الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة في القصة القصيرة

أحمد عبد الرازق أبو العلا

2003 / 1 / 4
الادب والفن


              
 
      في كتابه ( البحث عن طريق جديد للقصة القصيرة ) 1971م يقول الناقد : عبد الرحمن أبو عوف عن مرحلة الستينات وكتابها ، يجب أن نعترف من البداية أن طبيعة هذه الدراسات عن القصة القصيرة التي يكتبها الآن جيلنا ، تشكلها وتتحكم فيها مجموعة متشابكة من الاعتبارات الفكرية والفنية ، فالمادة الأدبية التي ندرسها هنا في مرحلة تشكل وتكون وتخلق ، هي عطاء جيل جديد يترسم خطواته في حذر وقلق وجرأة في نفس الوقت ، تتجمع وتتوالي محاولاته في موجات مضطربة قد تشكل في النهاية تيارا جديدا في نهر القصة القصيرة المصرية .. هذا ما ذكره       ( عبد الرحمن أبو عوف) عن جيل الستينيات ، محددا أن هناك تيارا جديدا في نهر القصة القصيرة . ولكن ماذا بعد مرور أكثر من ربع قرن من الزمان ، ماذا تبقي من كتاب تلك المرحلة ؟ من منهم توقف وما الإضافات التي قدمها من استمر منهم ؟ خاصة وأن القصة القصيرة المصرية قدمت العديد من علامات التحديث علي المستويين الشكلي والموضوعي ، بالإضافة إلى ظهور العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ، مما أثر – بالتبعية – علي الأبعاد الفكرية في عملية الإبداع .                                      
وقد تجلي ذلك في الكتابات التي ظهرت في السبعينات والثمانينات . علينا إذن أن نعترف أنه ينبغي علي الناقد الستيني أن يكون واعيا بتغير طبيعة المجتمع والإبداع ذاته .                            
والناقد ( عبد الرحمن أبو عوف) في كتابه الجديد الذي صدر تحت عنوان ( مقدمة في القصة المصرية القصيرة )     – سلسلة المكتبة الثقافية / 1992- لم يكتب عن كاتب واحد من جيل السبعينات ، أو الجيل الذي ظهر بعده ، ليس لأنه يتخذ موقفا من تلك الكتابات ، بل لأنه أراد – في رأينا – أن يستكمل ما بدأه في كتابه الأول ، فمنهجه النقدي هو نفس المنهج ، الذي يقوم علي تحليل العمل القصصي وصولا إلى تحديد ( طبيعة وجوهر التباين في الموقف الفكري ) بالإضافة إلى تحديد التصور الجمالي ودلالات استخدام الشكل الأدبي والوقوف علي مدي استيعاب تلك الكتابات لتناقضات عصرنا ، ولحضور الواقع المصري بكل قلقه  وأحلامه وأساطيره .                                            
ونراه يستكمل الكتابة عن بعض الكتاب  الذين كتب عنهم في الستينات فنري دراسته عن بحيرة المساء لإبراهيم أصلان , ودراسته عن ( حكايات الأمير ) ليحيي الطاهر عبد الله ، وحديثه عن تحولات الموضوع القصصي في مجمل أعمال ( مجيد طوبيا) القصصية ، بالإضافة إلى ما كتبه عن ( أبو المعاطي أبو النجا ) .                                                       
-  وفي مقدمة كتابه الجديد يقول : " يبدو أن ووف الخلق الإبداعي واصطدامه وجها لوجه أمام وجدان مهمل وعاجز ، وأمام واقع  تاريخي في مرحلة الصنع ، واقعا يبدو صامتا ومرهقا ، يبدو أن كل ذلك قد حتم التجريب ، والتخلص من نسق قصة موبسان وتشيكوف ، وشتاينبك وهنري جيمس ، وبدأت المغامرة في رحلة الاستقصاء غير المحدودة عن أبنية تعبيرية متلائمة مع ذبذبات وزخم الواقع المصري ، وسط اللوحة العريضة للواقع الإنساني " وهذه الجملة صحيحة تماما ، جاءت نتيجة استقراء إبداعات القصة في الستينات ، ونراها – أيضا-  صالحة للإبداعات التي ظهرت بعد الستينات والي الآن , إلا أننا نأخذ عليه أنه لم يقدم في رؤيته النقدية النظرية ، انعكاسات المتغيرات التي حدثت في الفن والواقع في مرحلة ما بعد هزيمة 1967م التي وقف عندها ، محددا ظلالها علي القصة القصيرة المصرية ، عندما تعرض في الفصل الثاني من الكتاب لبعض أعمال
( نجيب محفوظ/ يوسف إدريس / جمال الغيطاني / محمد روميش/ مجيد طوبيا ) وهذا ما يؤكد  – أيضا -  علي أن المنهج النقدي  مازال يسير علي نفس الدرب الذي بدأه في الستينيات ، وهو واحد من النقاد الذين أفرز تهم الحركة الإبداعية في الستينيات ، ومن هنا تصدق عبارة : أن كل جيل يفرز نقاده ، ونريد أن نصحح العبارة فنقول : إن كل مرحلة إبداعية لها ظواهرها الفنية المغايرة والمتميزة ، تفرز نقادا يرصدون تلك الظواهر ويواكبون حركة الإبداع الممتدة الي أن تظهر ظواهر جديدة ، تستلزم وجود رؤى نقدية مغايرة لتلك الرؤي السابقة عليها ، هذا عن ديناميكية العلاقة التي تربط مابين الإبداع والنقد ، فالمواكبة تستلزم أولا : تحديد الظواهر الإبداعية . ثانيا : وضع الظواهر في ضوء الإنجازات التي حققتها الكتابات القصصية والروائية في مراحل سابقة ، وصولا إلى رصد درجة الحساسية الفنية ، التي يمكن بها الوقوف علي مدي ملاءمة هذه الكتابات للحظة الحضارية الآنية ، بما يحكمها من قوانين سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية .                                                    
- وفي الكتاب دراسة متميزة كتبها الناقد ( عبد الرحمن أبو عوف ) عن الجنون في قصص ( يوسف إدريس) ، حاول فيها( اختيار المواقف البارزة للإنسان التي سلط عليها عدسته الفنية ، وعالجها في أكثر من قصة بحيث شكلت أمامنا موضوعا قصصيا قائما بذاته أو بشكل آخر أعطتنا قصصا يجمعها خيط واحد مشترك ، وتعمق علي مستويات متباينة ، أبعاد موضوع معين يعكس رؤية الكاتب ) ومن أجل إثبات هذا التصور يختار الناقد " ظاهرة الجنون " التي وقف الكاتب طويلا عندها ، وقدمها لنا في أكثر من تجربة أدبية تتفاوت في مستويات النضج الفني لديه وتكشف عن محاولة تتذبذب بين الأصالة التلقائية والرغبة في الطموح لاعطاء رؤية معينة أو بناء تصور فكري لمأساة الجنون عندما يصيب الإنسان ص102 ، ويطبق هذا التصور علي قصص : قصة ذي الصوت النحيل / مشوار / فوق حدود العقل / المستحيل / طلبية من السماء / شيخوخة بلا جنون .                             
ونقول إن الدراسة متميزة ، لأننا لا نجد في نقدنا المعاصر من يهتم بالتعرض لموضوع الجنون في الأدب ، علي الرغم من أهمية الموضوع ، فالقدرة علي تأمل الذات كانت من نصيب الإنسان كما يقول ( هيجل ) ولهذا كان الجنون وقفا علي الإنسان نفسه لارتباطه بالفكر ، وربما كان في عبارة     ( نيتشه) " الإيمان بالحقيقة هو الجنون بعينه " ما يؤكد ذلك المعني .
- إن الاستفادة من علم النفس وتطبيقاته علي الأدب والإبداع ، أمر في غاية الأهمية للوصول الي جوهر الإبداع ، وربما نذكر في هذا الصدد الجهود التي قام بها الدكتور شاكر عبد الحميد في هذا المجال ، أذكره تحديدا  لأنه تناول أعمالا أدبية لكتاب القصة في الستينيات والسبعينيات ، ولم يتطرق لموضوعات عامة تخرجه من دائرة التطبيق ، وتحصره في دائرة التنظير .                     
- والفصل الثالث في هذا الكتاب ، والذي تعرض فيه الناقد : عبد الرحمن أبو عوف لبعض أعمال        
   ( يوسف إدريس ) سبق نشره كاملا في كتابه : يوسف إدريس وعالمه القصصي والروائي 1991 ، ولا أجد مبررا لاعادة نشرة من جديد .                                 
- يتعرض الناقد للعالم القصصي الرحب للقاص ( أبو المعاطي أبو النجا) وربما يبدو الاسم بالنسبة لكتاب الجيل الحالي غير مطروح كأسماء أخري من نفس الجيل ، وعلي الرغم من مواكبة النقد لأعماله  حين صدرت ، إلا أن الناقد د. سيد حامد النساج اعتبره _ في دراسة كتبها منذ فترة – واحدا من الجيل الذي أطلق عليه عبارة ( جيل الحلقة المفقودة في القصة المصرية ) ، وربما يعود السبب إلى إهمال النقد لأعماله في مراحل لاحقة ، ولذلك يحسب للناقد عبد الرحمن أبو عوف ، أنه لم يغفل إبداعات أبو النجا الذي يقول عنه :
( أبو المعاطي أبو النجا ) قصاص وروائي له شخصيته الفنية والفكرية المستقلة وسط أبناء جيله ، يتبدى بسيطا سهلا مقنعا ، ولكنه عميق الأغوار ، غزير الإحساس ، بعيد المدى في التقاطه الحظه الشمولية التي تسجل ، وتتجاوز الطبيعة والواقع والناس والتكتلات للأشياء المترابطة ، دون أن يفقد القدرة علي اكتشاف التفاصيل ومعرفتها وفحصها ، وتعريتها وتقديم نموذج الانسان العادي المغمور المطحون في سلم التركيب الطبقي الاجتماعي سواء في الريف أو المدينة ، وهو مفكر متأمل في مصير الإنسان ، ومعني الحياة والموت ، وعلاقته الميتافيزيقية عموما والواقعية ) ص115/   116                                      
وأخيرا نري أن هذا الكتاب  يعد إضافة جادة ، لما سبق وأصدره الناقد عبد الرحمن أبو عوف من كتابات في مجال النقد التطبيقي ( البحث عن طريق جديد للقصة لقصيرة ) 1971 و( الرؤي المتغيرة في روايات نجيب محفوظ) 1991 و( يوسف إدريس وعالمه القصصي ) 1991








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي