الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كمن ينتظر الأبدية خلف السياج

عبدالله عيسى

2015 / 6 / 22
الادب والفن


كمن ينتظر الأبدِيّةَ خلف السياج
شعر : عبدالله عيسى *

إلى انتصار أ. ع

1-
وكنتُ أصلّي بينهم ، مثلهم ، للهِ كي تتلطّفَ الحروبُ بنا
ولا يُرى الموت ٌ أعمى، بين حربينِ ، يصحو في أسِرّتنا،
وأشتكي في صلاة الغائبينَ لهم غيابَهُمْ .
مثلهم ،
أمضي إلى غدِهم حتى أحدّق في تفاحةِ الأبدِ الأولى .
الذين رموا أحجارَهم في البحيراتِ
فظلّوا ، كظِلٍّ ظلّ يتبعُهم ، أسرى الدوائرِ.
كانوا يكتفون من الحنين ذاك إلى الأرض القديمةِ بالذكرى ،
وتربيةِ الأطفال ِ والهندباءِ في المنافي ،
ويزرعون ، كالطير ، في الرياحِ آهاتهم
حتى يراها الرواةُ
والعُصاةُ
وأبناءُ السبيلِ
وسارقو ملحِهم والخبزِ
والصورِ التي تذكّرُ ، مذ جاؤوا، بسِيرتهم فوق الصناديقِ والجدران .
لم يجدوني بينهم كي يُطيلوا عتابَهم .
2-
لم نجدْ في حديثِ نساء المخيّم ما كان يبحث عنه الرواةُ الذين رموا حبرهم بين حربين ،
والمخبرونَ وهم يلهثون وراء خطانا التي لوثّتها مناخيرهمْ بالسُعارِ ،
ودوريّة ُ الأمنِ تلك التي كلما دخلتْ قريةً أفسدتها برائحة الموتِ ،
والصحفيون الذين أتوا من وراء التلال وقد لمعتْ قبّعاتٌ من القشّ ، قبل الظهيرةِ ، فوق رؤوسهمُ المائلةْ .
لم يقُلنَ لنا أنهنّ مضين إلى النهرِ
حتى يُذرّينَ رجعَ الغبارَ الذي تركتهُ الحروبُ على سِيَرِ الشهداءِ ،
وبعض َ كلامٍ قديمٍ رماهُ سُعاةُ البريدِ
على عتباتِ البيوتِ التي وصلتْ غرفَ الميّتينَ بأنسابهم وهي تعبرُ بين الأزقّة حتى تطيلَ المكوثَ وقوفاً على باب
فرع الأونروا ،
ولم ينتبهْ أحدٌ أنهنّ طوينَ الخرائطَ كاملةً في الصناديقِ
حتى تظلّ فلسطينُ أعلى من البحرِ في شجْرةِ العائلةْ
3-
بروائح ما بعد منتصف الليل ، حيث السماء تنام على بطنها
وضجيج ِ الظهيرة ِ ، حيث تخف ّ الظلال ُ الخطى كي تعود إلى نفسها .
بالذي يشبه أن ترى أثراً ليدي ّ العجوز على حجري ّ الرحى

كمن انتظر الأبديّة خلف السياج ِ المؤدي إلى بيته في ضواحي صفد ْ
دون أن يتذكر من سِيَرٍ الغائبين سوى ما تقول ُالرياح لعشب الطريق القديم ِ ،
ولم ينتبه ْ لعصاه التي عميت ْ ،
ويديه اللتين ، كما قطرتا مطر ، شاختا في انتظار ِ أحدْ .

كان " محمود عيسى " هنا في المخيم لا يشبه غيره .
بينما قالت امرأة ، لم تكن زوجه ، أنه لم يعد بيننا
ظلّه لا يزال على حجرٍ في الطريقِ
غفا بين عكا وبيسانَ .. ثمّ صحا
4-
أرتدي بين حربين خوذة جدّي التي كلحت ْ منذ حرب فلسطين فوق الجدار ِ
لأكبر في خلسة عنهما
وأردٌ السلام على قبره في حديث السلالة ، وحدي
لأرجع ، من حيث ُ جئت ُ ، إلى صورتي معه في الإطار ِ.
وما كنت ُ ذاك الذي خصّه ُ بالعباءة والسيف ِ عند الشريط الحدودي ّ
لكنني صرت ُ أشبهه
غير أن ّ يدي هرمت ْ في مصافحة ِ الغرباء
وعيني ٌ لم تعرفاني ، كما كانتا ، بعدما انتهت ِ الحرب ُ ..
...
يا ليتني مت ّ ، مثلك ِ ، يا جدّتي ،
قبل هذا الحصار ِ
5-
أكتفي بالقليل من الماء والخبز
، يا نهر ،
خذني على قاربي الورقيّ معك ْ
لأطل ّ على ذاكرات النوارس في بحر يافا
كأن ّ أصابع أمي تراني برائحة البرتقال هناك َ
وأحجارها لا تزال تئن ّ بصدر أبي كالرحى .
لست ُ أكثر من ألم ِالضوء
ذاك الذي مسّني بين عيني ّ ، ثم ّ امّحى

أكتفي بالقليل ِ من الشمس
قد أكتفي بالهواء القليل ، بما عاف َ
طير ُ البراري الحزين ، فخذني
لأحمل عنك َ الذي أوجعك ْ
*شاعر فلسطيني مقيم في موسكو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال