الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللوحة الغريبة

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 6 / 21
الادب والفن


كانت تسكن في عمارة الأحلام و لكن ما أذهلني أكثر هو زخم اللوحات المتراصفة بجانب بعـضها تـقـتـطع شريطا متعـدد العوالم على ذاك الجدار الوردي اللون. من بين اللوحات صورتها و هي عارية تماما. لكن هناك لوحة مميزة شدتـني إليها . إنها نص باللغة الفرنسية..
" إن صحيفة متهمة بالراديكالية مثل النيويورك- تايمز قالت عن فورد في عام 1828 انه فاشي الصناعة – موسيليني مدينة ديترويت.
في ربيع عام 1937 حدث الانـفجار. حـدثت اعـنـف مجابهة أمام البوابة رقم 4 في مصنع ريفر روج الضخم, حيث أطـلق عـليها العمال اسم المجزرة..."
و هكذا يصف النص المجابهة الدامية بين ميليشيات فورد بتحالف مع رجال الشرطة و بين العمال العزل. كانت واقـفة متكئة على جانب باب الغرفة مرتـدية روب الحمام ذو اللون الوردي و منشفة بيضاء تـلف شعـرها. قلت مازحا:
- إلا المنشفة بيضاء عندك فحتى بشرتـك وردية.
ابتسمت ثم قالت مشيرة إلى وقوفي أمام اللوحة النقابية:
- مثـلما توقعت تماما.
- غـريب. هل هذه لوحة؟
- طبعا. أليست جميلة؟ ألا تـثير فيك الإحساس بالخير؟
تـناولنا كأس نبـيذ مذاقـه حلو. رائحتها العـطرة تـفـوح في المكان الجميل الهادئ المخـدر للحواس. قالت:
- إنها فقرة من كتاب " الجريمة على الطريقة الأمريكية" للمؤلفين الفرنسيين " فرانك براوننغ" و " جون جيراسي".
- يبدو أن الكتاب كالإنجيل بالنسبة لك و لكن ما سر اقـتطاع هذه الفقرة بالذات و التي أجـدها أنا شخصيا عادية.
غابت في الرواق الطويل و عيناي تـلفان قـوامها الرشيق ببهجة في القـلب ثم عادت بصحن مليء بقطع الجبن و عـلبة بطاطة ورقية الشكل جافة. صبت لنا كأسين أخريـين. كان الروب ينزلق ببطء إلى الجانبـين مفصحا أكثر فأكثر عن مفاتن جسدها. قالت:
- تصور. الصدفة وحدها قادت هذا الكتاب إلي. قـرأته بنهم شديد و حين وصلت إلى هذه الفـقرة غـدا كالإنجيل لدي. كان جدي أحد هؤلاء القادة النقابـيـين اللذين تعرضوا لهذه المجزرة.
توقـفـت لـتـشرب نصف كأسها. لأول مرة أرى نار الحماسة في عـينيها. أردفت قائلة:
- جدي الطيب الرائع كم عـرف من المعاناة في حياته. كنت ازور قبره باستمرار. تلك الكلمات على القبر محفـورة في قـلبي كـذلك.
تـشرب النصف المتبقي من كأس النبيذ الرماني اللـون.تـضع الكأس الفارغ على الطاولة لتصب فيه من جديد. تـقـذف بقـطعتي جبن في فمها. تـنـظر إلى السقـف و تردد هذه الكـلمات بأصابع متـشابكة حول ركبتيها و بتكور لجـسدها بصوت ذو إيـقاع كالترتيل عـذوبة :
" أنا النقابي الذي التصقت شفاهه عشرات المرات بإسفـلت الشوارع بفضل لصوص السيد هنري فورد."
ثم رأيت دمعة تـتـرقـرق من عـينيها الساحرتين على خـدها الأسيل...
كانت قـد فـتحـت ساقـيها العاجيـتـيـن المـرمريتيـن. لا ادري سر تـلك الـقوة الغـريبة التي دفعت بـرأسي نحـوها و بالتالي عيناي. انـقـشع الروب عن وسـطـها فجـأة و دون سابق إنـذار فكانت السماء قـد بعـثـت بـرقــا مفاجئا. كان فـرجها كـومضة البرق حتى خـلت البصر قـد طار مني. كان ذو حمرة وردية كـلون الـزهـور, رقـيـق و منـفـتـح قـليلا صافيا كالحليب . لمحـت كل ما اعتمل في وجهي من ألوان الارتباك و التـشضي. رمقـتـني بابتسامة و قامت.
" الاحمرار خجلا من اللااخلاقية هو درجة من درجات سلم سيحمر المرء خجلا في نهايته.. من أخلاقيته." هكذا قال نيتـشه
أشعـلت سيجارتها مثـلما أشعـلت بـدوري مخـفـفـا وطأة النار التي تستعـر بداخلي. غـلة فـردوسية مشتهاة قـابعة بـين أزقـة مخي, تـشـتـهـيـها أروقـتي , تـرقـص بـينها, تـشـد أعـصابي, تـلـفـني , تـشعـلني, تـؤجــج نـيـراني, تـسعـرنـي.. جمال لا يـطـاق, سحـر أخـاذ, أكـاد اختـنـق أو انـفجـر. ربما ينطبق هذا الوصف على الشخصية الأمريكية. إما أن تـسحـق أو تـنـفجـر. يا لها من جاذبـية شـيـطـانـيـة قـويـة كـونـيـة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل