الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنازلون

أوري أفنيري

2005 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


تشبه المعركة التي دار رحاها في مركز الليكود بين بنيامين نتنياهو وأريئيل شارون نزالا بين منازلين في حلبة رومانية، ناهيك عن أن جزءا من أعضاء مركز الليكود كانوا يشبهون الحشود الرومانية الغفيرة التي كانت تصرخ، تُعربد وتريد أن ترى الدم.

كان نتنياهو في هذه المعركة يشبه "رطياريوس"، وهو منازل كان يلبس جلبابا خفيفا فقط وكان مزوّدا بشبكة ورمح ثلاثي الشّعب. كانت وظيفته أن يصيد خصمه الـ "سكوطور" بشباكه وأن يقتله برمحه، الذي كان يلبس درعا ثقيلا ويحمل سيفا وترسا. كان الأول يمتاز بخفته وبمرونة حركته، وأما الثاني فكان يتحرّك ببطء ولكنه كان محميا بشكل جيّد.

كثيرون هم الذين تنفسوا الصعداء حين هزم نتنياهو في اللحظة الأخيرة، خلافا للتوقعات ولاستطلاعات الرأي. ولأن نتنياهو قد انتهج خطا عنصريا متطرفا، ووقف إلى جانب المستوطنين وعارض أي انسحاب، كان شارون يبدو رجل سلام حقيقي. ولكن هذا كان وهما بطبيعة الحال. الفرق بين الاثنين، إن وُجد كهذا، هو فرق صغير. لو كان نتنياهو رئيس الحكومة، لكان سيتصرف مثل شارون بالضبط، بينما كان شارون سيتصرف كما تصرف نتنياهو بالضبط.

يصرّح شارون الآن بتصريحات حربية وتصريحات سلام – وذلك حسب الجمهور الذي يتوجّه إليه. في الأمم المتحدة وأمام الأمريكيين، يبالغ شارون بالثناء على السلام، ولكنه يَعد أعضاء الليكود بأنه من الآن فصاعدا لن يتخلى عن أي شيء. كل هذه التصريحات لا تساوي شيئا – يجب ألا نصدق كلمة واحدة مما يقوله شارون، والمهم هي أعماله. إنه يضم، في هذه الأثناء، بواسطة جدار الفصل، مناطق أخرى، ويوسع المستوطنات، يستفزّ، يفجر ويعتقل.

لذلك، لا يبدو للعيان أنه قد حدث أي شيء في مركز الليكود يمكنه أن يؤثر على احتمالات السلام. إنها مجرد معركة بين منازلين في حلبة، غبار كثير ولا شيء آخر. ولكن هذا خطأ بصري.



لقد أحرز السلام، من الناحية الفعلية، نصرا كبيرا في حلبة الليكود.



إنه غير متعلق بشخصية شارون أو بنواياه، بل يتعلق بجوهر الحسم.

صحيح أنه لم توضع، من الناحية العملية، أي أيديولوجية في كفة الميزان. لقد صوّت أعضاء المركز، لأول وهلة، على موضوع هامشي فقط: هل يجب إجراء الانتخابات التمهيدية ("برايميريز") لمنصب زعيم الليكود في الشهر القادم، أم أنه يجب إجراؤها في موعدها بعد نصف سنة.

إلا أن السؤال الحقيقي كان: هل يجب إقصاء شارون، لأنه خطط ونفذ اقتلاع المستوطنات والانسحاب من قطاع غزة. لقد ركز الهجوم عليه على هذه النقطة. قيل أن شارون خان مبادئ الليكود، التي تقضي بأن الليكود يعارض التخلي عن أجزاء من الوطن للعدو العربي، وأن أي إخلاء للمستوطنات هو بمثابة جريمة. هذا ما دارت حوله المعركة.

لذلك توجد لهذا الحسم أهمية تاريخية. الليكود هو نسخة معاصرة عن الحزب التعديلي الذي تأسس قبل 80 سنة تحت شعار "ضفتان لنهر الأردن – هذه لنا، وهذه أيضا!" لقد عبّر اسم الحزب عن هذا التطلع. أراد المؤسس، زئيف جبوطنسكي، إلغاء القرار البريطاني الذي فصل الضفة الشرقية عن فلسطين. كان هذا "تعديل" أراد إجراؤه.

حتى عندما تخلى الحزب، في مراحله المختلفة، عن الضفة الشرقية، أصرّ بشدة على فكرة "أرض إسرائيل الكبرى"، من البحر إلى النهر. ولتحقيق هذه الفكرة أقام المستوطنات وطوّرها في كافة مناطق الأراضي المحتلة، أنكر وجود الشعب الفلسطيني وأحبط أية عملية من شأنها أن تحلّ السلام.

وها هو مركز هذا الحزب، يؤيّد، يوم الاثنين المنصرم، 26 أيلول 2005، زعيما اقتلع لتوّه 25 مستوطنة ودمرها كاملة، استخدم "جيش الدفاع الإسرائيلي" لكي "يطرد اليهود" وتخلى رسميا عن جزء من أرض إسرائيل. من الآن فصاعدا لن يكون الليكود ما كان عليه حتى الآن.



هناك من لا يولي أهمية لهذا الانتصار لأنه قد أحرز بفضل عدة أصوات فقط، 52% مقابل 48%. إلا أن هذا غير مهم. ما يثير العجب هو تواجُد أعضاء في مركز الليكود صوّتوا لصالح الرجل الذي قام بذلك.

هناك من يقول أن هذا الحسم لم يكن حسما أيديولوجيا بل حسما "كرسَويا". لقد صوّت أعضاء المركز خلافا لما يختلج في قلوبهم، وذلك للحفاظ على السلطة. تفيد استطلاعات الرأي أن الليكود سيُهزم في الانتخابات المقبلة إذا تم إقصاء شارون. لقد تغلب العقل على القلب، وحب السلطة على الوفاء للمبادئ.

إذا كان هذا الأمر صحيحا فإنه يزيد من أهمية الانتصار. 3060 عضو مركز الليكود يأتون من كافة المدن والبلدات في دولة إسرائيل. إنهم يضربون جذورا لهم بين كافة طبقات الشعب، وليس بين "عليّة القوم" فقط. إنهم يشعرون بما يشعر به الجمهور الواسع. وإذا توصلوا إلى الاستنتاج بأن الوفاء للمستوطنات ولـ "أرض إسرائيل الكبرى" سيؤدي إلى هزيمة في الانتخابات، فإن لذلك معنى بعيد المدى.ا يشعر به الجمهو رو رالوليس بين "عليّة القوم" فقط. إنهم يشعرون بما يشعر به الجمهو رال

لقد كتبت أنه خلال عملية الانسحاب "صمد مركز الجمهور". لقد اتضح الآن أن أغلبية الجناح اليميني ما زالت موالية لشارون. يواجه خصومه، "أمناء أرض إسرائيل"، عملية من الانهيار. بعد حسم المعركة في المركز انهارت المعارضة أيضا لدى 100 ألف من منتسبي الليكود. تفيد استطلاعات الرأي أن أغلبيتهم تؤيد الآن شارون. يتصرّف الوزراء وأعضاء الكنيست من الليكود الآن كجنود في جيش مهزوم، وعند سماع الأمر "كل لنفسه!" – يزحف كل منهم على حدة إلى كانوسا.



هذه ليست النهاية. بل على العكس فأمامنا سنة صعبة. سيحاول شارون تجميد كل العمليات، فيما عدا بناء الجدار وتوسيع المستوطنات. والذريعة هي أنه يجب انتظار الانتخابات الفلسطينية التي ستجرى في شهر كانون الثاني 2006، لكي نعرف "مع من نتعامل". بعد ذلك ستأتي الانتخابات في إسرائيل في شهر تشرين الثاني 2006، على ما يبدو، ولا أحد يتوقع من شارون "أن يقوم بأعمال لا تحظى بالشعبية قبل الانتخابات". الرئيس بوش، وهو أيضا حيوان سياسي، سيتفهم ذلك بالتأكيد. من شأن الجمود أن يؤدي إلى كوارث جديدة.

رغم ذلك، لقد خطت مسيرة السلام الطويلة، هذا الأسبوع، خطوة أخرى. خطوة قصيرة ولكنها خطوة هامة.



من كان ليصدق أن هذا سيحدث في مركز الليكود بالذات؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في إسرائيل تطالب نتنياهو بقبول صفقة تبادل مع حماس |


.. مكتب نتنياهو: سنرسل وفدا للوسطاء لوضع اتفاق مناسب لنا




.. تقارير: السعودية قد تلجأ لتطبيع تدريجي مع إسرائيل بسبب استمر


.. واشنطن تقول إنها تقيم رد حماس على مقترح الهدنة | #أميركا_الي




.. جابر الحرمي: الوسطاء سيكونون طرفا في إيجاد ضمانات لتنفيذ اتف