الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تُبنى الأوطان إلاّ بسواعد شبابها

إيمان أحمد ونوس

2015 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية




تُبنى تطلعات ومستقبل سائر المجتمعات البشرية في جانب كبير منه، على ما يتصف به جيل الشباب فيها، باعتبارهم القوة الحقيقية الفعّالة في ميادين متعددة ومتنوعة، وذلك بسبب امتلاكهم خاصيّتين تميّزهما عن باقي أفراد المجتمع، وهما: خاصية الحركة والنشاط التي يمتلكونها، وخاصيّة المرونة الذهنية التي تؤهلهم لاستقبال وتلقي كافة أشكال المتغيّرات سواء في ميادين العلوم، أو الرياضة، أو الفنون، أو أيّ نوع من أنواع الأنشطة الإنسانية.
ولهذا، فإن المجتمعات والأنظمة التي تريد أن تسمو وترتقي، أوّل ما تعوّل على جيل الشباب هذا، فتمنحه كل ما يحتاجه بدايةً على المستوى الشخصي، من حيث تلبية الاحتياجات النفسية والفكرية والجسدية التي تؤهله بالفعل للقيام بالدور المنوط به في المجتمع. ومن ثمّ تقدّم له كل ما من شأنه أن يساعده على العلم والإبداع، كي ينهض بذاته وبمجتمعه وبلده.
غير أن مجتمعاتنا(أفراداً وحكومات)، والمُصنّفة من المجتمعات النامية أو المتخلّفة، فإنها لا تألُ جهداً في وضع جميع العراقيل أمام جيل الشباب، ومنذ مراحل حياتهم الأولى، وفوق كل هذا، فإن أقل ما هو شائع من صفات تُطلق عليهم، هي العبثية واللامبالاة والتسطيح و..... الخ من صفات أرى أنها مجافية للحقيقة في جزء كبير منها، حيث أن شرائح غير قليلة من هؤلاء الشباب يحملون من مفاهيم التطور والعلم ما يمكنهم من مجاراة تقنيات العصر ومفاهيمه الحديثة، بحكم تمتعهم بروح المحاولة والاكتشاف.
صحيح أن غالبيتهم يظهرون لنا بمظهر اللامبالاة حيال كثير من القيم والمفاهيم، خصوصاً تلك المتعلقة بالمجتمع وقيمه وآفاقه شبه المنغلقة- حسب رأيهم- إلاَ أن هناك فئات منهم ربما تُظهر(اللباس، الشعر، طريقة التعامل،...) ما لا يشير إلى ما تمتلكه من وعي وفهم وعمق في الرؤية تجاه مجمل القضايا التي تحدث في الحياة اليومية، وأيضاً القضايا الكبرى التي تظهر على الساحة السياسية أو الثقافية.
لقد عززت المتغيّرات التي طالت المجتمعات العربية في السنوات الأخيرة ما نقول، من حيث امتلاك أولئك الشباب روحاً مبدعة خلاّقة في التعامل مع أزمات المجتمع، وكوارثه في كثير من الأحيان، وذلك من خلال مجموعات عمل ميدانية تحاول جاهدة النهوض بالأفراد والمجتمع من قاع الحرب والموت والإرهاب إلى فضاءات أكثر إنسانية، من أجل تجاوز ما تعيشه تلك المجتمعات بأقل الخسائر المحتومة.
فهناك العديد منهم(الجنسين طبعاً) يعملون في منظمات مدنية تعمل على معالجة الأطفال الذين تواجدوا في مناطق ساخنة، معالجة نفسية، من أجل تخفيف حدّة ما عايشوه وشاهدوه، أو تعرضوا له مع أسرهم.
إضافة إلى مجموعات أخرى تعمل على إعادة العديد من أولئك الأطفال إلى تلقي التعليم ولو بالحدود الدنيا ضمن الإمكانات المُتاحة لديهم، وبعضهم لجأ إلى أنواع من الفنون علّها تُساهم ولو بالجزء اليسير في محاولة لتخفيف الآثار الكارثية لتلك الحرب.
إضافة إلى قيام العديد منهم بالعمل في مجموعات تُعنى بتخفيف آثار كافة أشكال العنف المُمارس على المرأة جرّاء ما يجري، وتقديم المساعدة الممكنة لأولئك النساء، كي يتمكّنَّ من تجاوز ما ابتلين به، والعودة للحياة وأسرهم بشكل شبه طبيعي.
وهناك الشباب الذين يعملون في مراكز الإيواء على مساعدة الموجودين في كل ما يحتاجون، ولا يمكننا أن نتجاهل العديد من الشباب المتطوعين في الهلال الأحمر، والذين يتعرضون للموت في كل لحظة(وقد استُشهد العديد منهم) أثناء تواجدهم في مناطق المعارك، للقيام بأعمال الإغاثة وإسعاف المحتاجين.
إنها جهود جبّارة واستثنائية، في ظروف قاهرة واستثنائية أيضاً، جهود علينا كمجتمع وحكومة تقديرها واحترامها والاعتراف بضرورتها وأهميتها في وقتنا العصيب هذا، ومحاولة تقديم كل ما يمكن ويلزم لأولئك الشباب من أجل الاستمرار في أعمالهم تلك، لاسيما من قبل الحكومة المعنية أكثر بإيجاد الفرص والحلول لشرائح شردتها الحرب، وحرمتها نعمة الاستقرار والأمان.
كما على الحكومة أولاً وقبل كل شيء، الإيمان بأن الشباب هم عماد الأوطان ومستقبلها، ومن ثمّ إفساح المجال رحباً أمام ما تبقى منهم، للاستفادة من إمكاناتهم وقدراتهم الهائلة من أجل النهوض بالمجتمع من آلام وخسائر ما جرى من جهة، ومن جهة أخرى كي تكون إعادة الإعمار بأيدي وعقول هؤلاء الشباب الذين آثروا البقاء في وطنهم رغم كل ما جرى، ورغم معاناتهم اليومية جرّاء بطالة تخطّت النسب العالمية بأرقام مرعبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟