الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف جيلدون.. ورؤيته الغير موفقة

خالد حسن يوسف

2015 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في برنامج Fagaarah الملتقى وفي اطار حلقته السابعة عشرة, والمنعقد في يونيو 2015 بمدينة منيابوليس الأمريكية, والذي يشرف عليه السيد صادق ورفى, يمثل هدف البرنامج محاولات خلق الحوار وفتح مجال النقاش بين النخب الصومالية رغم تباين مواقفها السياسية والفكرية.

وفي اللقاء المذكور شاركت أربعة شخصيات صومالية وجاء ترتيب حديثهم حسب التسلسل الأستاذ أحمد اسماعيل سمتر,الأستاذ حسين ورسمى ناجيي,السيد أحمد اسماعيل,السيد محمود علي جيلدون, وجميع المذكورين ينحدرون من محافظات شمال الصومال ويمثلون كشخصيات ثقافية وفكرية.

البرنامج جاء عنوانه "وحدويين في مواجهة الانفصاليين", كما جاء في شريط الفيديو البرنامج مسمى أرض الصومال, مبدئيا العنوان كما أراه لم يكن موفقا وكان يفترض أن يأتي بعنوان شمال الصومال لاسيما وأن القضية محل النقاش هي سياسية وحدة وانفصال, وفي اعتقادي أرى أن الشخصيات الأربعة التي تم تأكيد على أن أثنان منهما يمثلان الانفصاليين بينما يمثل كلاى الآخرين كوحدويين.

فعند استثناء السيد محمود علي جيلدون أرى أن الشخصيات الثلاثة الأخرى يمثلون كانفصاليين, وإن حاول الأستاذ حسين ورسمى ناجيي أن يحسب ذاته كممثل لتيار الوحدوي لشماليي الصومال, إذ يعتبر من تلك الشخصيات التي لا يسمح المجال لتفنيذ موقفها, وبتالي أراه من اولئك الذين يمكن القول أنهم يلعبون على الحبلين وممارسة الخداع السياسي والذي يمكن أن يستشف من حديثه وغير ذلك.

برنامج Fagaarah ال17 تحدث عن الكثير من القضايا ذات العلاقة بالصومال وتحديدا محافظات شمال الوطن, وبدوري لن أقف عند القضايا العديدة التي تناولها البرنامج, بل سأقف عند مسألة تحدث عنها السيد محمود علي جيلدون, والذي يمثل بأحد أقاربي في الحسابات العشائرية والقرابة العائلية, ناهيك عن تلاقينا في الرؤية الوحدوية ذات طابع المواطنة والمدنية.

والمسألة التي تحدث عنها السيد جيلدون, على هامش حديثه عن ما أسماه The Spirity Of The North الروح الشمالية والمميزة عن روح بقية الصوماليين!

وهذه الرؤية الموصوفة بروح الشمال المتميزة تمثل كصورة قاصرة خاصة لدى بعض النخب الصومالية التي جمعها المحتل البريطاني في جغرافية سياسية خلال الفترة 1884-1960, والسيد جيلدون يرى أن هذه الروح الشمالية اجتماعية في المقام الأول, وذكر: أن شخص فقير ويسير عاري البدن في الشارع بامكانه أن ينزع عمامة أبن الشمال الميسور في أحد الأسواق, بينما لا يجد الأخير أي غضاضة في أن يقوم الفقير بذلك ويستر بها بدنه في ظل ترحيب مواطنه الميسور".

المغزى من الاشارة هو أن أبناء شمال الصومال والذين وقعوا تحت دائرة الاحتلال البريطاني يمثلون كجمتمع سخي ومتميز عن ما دونه من الجهويات الصومالية الأخرى, وهنا يحضرنا التوقف عند قضية تزيل اللتام عن اعتقاد السيد جيلدون, وهو سؤال هل تصنع الجغرافيا الجهوية من رحم خارطة المحتل البريطاني أم أنها خلقت من رحم التقاليد الاجتماعية الصومالية؟

وإذا فرضنا أن جهوية الشمال هي تلك الاستعمارية فهذا يمهد لكون أن الاحتلال البريطاني هو الذي قد صنع العادات والتقاليد الجهوية في الصومال على المستوى الاجتماعي, وهذا بطبيعة الحال أمر مفروغ من عدم صحته.

أما إذا كنا نرى بأن العادات والتقاليد الصومالية هي من صنيعة المجتمع الصومالي, فأرى أن هناك تقاليد جامعة ما بين الصوماليين وفي الحين ذاته هناك خصوصيات جهوية وقبلية وغيرها, وتلك مسألة تتسم بها كل المجتمعات الإنسانية وليس المجتمع الصومالي حصرا.

وبتالي فإن "نظرية السيد جيلدون" تقفز هنا عن مسلمة أن الصوماليين عموما قوم سخاء تاريخيا, كما أن الخصوصية روح الشمال التي يراها كحكر لأبناء المحافظات الشمالية الذين وقعوا تحت نير الحكم البريطاني, تجمعهم مع الصوماليين في دولة الاستقلال ومع القومية الصومالية في عموم أراضيها في منطقة القرن الأفريقي تلك الروح ذاتها, وما يفنذ رؤيته أن القبائل الصومالية في شمال الصومال كدولة يتوزعون ما بين جنوبه وأراضي منها إقليم هود وما عرف بالأراضي المحجوزة Reserved Aera في نطاق الأراضي الصومالية الواقعة تحت الاحتلال الإثيوبي.

هؤلاء بدورهم يشاركون أبناء الشمال تلك الروح المشار إليها, خاصة وأن القوم هم ذاتهم ومن يتنقلون ويتواجدون في جانبي الجغرافيا الصومالية أكانت على سبيل المثال في المحافظة الشرقية في شمال شرقي الصومال والمحسوبة سابقا على منطقة النفوذ الإيطالي, حيت تجمع الخصائص ذاتها القاطنيين من قبائل الورسنجلي والمجيرتين على سبيل المثال وبين أبناء القبيلة ذاتها ورسنجلي بحكم تعدد جهوياتهم ما بين إيطاليا وبريطانيا سابقا, وينطبق الأمر ذاته على أمثالهم ممن يقبعون تحت الاحتلال الإثيوبي حاليا والشماليين وأبناء المناطق الوسطى وغيرهم من الصوماليين.وهو ما يفنذ الخصوصية المزعومة والتي حاول جيلدون حصرها في المحافظات الشمالية حاليا من جغرافيا جمهورية الصومال الاتحادية.

وهنا يأتي السؤال للبحث عن مبرر اعتقاد جيلدون في مفهوم الروح الشمالية؟ والتي لا تتميز اطلاقا عن الروح الصومالية العامة, ولقد جاءت الإجابة كما أرى في معرض حديث جيلدون ذاته, حينما قال سكنت لمدة ثمانية سنوات في السكن التعليمي مع أبناء شمال الصومال, وفي ذلك اشارة على اطلاعه ومعرفته على ضوء ذلك الاحتكاك الاجتماعي الطلابي, بمدى سخاء الشماليين, ترى أليست قناعته من وحي تجربته الشخصية؟, والتي يتطلب الأمر عند طرحها المزيد من البحث والتدقيق في هذه الروح الشمالية الحكرية!, والتأكد عن مدى حضورها أو امكانية غيابها في بقية اوساط الجهويات الاجتماعية الصومالية الأخرى؟

بغض النظر عن مدى حسن نوايا السيد جيلدون واعتقادي الشخصي أنه صاحب روح إنسانية ووطنية عالية, إلى أنني أرى أن إشاعة مثل هذه الصورة والرؤية القاصرة له, تمثل بإحدى الاشكاليات الاجتماعية والتي تسهم إلى حدا كبير في خلق الشرخ الاجتماعي والفجوات بين الصوماليين, وبمعزل عن البحث وتقديم ما يستلزم من مستمسكات لتدليل مثل هذه الرؤى القاصرة والتي تتطلب الضرورة الوطنية تجاوزها وليس تكريسها اجتماعيا, وبحيث أن لا تنتهي إلى لكي لا تصبح سندا لمن يرغبون في إيجاد حالات تمايز اجتماعي وسياسي بين الصوماليين, ولاسيما وأن هناك انفصاليين يرددون نحن نختلف ثقافيا واجتماعيا عن الجنوب الصومالي تحديد, وذلك بغية إيجاد مسوغات حضارية وثقافية تتنتهي كورقة يتم تسخيرها لتبرير الانفصال ومحاولة إيهام العالم الخارجي في أن هناك واقع تمايز عرقي وثقافي يميزهم عن بقية الصوماليين, ومن مبرر هزيل هو أن خريطة جغرافيتهم وقعت حصرا في ظل الدائرة الاستعمارية البريطانية شمالا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمين المتشدد يتقدم في استطلاعات الرأي في بريطانيا.. والعما


.. بشأن مطار -رفيق الحريري-.. اتحاد النقل الجوي اللبناني يرد عل




.. قصف روسي على خاركيف.. وتأهب جوي في ست مقاطعات أوكرانية | #را


.. موسكو تحمّل واشنطن «مسؤولية» الهجوم الصاروخي على القرم




.. الجيش السوداني يوافق على عقد لقاء تشاوري مع تنسيقية -تقدم-