الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحث عن أساب فشل العرب ومجتمعاتهم

خالد الصلعي

2015 / 6 / 16
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



فشلنا لم يكن صدفة ، ولا هو عملية عشوائية . انه فشل مبرمج بدقة عالية ، فاستهدافنا كأمة عربية أو اسلامية او من منظومة العالم الثالث والمتخلف هو استهداف حضاري ، تعمل عليه جميع الدول الامبريالية لاستنزافه دون قتله ومحوه .
لايمكن لدولة كالمغرب الذي لا يبعد عن شواطئ أوروبا الا ببضعة كيلمترات يمكن للسباح الماهر أن يقطعها سباحة ، أن يحتج بأي مبرر اقتصادي أو ثقافي أو انساني-اجتماعي - لتبرير المأزق الحضاري الذي بلغناه .
ودعونا في البداية نحدد مركزنا وموقعنا قبل الاسترسال في استحضار عوامل استرارية تخلفنا ، أنا ككاتب أنتمي لما يمكن تسميته بجيل الضياع ، جيل وجد نفسه على صعيد الممارسة الثقافية وسط محيط كبير من الفراغ ، جيل تربى على أدبيات كتاب كبار بصموا أفكارهم على طول العالم العربي ، وكان يملأهم حلم كبير للنهوض بالمجتمع المغربي ، بل وبالأمة العربية . لكننا حين نضجنا وجدنا أنفسنا محاربين ، وبشراسة مخجلة ليس من الدولة التي يمكن استصاغة حروبها ضد المعرفة والثقافة والوعي ، لكن وهذا هو المخجل الذي لا يمكن تصوره من الطبقة المثقفة .
ورغم الانفتاح الذي ورثناه من بيئتنا قبل ثقافتنا ، ورغم فسحة التسامح التي انغرست فينا كطبيعة متعددة المصادر باعتبار انتمائنا لحوض المتوسط ، وانتمائنا الديني ، والاجتماعي ، واختيارات الثقافة العامة التي لم تستكن لانغلاق فكري أو عقدي ما . فان الحرب أصبحت الآن أكثر انفتاحا على المثقفين الخارجين عن القطيع . ورغم ذلك فان ارادة الوجود ورابطة الانتماء تدفعنا أن نسبح ضد التيار.
اذن فجميع عنصار الافشال ما زالت متوفرة وفاعلة . غير أن نتائج ارادة الافشال قد تنجح في جانب أو جوانب لكنها قد تفشل هي نفسها ، اي أن عملية الفشل قد تطال ارادة الافشال نفسها .....بحث عن أسباب فشل العرب ومجتمعاتهم .
لم يعد التخلف يحمل نفس المعنى الذي كان يحمله منذ أربعة عقود ، ولو آمنا بعكس هذه الحقيقة فاننا سنؤمن بأن العالم لم يتغير ، ونحن أيضا لم يطرأ علينا أي تحول . فكما يقول الابستمولوجيون ؛ للمفاهيم تاريخها وسياقها والمساحات التي تتحرك فيها حسب الاتساع والضيق . واذا كان الأمر كذلك فان مفهوم التخلف طرأت عليه تحولات واضافات وحذوف كثيرة ، فالاقتصاد العالمي اليوم لم يبق اقتصاد الصناعات الثقيلة والتحويلية ، واكتشاف المحروقات ، كما أنه لم يعد مرتبط بنفس المفهوم التقليدي للفلاحة ، البرازيل واليابان مثالا ، والعلاقات الدولية اخترقت معايير وحدود الحرب الباردة . كل شيئ تغير اذن ، وعلى هذا الأساس فان مفهوم التخلف أيضا وقع عليه التغيير .
ان مفهوم التخلف الكمي ، أي تعريف التخلف بصفة عامة ككتلة متراصة تنحل الى مجموعة حقول ، أصبح متجاوزا ، اذ تفكك التخلف كمفهوم الى سلسلة من التخلفات ، صار التخلف عوض اعتباره والنظر اليه كبنية واحدة ، نسقا يطال مجموعة من مناحي الحياة الفردية والجماعية ، فهناك التخلف العقلي ، وهناك التخلف الاجتماعي ، وهناك التخلف الاقتصادي والتخلف الثقافي ....الخ ، ويبقى اليوم التخلف التكنولوجي أهم تخلف قد تعاني منه الأمم وهو ما يزيد من ثقل الدول مثل الدولة المغربية .ويستحيل مقاربة أي حقل من هذه الحقول دون التماس بالحقول الأخرى . انه مثال واضح لبنيان الجسد البشري ، اذا بترنا عضوا يصاب الجسد بتشوه واضح .
نستطيع اذن الجزم الآن ونحن في عصر جديد ، أن التخلف كما عرفه وبحث فيه شكيب ارسلان ، وهو بحث قديم لم نخرج منه الى اليوم ، ليس هو التخلف الذي تحدث عنه محمد عبده ، او محمد عابد الجابري . كما أن تحول اللعبة الدولية في علاقاتها الجيوستراتيجية جعلت عصرنا هذا عصرا أكثر تعقيدا ، ليس من حيث التحليل والمقاربة ، بل من حيث الفكاك والخلاص .
خاصة ونحن شعوب تنتمي الى ثقافة الذل والمهانة بامتياز . ولو استعرضنا الكتب والمقالات والأشعار التي تناولت هذه الوضعية المحرجة والحرجة ، لكفانا التدليل أن عددا كبيرا من كتابنا الغيورين قد رصدوا هذه الحالة التي أصبحت بالحالة الميؤوس منها منذ زمن بعيد . فقد تعاقب على حكم الدول العربية قادة تابعين لأجندات خارجية ، بل زعماء يكرهون شعوبهم كرها عدوانيا لا قبيل له في التاريخ الانساني المعاصر . وهم يلفظون كرههم على شفاههم امام العالم ؛ سواء في لحظة غضب أو في لحظة دعة . مما يجعل العاقل يفكر في حيرة ما هي سبل الخروج من هذه المتاهات المظلمة ؟ . فالامبريالية العالمية التي تتحكم فيها منذ الحرب العالمية الثانية ثنائية الصهيونية وقوى الاستكبار لا تستطيع أن تجبرنا على شيئ الا اذا ارتضاه ولاتنا ومسؤولونا . وتقريب الرؤى والحقائق لا يمكن أن يتم الا بتجرد مثقفينا عن نزعات الفردية الاستعراضية والشهوانية الدنيوية . أما الشعوب فلا يمكن الرهان عليها بتاتا الا بتحريكها غوغائيا واللعب على مشاعرها اليومية الاجتماعية أو الدينية ، دون انتظار نتائج ذات أهمية كبرى .
ان غياب ارادة الانعتاق من دائرة التخلف هو السمة الأكثر بروزا وطفحا ، انه القشرة التي تحيط بمجموع منظومة التخلف ، والصدأ الذي يرنو على النسق العام للتخلف العربي .
فما لم تستقل الدول العربية بقرارها السياسي ، وهذا تعبير آخر عن غياب الارادة ، فالارادة لا يمكن أن تنبني بالتبني ، كما يستحيل أن تتجلى في شخصية مستلبة وتابعة . وهي أيضا تتأبى على الاستعارة أو الاستدانة ، فهي اما أن تولد وتنصهر داخل الشخصية الفردية والجماعية أو تنعدم بالمرة .
هكذا ينتقل التفكير الى بناء الشخصية ، فما دامت الشخصية العربية غائبة ومستعمرة ولديها قابلية التبعية والاستعمار ، وانسياقا غير طبيعي لكل سمات ودلائل الذل والهوان ، فان الانتقال من التخلف الى النهضة ثم الى التقدم والازدهار أو الرفاه ضربا من انتظار المعجزات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة سياسية لمنظمة البديل الشيوعي في العراق في البصرة 31 أيا


.. مسيرات اليمين المتطرف في فرنسا لطرد المسلمين




.. أخبار الصباح | فرنسا.. مظاهرات ضخمة دعما لتحالف اليسار ضد صع


.. فرنسا.. مظاهرات في العاصمة باريس ضد اليمين المتطرف




.. مظاهرات في العديد من أنحاء فرنسا بدعوة من النقابات واليسار ا