الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((مصلحة لا مصالحة)) . غيابٌ مقصودٌ للإصلاحِ السّياسِي فِي العِراقِ .

مرتضى عصام الشريفي

2015 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


ثرثرَ السّياسيونَ كثيراً حولَ ملفِ المُصالحةِ الوطنيّةَ ، وخُصّصتْ لها أموال كثيرةٌ، لكنّ الشّعبَ العِراقِي إلى الآن؛ لمْ يعرفْ ما هو المرادُ بهذهِ المُصالحةِ ؟، هلْ هي مُصالحةٌ سياسيّةٌ بينَ السّياسيينَ ؟ ؛ كَي يعيشُوا حالةً منِ الوئامِ الوطنِي؛ ليسيرُوا بالعراقِ إلى التّقدمِ، والتّطورِ!، أو المقصودُ بها مصالحةٌ اجتماعيّةٌ بينَ أطيافِ الشّعبِ المختلفةِ التِّي فرّقتْهم يدُ الطائفيّةِ الباطشةِ بهم قَتْلاً، وتفجيراً ، أو المقصودُ بها المصالحةُ معَ البعثيينَ المُبْعدِينَ منِ الحياةِ السّياسيّةِ المشمولينَ بقانونِ المساءلةِ، والعدالةِ الذينَ طردُوا منْ وظائفِهم، والذينَ عليهم أحكامُ قضائية؛ لكونِهم من رموزِ البعثِ المقبورِ، وقدْ تلوّثت أيديهم بدماءِ العراقيينَ، أم هي مصالحةٌ لتبرئةِ الإرهابيينَ الذينَ سفكُوا دماءَ العراقيينَ بمفخخاتِهم المملؤةِ حقداً، وحنقاً على هذا الشّعبِ المظلومِ .
كلُّ هذهِ المعاني قد قيلت في هذه المصالحة المزعومة ، لكن ما يلفت النظر في هذه المصالحة التي طال عمرها، وتعقّدت خطواتها، هو إنّ كل طرف من أطراف السياسة العراقية قد اتخذها دعاية انتخابية لتسقيط المنافسين، فالقوى السّنية المتحمسة لهذه المصالحة التي حملت لواءها، اتهمت المتصدّين لها في الدورات السابقة بالتقصير في تطبيقها، وعدم الاهتمام ، مضلّلين جمهورهم إنّها ستكون لديهم أهمّ ملف لو صوّتوا لهم ، وأعني بجمهورهم (البعثيين) .
والقوى الشيعية المناهضة لهذه المصالحة فعلوا كذلك، فهم أيضاً حملوا لواءها، واتهمت المنافس لهم بأنّهم يحاولون إرجاع البعثيين، وعدم أخذ القصاص منهم، وهذه هي خيانة لدماء الشهداء، واستهتار بمشاعر عوائل الشهداء، وكلام كثير عرفه كل من شهد الدعايات الانتخابية الصاخبة .
بعد كل هذا والسياسيون في العراق عازمين على تنفيذ المصالحة، وهم من أوصل هذه البلاد لما هي عليه الآن بسبب تنافسهم السياسي غير الشرعي، وبسبب دعاياتهم الطائفية، فهم من عمّقوا الطائفية في الوطن، وبعد ما تسلّموا المناصب، والمغانم، يأتون للشعب؛ ليقنعوه بوجوب العيش بسلام مع الآخر شريكي بالوطن، ولنقل : (عفا الله عمّا سلف) .
وما يدفعهم إلى هذا الموقف ليس إيماناً منهم بهذه المصالحة، بل هوس مجنون للحفاظ على السلطة التي حصلوا عليها بشتى الوسائل، ونسوا أنّهم هم المشكلة في هذه النقطة بالذات، والدليل على ذلك إنّهم للآن عاجزون عن تطبيقها للأسف، والأولى من ذلك كلّه هو (الإصلاح السياسي) للعملية السياسية، وقوانينها، ودستورها .
طريق المصالحة في العراق طويل جداً، وهو أسفع أي (مظلم) بسبب الصراعات التي حدثت، وتحدث بين القوى السياسية، وبسبب خلافاتهم الجوهرية حول خطوات هذه المصالحة المقعدة المشلولة، فلكلّ طرف رؤيته ، وفهمه السياسي المؤدلج الخاص لها .
ولا قيمة معتبرة للمبادرات، والمؤتمرات التي تعقد من أجل تطويع، وتزويق هذه المصالحة في محاولة إلباسها ثوب المقبولية، والوحدة، والتعايش السلمي في ظلّ ظروف لا تشجّع على ذلك، وهذه الظروف تزيد من حدّ الفرقة، والخلاف؛ لحساسية ما يلقى فيها من فتن طائفية تحاول إبعاد المكونات المجتمعية للمجتمع العراقي عن بعضه في محاولة خبيثة لترسيخ الطائفية أكثر فيه، وللأسف السياسيون بمواقفهم، وخلافاتهم يعملون على تحقيق هذا الغرض .
والمفارقة المضحكة في ملف (المصالحة الوطنية) هي إنّ أمر هذه المصالحة غريب، فهي قد أوجدت تبايناً في الرؤى داخل المكوّن السياسي الواحد، فزادتهم تقاطعاً، فوق تقاطعاتهم، وتأزّماً فوق أزماتهم، وبعد ذلك تخرج علينا قيادات تلك المكوّنات تتغنّى بــ (المصالحة الوطنية) دون استحياء !!! .
حقيقة هذه المصالحة هي مصلحة حزبية فئوية ضيّقة لمن يمسك بملف هذه المصالحة المغلّفة بغلاف الوطنية؛ ليغطّوا على أغراضهم، ونيّاتهم السياسية الماكرة .
يبدو لي أنّ إياد علاوي يهدف من خلال ملف المصالحة إلى إصلاح تاريخه السياسي، ولملمة ما تناثر منه بسبب الانقسامات التي شهدها ائتلاف الوطنية .
أمّا الأطراف الأخرى، فقد اتخذت هذه المصالحة إحدى أدواتها للتقرّب من كتلٍ سياسية على حساب الكتل الأخرى على وفق مبدأ التوافق، والمقبولية .
فجوهر هذه المصالحة هو مصلحة حزبية كتلوية ضيّقة؛ لا مصالحة وطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا