الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ال BDS حرية، عدالة، مساواة ! نظرة على مفهوم اليسار الجديد

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2015 / 6 / 18
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تستطيع أن ترغم الحصان على الحضور للماء، لكن لا يمكن إرغامه على الشرب – مثل إنجليزي


لم تعد شعوب العالم المحترمة تتقبل وجود شعب أو عرق يمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة الفظيعة ليقوم باستخدامها ضد الشيوخ والأطفال والمدنيين الآمنين من شعب آخر. نحن في عصر تكفي فيه إدانة من مجلس حقوق الإنسان لممارسات بشعة لكي يتكاتف العالم ضد أصحاب تلك الممارسات.

بدأت ملامح التغير على المجتمع الإسرائيلي منذ حركة الجنود المناهضة للحرب منذ حرب 1982 على لبنان. بدأت ملامح التغير عندما كتبت فليتسيا لانغر " بأم عيني "، ولكن ثمة تغيرات جوهرية طرأت منذ نشر البروفيسور إيلام بابيه كتابه " التطهير العرقي في فلسطين "، تبعتها تطورات أخرى لا تقل جدية وأهمية عندما نشر البروفيسور شلومو ساند ثلاثيته الشهيرة ( اختراع الشعب اليهودي / اختراع أرض إسرائيل / كيف لم أعد يهودياً ؟! ).

إيلان بابيه تساءل عبر ندوة من لندن، كيف يمكن أن نسرع وتيرة التغيرات الإيجابية في المجتمع الإسرائيلي ؟! ولكن السؤال المسكوت عنه فلسطينياً، كيف يمكن أن يحدث تطور في الفكر السياسي الفلسطيني، من تبني حل الدولتين العنصري، إلى دولة واحدة ديمقراطية لجميع مواطنيها ؟! ما زال البعض يعتقد أنه بالإمكان مقارعة الترسانة الحربية المتفوقة للدولة الصهيونية ببعض المقذوفات البدائية، رغم أن الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني الآن وبعد كل هذا الدمار، بدأت ترغب في التعايش والسلام الحقيقي، ولكن هل هذا ممكن ؟!

لا يمكن أن يتغير المجتمع اليميني المتطرف في إسرائيل نتيجة للحروب وتدفق الدماء، بل يجب على المجتمع الدولي أن يكون له رأي فيما يخص التفكير العنصري الصهيوني الذي خطط ونظم ونفذ مجازر التطهير العرقي في فلسين عام 1948، وهي الرواية الفلسطينية المهمشة التي ساهم إيلام بابيه في إعادة الحياة لها من جديد.

حركة الـ BDS (Boycott Divestment and Sanctions: المقاطعة / سحب الاستثمارات / فرض العقوبات ) هي حركة وطنية فلسطينية ذات امتداد عالمي ودولي، وهي تضم جمعيات أساتذة جامعيين في دول الغرب والولايات المتحدة، كما تضم اتحادات طلابية جامعية، بالإضافة إلى اتحادات الفنانين والموسيقيين.

تصاعد نشاط الـ BDS منذ العام 2005، حيث تمكنت المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية من تكبيد إسرائيل 4.7 مليار دولار سنوياً، ويبدو أن هذا الرقم سيتصاعد مع الأيام والشهور القادمة !

جدير بالذكر أن حركة المقاطعة تحتوي على أكثر من توجه وأكثر من رؤية لحل الصراع، فمنهم من يتبنى حل الدولتين ومقاطعة منتجات المستوطنات فقط، ومنهم من يتبنى حل الدولة الواحدة بعد إسقاط العنصرية، وهؤلاء لديهم توجهات أكثر راديكالية بفرض المقاطعة والعقوبات على الدولة الصهيونية. لكن كلا الاتجاهين يؤمن بالطبع بأنه لا يمكن حل النزاع دون إقرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرار الأممي 194.

تتخذ حركة الـ BDS شعارا لكفاحها ( حرية / عدالة / مساواة )، وهو شعار يجمع عليه معظم مثقفي العالم، خاصة اليسار الإلكتروني الجديد. للمزيد عن هذه الحركة يمكن متابعة النسخة العربية من موقعها على الرابط:
http://www.bdsmovement.net/ar/bdsintro

المشروع الوطني الفلسطيني التقليدي، الذي تؤمن به فصائل منظمة التحرير وحركة حماس، يرتكز على رؤية تحرير الضفة وغزة من الاحتلال والمستوطنات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة عليها. لا فروق جوهرية بين فصائل المنظمة وحركة حماس، إلا في تفاصيل تكتيكية تتعلق بالمماحكة بين الاعتراف بدولة إسرائيل ( المنظمة ) أو عقد هدنة مطولة معها ( حماس ). لكن مرة أخرى لا خلاف جوهري حول استهداف أراضي ال 67 من أجل الحصول على دولة !

لكن على أرض الواقع تمكنت الحركة الصهيونية من التكيف والتأقلم مع المشروع الوطني الفلسطيني التقليدي، فاعترفت بالمنظمة عشية مؤتمر مدريد، وخاضت معها مفاوضات طيلة 22 عاماً، قامت خلالها بتكثيف الاستيطان في الضفة وتهويد القدس لإفراغها من سكانها الأصليين، كما تمكنت من الاستيطان في الأغوار باعتبار المنطقة ذات عمق أمني استراتيجي، وكل هذا أدى كتحصيل حاصل إلى مصادرة المستوطنات لأكثر من 80 % من مصادر المياه العذبة الصالحة للري والاستخدام الآدمي !

مطلب حل الدولتين يقوم على فكرة صهيونية تؤدي إلى عزل سكان غزة والضفة عن أراضيهم في فلسطين التاريخية، كما تؤدي إلى استمرار الشحن القومي والديني ( نحن هنا، وهم هناك ) استعداداً لجولات دامية أخرى في المستقبل !

وطالما أن دولة فلسطينية في ما تبقى من حدود 67 ( 18 % من فلسطين ) ستحقق أهداف العزل العنصري والحصار الجيوسياسي والاقتصادي لأراضي غزة والضفة، فلا غرابة أن تتبنى الصهيونية اليمينية تسيبي ليفني خيار إقامة دولة فلسطينية بحدود معينة مع ضم المستوطنات للدولة الصهيونية أو مبادلتها بأرض صحراوية قاحلة في النقب من أجل توسيع شكلاني لقطاع غزة !

العنصرية إذن هي المصدر الأساسي لفكرة العزل العنصري ( فليسميها الفلسطينيون دولة ! )، ومن هنا أدرك المناضلون الأمميون في حركة الـ BDS أن نضالهم يجب أن يتمركز لكفاح العنصرية وأشكال العزل والمصادرة والاستيطان لتحقيق دولة واحدة ديمقراطية لجميع مواطنيها.

إن الصدام العنصري الدامي بين احتلال استيطاني متقدم وسكان البلاد الأصليين، حدث في أمريكا وفي أستراليا وفي جنوب أفريقيا، وهو ما يحدث ببساطة في فلسطين ! .. هو صدام عنصري استعماري كولنيالي يمارس كافة أشكال العنف والاضطهاد والاستغلال ضد السكان الأصليين، وهي الصورة التي كانت قائمة في جنوب أفريقيا أثناء النظام العنصري " الأبارتهايد ".

ما يقلق إسرائيل في حركة الـ BDS عدة أمور لعل أهمها:

1- بروز قيادة حديثة للعمل الوطني الفلسطيني مدعومة دولياً من خارج الأطر التقليدية التي تكيفت معها إسرائيل ودجنتها لمصلحة مشروع العزل العنصري لغزة والضفة ( ما يسمى بدولة 67 ) !

2- استثمار القضية الأخلاقية العادلة للشعب الفلسطيني في ظل انفتاح إعلامي إلكتروني هائل وغير مسبوق، فما عادت الرواية الصهيونية هي الوحيدة في الغرب والعالم !

3- كذلك فإن إدراج قضية اللاجئين في مقدمة مطالب الحركة جعل من كل جهود العنصرية الصهيونية الحربية والاقتصادية من أجل تذويب قضيتهم تذهب هدراً، فحركة الـ BDS أعادت ملف اللاجئين إلى المحافل الدولية وبقوة !!

4- فضائح قتل المدنيين في غزة أثناء الحروب الأخيرة، في ظل الانفتاح الإعلامي، أعطى الحركة نمواً وتمدداً شعبياً في كافة دول العالم لا سيما العالم الغربي، وهو المنبع الأساسي لقوة إسرائيل.

5- المقاطعة الاقتصادية تكلف إسرائيل حوالي 4.7 مليار دولار وهو رقم مرشح للتصاعد !

6- حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ذات تجربة وفعالية حققت إنجازات عملية في تحطيم الفكر العنصري في جنوب أفريقيا، وبالتالي فإن المتوقع هو نجاح آخر فيما يخص العنصرية الصهيونية..


ختاماً، فإن على مثقفي الشعب الفلسطيني وقواه الحية أن يتضامنوا مع هذه الحركة بصورة جدية، وعلى اللاجئين الفلسطينيين أن يجددوا نضالهم وكفاحهم السلمي اللاعنفي من أجل وضع ملف القضية أمام المحافل الدولية، ومن المرغوب به التعريف بالحركة وتحويل شعارها الجميل ( حرية / عدالة / مساواة ) إلى فكر سياسي جديد يتكيف مع التوجهات التقدمية والحضارية السائدة في عالم حقوق الإنسان ومناهضة العنصريات البائدة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا هو الحل الصائب.
salah amine ( 2015 / 6 / 18 - 18:55 )
ما أجمل أن يتوحد الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني في دولة وطنية واحدة، سيكون لها في المستقبل شأن عظيم وهذا لما يتوفر عليه الشعبان من امكانيات عظيمة، امكانية العلم والثقافة للشعب الفلسطيني وامكانية العلم والمال للشعب الإسرائيلي. وهذا الحل لا يمكن أن يكون له النجاح المنتظر إلا بالإستجابة لمطالب اللاّجئين. أما محاولات استخدام العنف، وخاصة من طرف حماس، فهي محاولات ميؤوس منها، وأنها لا تؤدي إلاّ لخراب المستقبل الفلسطيني. إن حركة حماس حركة إرهابية يجب وضع حد لوجودها وإلاّ فإنها ستكون العامل الحاسم في تحطيم مشروع الدولة الواحدة الموحدة. وأخيرا ، أشكر الأستاذ شكرا جزيلا على هذا الموضوع الرائع الذي عالجه بتأني ووضوح. مع تحياتي الخالصة.


2 - السيد صلاح أمين المحترم
عبدالله أبو شرخ ( 2015 / 6 / 18 - 22:35 )
نعم لا تسوية ولا سلام حقيقي دون عودة اللاجئين .. شكرا للمرور والتعقيب وتقبل احترامي

اخر الافلام

.. بالاعتقالات وخراطيم المياه.. الشرطة الإسرائيلية تواجه المتظا


.. تدافع بين متظاهرين والشرطة الا?سراي?يلية بالقدس ا?مام محيط م




.. تغطية خاصة | عشرات آلاف المتظاهرين في -تل أبيب- ضد حكومة نتن


.. الانتخابات في فرنسا: -اليمين المتطرف- يتصدر الاستطلاعات وحلي




.. شاهد: غواصة روسية تغادر المياه الكوبية قبل مناورات عسكرية في