الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة سنية ضد المالكي

جواد كاظم الدايني

2015 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ثورة سنية ضد المالكي
جواد كاظم الدايني
اثنان اتمنى لو يصيبهما خرس, ويطبق فمهما علة اوعدالة, وهما نوري المالكي وطارق الهاشمي, فالاول كان رئيسا لوزراء العراق لثمان سنوات مرت بعضها كأخطر فترة هددت التماسك الوطني, والثاني نائبا لرئيس الجمهورية, دارت حوله شبهات جعلته مطلوبا للقضاء بتهم الارهاب. بين الرجلين خصال مشتركة اولهما انهما عدويين طائفيين, وثانيهما انهما مثالين رائعين لما يمكن ان يتحفنا به الاسلام السياسي من شخصيات ابسط ما يمكن ان يقال عنها انها " غير سوية " وحديثهم وخطابهم سعاراً طائفيا بهذيان يسمح لهما بأنتقاء اي كلمات وترتيبها لتبدوا جملا تكشف عن عمق ضحالة الرؤية واعتلال الفكر.
اغلب من ينهلون من ارومة الاسلام السياسي يعانون من متلازمة " السخف والعنجهية " التي نقابلها هنا بــِ " الاسلام والسياسة ", ولا يمكننا ننسى هنا مثالين اخرين هما اردوغان التركي ومرسي المصري. هذه ربما احد مساوئ الديمقراطية والحرية, خاصة في المجتمعات التي تعاني خللا في بنية وتكوين وعي افرادها الذي يصبح نقطة الضعف التي يمرمن خلالها الحمقى الى مسؤوليات عليا في الدولة تسمح لهم بقول ما يشاؤون دون من رادع اخلاقي او قانوني او الشعور بمسؤولية الكلمة وتقدير عواقبها,عندما تكون مزورة وقاصدة لتضليل الراي العام, لان الكلمة المسؤولة تعطي لكل شيئ حقه وحجمه وهذا ما يتجنبه نوري المالكي وطارق الهاشمي, ومن يدور في فلكهما. الاثنان غادرا السلطة قبل ان ينتشيان من افيون الهوس بها, ولم يجربوا حد الثمالة فيها لذلك بقيت في أنفسهم اشياء منها, يجاهدون دائما العودة اليها, ممهما كانت النتائج وحجم الخراب الذي يتوقف على عودتهم مرة ثانية.
اكثر مايؤرق هذين الشخصين انهم عاجزون عن امضاء وفرض رؤاهم الطائفية والاستمتاع بالتحكم بمقدرات الوطن تحت ذريعة نصرة المذهب. الاثنان هاربان من عدالة خانتها منظومة قضائية فاسدة وسلطة سياسية متخاذلة وخلل في القيم الاخلاقية, وصحيح ما يقال " ان من امن العقاب, اساء الادب ".
لا يفرح الطائفيين اولئك,غير حرب طائفية تحرق الجميع وتعود بالمآسي والويلات علينا,كي تكون تلك الحرب مصداق لنظرتهم المريضة, وتكون البيئة مناسبة لعودتهما عرابيين للازمات المفتعلة ذات الدوافع الطائفية والمنفعية, التي تهدد أمن واستقرار بلد الطوائف, لا الطائفيين الذين لا دين لهم, لا عقل لهم. كل ما تبقى منهم صوت فارغ يرتد صداه عن خيبة املهم بتلك الحرب, خطاباتهم فقيرة وبائسة, لا منصت لها غير فئة من الجهلة ومعدمي الثقافة, يغذون لهما ميولهم الكارزمية الفارغة, حيث يعتقدان انهما يفيضان على الناس من مكنونات الحكمة والقول الحق والتوجيهات والاوامر السديدة. يشتركان بسنحة عفت عنها قيم التسامح والحكمة والتعقل, ويتسلل الى نفسي شعور غير مريح في كل مرة اقرأ اواسمع لخطاب اي منهما حيث تفوح منهما رائحة الكراهية والعمى الانساني.
فمن عش الاسلام السياسي الذي فرخ فيه اردوغان نوياه التسلطية, يتخذ الهاشمي تركيا منبرا لبث سمومه الطائفية ونشر الاكاذيب والتضليل عن حقيقة ما يحدث, لا يجد من حرج من ان يعرض مصداقيته لخطر السقوط, عندما لا يتواني عن توضيف الارهاب اوتفاهة اخرى لتعزيز نوايا الطائفية. بينما يتخذ الاخرمن سدة نيابة الرئاسة والسلطة ونفوذه داخل الدولة, حجرعثرة امام تهدئة الامور والاحتكام للغة العقل والحوار والتفاهمات السياسية التي عفت عنها سياساته الهوجاء التي كلفت كل هذا التدهور الكبير الذي حدث ويحدث بعد سقوط الموصل, وحيث يكون عاجزا وتخذله قدراته العقلية على تشخيص الاسباب, اوالتغاضي عن كون سياساته الاخيرة كانت اهمها. فقد اعاد صياغة ما جرى ويجري بطريقة ليست غريبة عن مستوى ادراكه المريض عندما يصرح ان ما يحدث هو " ثورة سنية ضد الشيعة " واني استغرب كيف صبر ثمان سنوات في السلطة وهو بهذا العجز والبؤس.
واذا صحت مقولة المالكي هذه, فمن دروس التاريخ تعلمنا ان الثورات تكسب شرعيتها من نفسها, انها حق لانها ثورة, فالناس والشعوب لا تلجأ اليها في حالات القهر والظلم والجوع, ويعلمنا كذلك ان الثورات كانت تحدث ضد الانظمة الفاشية والمتسلطة, او ضد افراد يمارسون الظلم والاضطهاد وهم في السلطة, لذلك فعبارة المالكي تلك غير دقيقة, فالشيعة طائفة وهي ليست نظاما ولا فردا, كما ان المالكي لا يمثل الشيعة عامة لانهم ليسوا كيانا سياسيا متجانسا, ناهيك انهم اصبحوا غير متجانسين اجتماعيا وطبقيا وثقافيا بسبب الخلاف السياسي. لذا ستكون العبارة اكثردقة لو اعدنا صياغتها ,نحن, على انها " ثورة سنية ضد المالكي "وكما قلت ,اذا صح توصيف ما يحدث بأنه ثورة. فأتمنى ان تكون ثورة تصحيحية تعيد الجميع الى جادة الوطن ومراجعة شاملة للنظام السياسي وفق قواعد الحوار والمشتركات الوطنية, واذا نجحنا ستهوي العروش الطائفية على رؤوس اصحابها ممن لا تهمه غير مصلحته الشخصية والحزبية المنفعية.
على الشيعة ان تفهم ان الاغلبية ليست هي الحكم المطلق, " ولهم في اردوغان عبرة لو يفقهون ", وان الشراكة الحقيقية هي شراكة القرار السياسي كضرورة لبناء الدولة الجديدة, وعلى السنة ان يفقهوا ما يريدونه هم الان, لا ما يريده الارهاب, ولا ما يريده الانتهازيون الذين خسروا ما في ايديهم بسقوط نظام البعث, ويحاولون العودة الان تحت مسمى سنة العراق, والمفترض انهم خبروا سياسة الاقنعة المزيفة التي مارسها سياسيوهم وممثلوهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -علموا أولادكم البرمجة-..جدل في مصر بعد تصريحات السيسي


.. قافلة مساعدات إنسانية من الأردن إلى قطاع غزة • فرانس 24




.. الشرطة الأمريكية تداهم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات الطلاب


.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24




.. بلينكن يلتقي من جديد مع نتنياهو.. ما أهداف اللقاء المعلنة؟