الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بانوراما انتخابات البرلمان الدنماركي

محمود سعيد كعوش

2015 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


البرلمان الدنماركي الذي يعرف بالدنماركية باسم "الفولكتنجيت" هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد التي تُقر جميع القوانين من قبل أعضائه. ويتألف البرلمان من 175 عضوا ينتخبون بالأغلبية النسبية، بالإضافة إلى عضوين من كل من غرينلاند وجزر الفارو ليصبح العدد الإجمالي 179. ويقع مقر البرلمان في وسط العاصمة كوبنهاجن، وفي منطقة توجد فيها معظم مباني ومقرات الوزارات والمؤسسات الحكومية. ووفق الدستور الدنماركي فإن الانتخابات البرلمانية في الدنمارك تُجرى مرة كل أربع سنوات، ومن ضمن صلاحيات رئيس الحكومة أن يطلب من الملكة الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وفي حال التصويت بحجب الثقة يمكن للبرلمان أن يجبر وزيرا أو حتى كامل الحكومة على الاستقالة.
ويتميز النظام السياسي البرلماني في هذا البلد الإسكندنافي بتحالفات تقليدية، إذ كانت معظم حكومات ما بعد الحرب العالمية الثانية فيه تتشكل من تحالفات الأحزاب الناشطة فوق أراضيه. وكان تحالف اليمين الدنماركي برئاسة زعيم حزب "الفنسترا" أناس فوغ راسموسن قد أمسك بمقاليد الحكم في الدنمارك بعد فوزه في انتخابات تشرين أول/نوفمبر 2001. وحزب "الفنسترا" هو حزب ليبرالي من يمين الوسط، شغل زعيمه رئاسة الحكومة الدنماركية من تشرين أول/ 2001 إلى نيسان/أبريل 2009 بعد فوزه بدورتين إنتخابيتين برلمانيتين. وتشكل تحالف اليمين الدنماركي من حزبي "الفنسترا" والمحافظين "كونزيرفاتفز" وبدعم من حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف. وكانت الأحزاب الثلاثة المذكورة قد حصلت على أغلبية برلمانية في انتخابات عام 2001 وحافظت عليها دون تغيير تقريباً في انتخابات عام 2005. وفي 24 تشرين أول/أكتوبر 2007 دعا فوغ راسموسن إلى انتخابات مبكرة أجريت في 13 نوفمبر/تشرين ثاني 2007 تعزز بنتيجتها موقع حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف في حين فقد حزب "الفنسترا" الذي كان يقوده أناس فوغ راسموسن بعض مقاعده وحافظ حزب المحافظين على نفس عدد مقاعده مما ضمن لراسموسن البقاء لفترة ثالثة في رئاسةالحكومة.
وفي خريف عام 2008 تواترت في الدنمارك إشاعات سياسية وإعلامية عن رغبة راسموسن في الترشح لرئاسة الحلف الأطلسي "الناتو"، تأكدت صحة تلك الإشاعات أثناء انعقاد قمة الحلف في 4 نيسان/أبريل 2009 في ستراسبورغ عندما اختير راسموسن أميناً عاماً للحلف، مما أوجب استقالته من رئاسة الحكومة في 5 أبريل 2009 مخلفاً منصبه لوزير المالية ونائبه في زعامة حزب "الفنسترا" لارس لوكه راسموسن.
حدثت المفاجأة عام 2011 عندما أسدل الستار عن معركة انتخابية مشوقة لم يسبق لها مثيل في الحياة السياسية الدنماركية، وذلك لما شهدته من نقاشات وجدالات حادة بدأت قبل موعدها بعدة شهور، ولما شهدته من تفاعل ساخن من قبل الناخبين صغيرهم قبل كبيرهم. وقد تمخضت تلك المعركة عن ولادة حكومة تحالف اليسار بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي ورئاسة زعيمته هيلي تورنينغ شميت، التي كانت أول امرأة توصلها الانتخابات البرلمانية إلى سدة رئاسة الحكومة في الدنمارك.
في تلك الانتخابات حصلت المعارضة اليسارية وفقاً للنتائج على 92 مقعداً في البرلمان، فيما حصلت الحكومة السابقة على 87 مقعداً، وهو ما أعطى الأغلبية للمعارضة بفارق 5 مقاعد فقط. وكان نصيب الحزب الإشتراكي الديمقراطي من عدد المقاعد التي حصلت عليها المعارضة اليسارية 44 مقعداً بخسارة مقعد عن الإنتخابات التي سبقت وبنسبة 24،9 % من أصوات المنتخبين، و"الفنسترا" 47 مقعداً بربح مقعد وبنسبة 26،7 %، وحزب الشعب الإشتراكي 16 مقعداً بخسارة سبعة مقاعد وبنسبة 9،2 %، وحزب الشعب الدنماركي 22 مقعداً بخسارة 3 مقاعد وبنسبة 12،3 %، وحزب الراديكال فنسترا 17 مقعداً بربح 8 مقاعد وبنسبة 9،5 %، وحزب القائمة الموحدة 12 مقعداً بربح 8 مقاعد وبنسبة 6،7 %، وحزب المحافظين 8 مقاعد بخسارة 10 مقاعد وبنسبة 4،9 %، وحزب التحالف الليبرالي 9 مقاعد بربح 4 وبنسبة 5 %، والحزب المسيحي الديمقراطي صفر مقعداً بخسارة مقعد كان هو مقعده الوحيد وبنسبة صفر %.
إنتخابات 18 حزيران/يونيو الجاري تمخضت عن أكثر من مفاجأة، إذ سجلت تقدماً لصالح تحالف اليمين على حساب تحالف اليسار، وتبدلات كثيرة على صعيد عدد المقاعد البرلمانية التي حصلت عليها الأحزاب، أضف إلى ذلك المفاجأة غير المتوقعة التي تمثلت بتقدم ملحوظ في قوة حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف بزعامة وعدد مقاعد البرلمان التي حصدها، إذ حل ثانياً بعد زعيم تكتل اليسار الحزب الإشتراكي الديمقراطي من حيث القوة بين الأحزاب، وأولاً بين أحزاب تحالف اليمين بعد أن تقدم على زعيم التحالف اليميني التقليدي حزب "الفنسترا" الذي احتل المرتبة الثانية في انتخابات عام 2011 وجاء ثالثاً في انتخابات هذا العام. وقد عبر كريستيان توليسين زعيم حزب الشعب الدنماركي عن المفاجأة التي تختص بحزبه في قوله بعد ظهور نتائج الانتخابات مباشرة " لقد فاجئتني النتائج، يبدو أن الامر لم يكن كذلك في المدن الكبرى، لكن هذا لا يهم ،هذه نتائج جيدة بالنسبة للشعب الدنماركي".
وفي خطاب لها ألقته بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية أقرت رئيسة الوزراء الدنماركية الاشتراكية الديموقراطية هيلي ثورنينغ شميت بهزيمة تحالف اليسار، رغم حصول حزبها على 3 مقاعد إضافية ونسبة زيادة في عدد المؤيدين له بلغت 1،5% عن الانتخابات السابقة. وأعلنت شميت انها ستستقيل من رئاسة الحزب الإشتراكي الديمقراطي، مضيفة أنه " حان الوقت لزعيم حزب الفينسترا لارس لوكي راسموسن، لتشكيل حكومة جديدة وأتمنى له الحظ في عمله". ومن جهته اعترف لارس لوكي راسموسن أن حزبه خسر مؤيدين له، لكنه رأى في كلمة ألقاها في أنصاره أنصاره أن "الغالبية الدنماركية تعتقد انه على الدنمارك ان تغير حكومتها".
جاءت نتائج انتخابات هذا العام لتسجل 90 مقعداً نيابياً لتحالف اليمين المعارض مقابل 85 مقعداً لتحالف اليسار الحاكم، بدون احتساب 4 مقاعد يمثلون غرينلاند وجزر الفارو. وتوزعت المقاعد في البرلمان الجديد كالتالي: كان نصيب الحزب الإشتراكي الديمقراطي من عدد المقاعد التي حصل عليها تحالف اليسار الحاكم 47 مقعداً بزيادة 3 مقاعد وبنسبة 26،3% بزيادة 1،5%، وحزب الشعب الدنماركي 37 مقعداً بزيادة 15 وبنسبة 21،1% بزيادة 8،8%، وحزب الفنسترا 34 مقعداً بخسارة 13 وبنسبة 19،5% بخسارة 7،2%، والقائمة الموحدة 14 مقعداً بربح مقعدين وبنسبة 7،8% بزيادة 1،1%، والتحالف الليبرالي 13 مقعداً بزيادة 4 مقاعد وبنسبة 7،5% بزيادة 2،5%، والخضر 9 مقاعد بزيادة 9 وبنسبة 4،8% بزيادة 4،8%، والراديكال فنسترا 8 مقاعد بخسارة 9 وبنسبة 4،6% بخسارة 4،9%، وحزب الشعب الإشتراكي 7 مقاعد بخسارة 9 وبنسبة 4،2% بخسارة 5%، وحزب المحافظين 6 مقاعد بخسارة 2 وبنسبة 3،4% بخسارة 1،5%، والديمقراطي المسيحي صفر وبخسارة صفر وبنسبة 0،8% وبخسارة صفر%.
الآن وبعد انتهاء الانتخابات البرلمانية و "انفضاض السامر" في الدنمارك، يترتب على لاري لوكي راسموسن زعيم حزب "الفينسترا" الزعيم التقليدي لتحالف اليمين في العقدين الأخيرين تحمل مهام مسؤلياته وبذل الجهود المضنية للتغلب على المعضلات والمصاعب التي ستعترض تشكيل الحكومة المقبلة، والتي يشكل حزب الشعب الدانماركي اليميني المتطرف الحزب الذي بات الأكبر والأقوى في هذا التحالف المعضلة الرئيسية بينها على الصعيد الداخلي وعلى صعيد الإتحاد الأوروبي بفعل المواقف المتطرفة لهذا الحزب، وإلا ستضطر الملكة لتكليف زعيم الحزب الإشتراكي الديمقراطي المنتظر أن يخلف هيلي ثورنينغ شميت !!
وللحديث بقية......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟


.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د




.. مطالبات بايدن بالتراجع ليست الأولى.. 3 رؤساء سابقين اختاروا


.. أوربان يثير قلق الغرب.. الاتحاد الأوروبي في -عُهدة صديق روسي




.. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فرنسا لسيناريو غير مسب