمكن اعطاء الحرية للقطاع الخاص ؟! . ألن يؤدي ذلك حتما الى تحطيم الديكتاتورية ؟! . ان ضيق افق و تسطح تفكير ستالين قادته في النهاية لترسيخ نظام القيادة البيروقراطي الامري في توجيه الاقتصاد الوطني بالارادوية و القرار السياسي الفوقي القسري . مع رفض مطلق في نفس الوقت للامكانيات الهائلة للتنمية الاقتصادية والتي كانت ستخلقها و تحررها " السياسة الاقتصادية الجديدة " . لقد قبل ستالين و أنصت لبوخارين و قرأ له، فيما مضى عندما كان لا يعارضه الالماماً. و لكن كان السخط يتضخم في اغوار نفس ستالين ، ويتجمع رفضه ليخرج الى العلن ضد ما أعتبره : " الاستسلام الاقتصادي " لهذا المنظر اليميني الذي يتحالف مع الكولاك ، ويقف ضد سياسة التجميع الزراعي و تسريع التصنيع ، والغاء النيب! ولكن بوخارين لم يتوقف - حتى نهاية حياته- عن تأكيد القول : أن مايعتقده هو بالاساس مبني و مستمد من اعمال وأفكار لينين ، وخصوصا كتاباته الاخيرة منها و مقالاته الخمس الاخيرة و " الوصية " التاريخية . بعد وفاة لينين ، انتخب بوخارين عضوا في المكتب السياسي ، بعد ان كان مرشحاً. لقد عرف في اوساط الحزب و المجتمع كمنظر جديد للماركسية ، وكان يتمتع بجاذبية ومتصلا بالجماهير ، يمتلك شخصية بمقومات أنسانية متواضعة و حس مرهف و بساطة في تعامله مع رفاقه ، و كان مختلفا بحدة في هذا الجانب مع ستالين ، وكانت اخلاقهما متعارضة جذريا فشتان مابين بوخارين و ستالين . لقد وقف و لفترة طويلة بعيد اعن صراعات الامين العام مع المعارضة اليسارية ، لذلك أطلق عليه زينوفييف بعد ان حاول ضمه الى تكتله في صراعه مع ستالين ب " ساعي السلام" . و كان هذا النعت لا ينم عن مدحه لموقفه الوسطي المسالم ، بل تعبيرا عن احتقاره لحيادية بوخارين! و كذلك وصفه تروتسكي بنفس الشيئ" داعية السلام غريب الاطوار" !. كانت الصراعات و الخلافات و الاختلافات بين اعضاء المكتب السياسي تثير نفوره ، وتجعله سلبيا تجاه صراعاتهم على القيادة و الهيمنة . لذلك لم يتخذ موقفا واضحاً و محدداً من صراع : تروتسكي - ستالين ، و ليس ذلك مجرد صدفة ، ولكن كلا الخصمان: تروتسكي ، و زينوفييف . لم يكونا على حق في موقفهما و رأيهما في بوخارين . كان بوخارين متعلقا جدا بلينين و يقدر سلطته و هيبته و أفكاره ، رغم ان النقاش كثيرا ماكان يحتدم بينهما بسبب الاختلاف في وجهات النظر بينهما. و كان بوخارين ايضا منضبطاً في خضوعه لرأي المكتب السياسي الجماعي أكثر من أي شيئ أخر . حتى لو كان له موقف اخر مختلف . حتى عام 1928 ظل بوخارين يتعامل مع الجميع بوفاء و أخلاص رفاقي . و بذل جهدا ليبقى خارج دائرة الصراعات المحتدمة بين أطراف المكتب السياسي المتنازعة . فقد كان لديه الاولوية للاقتصاد على السياسة . وكان الاهم بالنسبة إليه ، ايجاد سبل و اتجاهات جديدة و قرته في النمو الاجتماعي و الاقتصادي للبلد ، و تحديد الافق الواعد لاعادة بنائه من جديد . و هنا وجد بوخارين نفسه واقفا ضد ما يسمى ب " قانون بريوبرجنسكي" الذي طرح على قيادة الحزب . و كان جوهر هذا القانون هو: ان عملية التصنيع الهائلة و الملحة في بلد متخلف مثل روسيا كانت ممكنة فقط على اساس صلب ، بأعتصار الموارد من الفلاحين للشروع بالتصنيع الثقيل . ولكن بوخارين كان يرفض ذلك و يرى بأنه " لايجب على المدينة أن تنهب الريف" وأن منهج التعاون السياسي و الاقتصادي قادران على تسريع نمو الصناعة والزراعة معا. و بصيغة اخرى : فأن هذا المنظر الجديد - بعد لينين -ل " السياسة الاقتصادية الجديدة " ادرك وجوب علاقة أكثر انسجاماً وجدوى أقتصادية في التعاون بين المدينة والريف ، وبين العمال والفلاحين ، والتدرج في ضخ الموارد من الفلاحين دون قسر . و هذا يعني ان بوخارين كان على وعي بأهمية التصنيع و الانتاج يجب ان ينمو بسرعة أكبر ، ولكن عملية ضخ الموارد من الفلاحين كان يجب ان تتسم بحدود معقولة و مقبولة من الريف .الامر الذي وقف ضده ستالين ليشرع بحملته لجماعية الزراعة الاكثر عنفا والاكثر الما ودموية لجموع الفلاحين!!.....................
.....................................................................................................
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح