الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل عبد الكريم مطيع الموجهة إلى النظام السياسي المغربي

مصطفى عنترة

2005 / 10 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لماذا انقطع الاتصال بين السلطة المغربية والشبيبة الإسلامية؟ وهل يمكن القول بأن قطار الإنصاف والمصالحة في محطته الراهنة سيتخلف عن أصدقاء عبد الكريم مطيع؟ وهل الاستياء والتذمر وكذا الانتظارية القاتلة هي التي دفعت مطيع إلى تسجيل خرجته الإعلامية الأخيرة؟ وماذا بعد الرسائل المتعددة التي تضمنها حواره المنشور على موقع الشبيبة الاسلامية والموجهة إلى النظام السياسي؟ هذه الأسئلة وغيرها تشكل ثنايا الورقة التالية.

مازالت قضية عودة عبد الكريم مطيع وأصدقائه في الشبيبة الإسلامية المغربية إلى أرض الوطن تثير العديد من التساؤلات، ذلك أن مسلسل المصالحة شهد تطورات هامة في محطته الراهنة إلا أن هذه القضية لم تتم تسويتها مع العلم بأن اللقاءات التي كانت تجريها السلطة مع ممثلي هذا التنظيم خلفت وراءها ارتياحا عبر عنه أصدقاء مطيع في أكثر من مناسبة كتسوية مسألة جوازات السفر لأفراد عائلته.. لكن هذه العودة قد تأخرت لأسباب غير واضحة.
ومن هذا المنطلق يرى البعض أن الشروط السياسية الراهنة المتمثلة على وجه التحديد في إرساء جو المصالحة الشاملة تستدعي من الحكم نوعا من الجرأة في اتخاذ قرار يقضي بالتصفية النهائية لملف تجاوز عمره ثلاثة عقود.. في حين يرى البعض الآخر أن مطيع وأتباعه بمثابة مجرمين، وجب عليهم أن يعترفوا بجريمتهم الشنعاء في حق الاتحادي عمر بن جلون وكذا الاعتراف بمخططاتهم التي كانت تروم حينها تصفية مجموعة من الكوادر اليسارية، كما أن عودتهم إلى أرض الوطن لا يمكن أن تشكل الحدث اعتبارا لقلتهم..
لكن الظاهر أن الحكم في المغرب يتعامل مع هذه القضية بنوع من الغموض، حيث يقوم باتصالات مع مسؤولي الشبيبة في الخارج مع العلم بأن حبل الاتصال معهم لم ينقطع، إلا أنها لم تتوج بتصفية هذه القضية.
وقد يجد البعض تفسيرا لهذا الغموض المشار إليه في خوف النظام السياسي من السقوط في إحراج من لدن اليسار عموما والحركة الاتحادية خصوصا التي يتقاسم معها العديد من القضايا في المرحلة الراهنة، وما يؤكد أن قياديي الشبيبة الإسلامية وعلى رأسها مرشدها العام مطيع ما فتئوا في كل مناسبة يوجهون سهام نقدهم إلى اليسار واليساريين. فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يوجد اليوم في الحكومة، كما أن أطرافا من اليسار الجديد توجد بدورها قريبة من دوائر صنع القرار السياسي، وهذا الأمر يعرقل مسألة العودة.
وقد يفسر البعض الآخر ذلك بكون النظام السياسي في إطار لعبة الإقصاء والاندماج ليس في حاجة إلى هذه الحركة لتوظيفها في التوازنات السياسية القائمة، الشيء الذي يجعله يضعها في دائرة الاحتياط لتوظيفها في الوقت المناسب.. ولعل علاقة الحكم تاريخيا بمختلف الفاعلين السياسيين المعارضين تكشف كيف كان يتفنن في إقصاء هذا الفاعل وإدماج ذاك.

* الاتصالات مع الحكم:
لم تنقطع الاتصالات بين الحكم والشبيبة الإسلامية المغربية على اعتبار أن إحدى خاصيات النظام السياسي بالمغرب هي عدم القطع مع معارضيه كيفما كانت درجة معارضتهم، وقد كان يشرف على هذه المفاوضات رجالات مقربين من وزير الدولة والداخلية السابق الذي سبق أن أكد في حديث صحفي له حول العلاقة مع التنظيمات الإسلامية أن اتصالاته مع أصدقاء مطيع كادت أن تتوج في السنوات الأخيرة من عمر الملك الحسن الثاني بعودتهم إلى أرض الوطن، وقد استمرت هذه الاتصالات في السنوات الأخيرة، إذ عرفت تقدما في أشواطها جعلتهم ينوهون بالعهد الجديد، لكن الحوار/ الرسالة الأخيرة للمرشد العام للشبيبة الإسلامية يكشف نوعا من التذمر والاستياء الذي وصلوا إليه وكذا نوعا من التحذير في نفس الوقت، مما يفيد أن مطيع وأتباعه في الخارج يلمحون إلى إمكانية الدخول في مبادرات معينة خاصة بعد إغلاق باب التفاوض مع القصر الملكي.
ويلخص مطيع في حوار سابق أجري معه من طرف أحد المنابر الإعلامية في هذا الشأن مسلسل الاتصالات مع السلطة المغربية في أربعة مستويات ومراحل:
ـ مبادرات رسمية ما بين سنتي 1976 و 1980 ، للتوسط وإصلاح ذات البين، قامت بها لدى الملك الراحل شخصيا عدة شخصيات سعودية وكويتية في مقدمتهم الشيخ ابن باز رئيس إدارة الدعوة والإفتاء، والشيخ حسن بن عبد الله آل الشيخ وزير التعليم العالي ورئيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي في المملكة العربية السعودية، وقدمت للجميع وعودا لم تنجز لأسباب غير معروفة.
ـ مبادرات مغربية رسمية في نفس الفترة، قام بها كل من الأستاذ أحمد بن سودة مدير الديوان الملكي سابقا، والأستاذ محمد الناصري سفير المغرب السابق في المملكة العربية السعودية، والدكتور أحمد رمزي وزير الصحة ثم وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية سابقا وغيرهم.. ، وكلهم وعدوا خيرا ولم ينجزوه .
ـ اتصالات تمت بعد خروجي من السعودية سنة 1980 ، بمبادرة من إدريس البصري، بعد أن تطايرت شظايا الشبيبة الإسلامية، بعضها في أحضان الأجهزة الأمنية، وبعضها في أحضان الثورة الإسلامية في إيران، وبعضها في أفغانستان، وبرزت استنباتات للعنف. العفوي منها بتأثير المناخ السياسي العالمي آنـئذ، والإرادي منها بتخطيط من الأجهزة الأمنية المغربية التي رأت مصلحة في هذا الاستنبات.
ـ الاتصالات الحديثة في العهد الجديد، وضمنها رسالة الأمانة العامة للشبيبة الإسلامية إلى العاهل المغربي، والحوار المباشر مع المسؤول الأول بالسفارة المغربية بدمشق، وتأكيد حرصنا على وحدة المغرب وسلامته ومقدساته. ولم يكن لنا من مطلب فيها إلا إسقاط جميع الأحكام الصادرة في حقنا مهاجرين ومعتقلين، وضمان حقوقنا المادية والمعنوية المهدرة، بما فيها حق المشاركة الحرة في إطار دولة القانون والمؤسسات .

*رسائل متعددة الاتجاهات:
الملاحظ أن الرسالة الأخيرة لمطيع تضمنت مجموعة من الإشارات، نسوق منها ما يلي:
أولا:الهجوم على اليسار واليساريين على اعتبار أن البعض منهم اعتاد التحرك كلما تم تداول موضوع عودة مطيع، من أجل التأثير على دوائر صنع القرار السياسي لإبقاء الوضع على ما هو عليه. بعض المصادر المتتبعة لهذا الملف أكدت لنا أن المحاضر القانونية لقضية اغتيال عمر بنجلون لا تتضمن اسم عبد الكريم مطيع باستثناء ما جاء في شهادة الاتحادي مصطفى القرشاوي بكون مطيع سبق أن هدد باللجوء إلى مسألة التصفية الجسدية ضد بعض العناصر اليسارية... كما أن قتلة بنجلون لم يؤكدوا في شهادتهم قضية تسخيرهم من طرف قيادة الشبيبة الإسلامية المغربية..
ثانيا: الطعن في مسلسل المصالحة عن طريق هيأة الإنصاف والمصالحة، حيث أشار في رسالته الأخيرة "أن الهيأة عنوان كبير ومشروع ضخم كان يمكن أن يشكل خطوة حقيقية في طريق طي صفحات الماضي المرعبة من تاريخ الدولة العلوية، لكن يبدو أن هذا المشروع ظل حبيس التوظيف الإعلامي والحسابات الفئوية والحزبية الضيقة التي تصر على إقصاء الآخر، مما انتهى بالمشروع إلى خدمة فئة واحدة في حين ظلت عشرات الآلاف من ملفات المنفيين والمعتقلين ومجهولي المصير معلقة دون حل بالرغم من إنهاء الهيأة عملها".
ثالثا: الاستياء من انقطاع الاتصالات بين القصر الملكي والحركة الإسلامية المغربية (أي الشبيبة الإسلامية سابقا قبل أن تغير اسمها في مؤتمرها الأخير)، حيث اعتبر أن هذا الانقطاع بمثابة رسالة ملكية واضحة تريد أن تقول لهم بأن لا ينتظروا شيئا..
رابعا: مغازلة النظام الجمهوري الجزائري من خلال الحديث عن السيادة التي يمتلكها مبدئيا الشعب وأيضا اختيار بوتفليقة التحاكم إلى الاستفتاء الشعبي...
خامسا: الموقف المتشائم من قضية الصحراء المغربية، حيث اعتبر أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتدهورة والمقلقة وكذا تحول هذه القضية إلى أداة في يد الأجنبي يبتز بها بترول الجزائر وسيادة المغرب.. تجعل القضية الصحراوية في رأيه لا حل لها إلا مزيدا من الفتن.. وفي هذا السياق أكد في رسالته الأخيرة أن الصحراء لم تكن في يوم من الأيام دولة منفصلة عن المغرب، متسائلا من يستطيع أن يرغم أحدا على العيش في الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي.
وخلص مطيع إلى أنه على مجتمعنا أن يطهر إذا أردنا أن يقبل أخوتنا الصحراويون عليه.
سادسا: التشديد على تحذير الإسلاميين من العنف يعطي صورة على أنه يمكن أن يورد في المراحل القادمة، وأنها رسالة مشفرة يوجهها إلى النظام السياسي عن وقوع أحداث لا يريد أن يتحمل المسؤولية لا هو لا وأتباعه.
مما لاشك فيه أن رسائل مطيع الموجهة إلى القصر الملكي ستترك وراءها مجموعة من ردود الأفعال المتباينة، الشيء الذي من شأنه أن يكشف عن العديد من الخيوط المتحكمة في قضية مطيع وأتباعه داخل أرض الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً