الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الاعصاب بوعود وبوعيد منذ التهديد الثلاثي إلى الثلاثيني الى -مئة- المالكي

طلال الصالحي

2015 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


عمليّات تهديد الخصم سلوك بشري أيضًا قديم قدم الانسان نفسه وأقدم منه ,وكذلك الوعود.. وقد تشكّلت كلتا الحالتين متناقضتي طبيعتيهما رغم أنّهما يسلكان مسار مشابه بتشكيلات عدّة وتطوّرتا مع تطوّر المدن وأساليب التحضّر.. ولعلّ لغة التهديد هي أوّل إرهاصات الحروب قبل ما تبدأ ,وعادةً ما تستخدمه الدول القويّة ضدّ الدول الصغيرة أو الضعيفة قصد إذعانها ..والتهديد بعواقب عدم الإذعان صفة استعماريّة وعادةً ما تكون مرافقة لانتفاضات الشعوب وثوراتها ,فمع كل قمع لتظاهرة أو لثورة مسلّحة يكون التهديد وصل أقصى درجاته برفقة وعود تطمينيّة لمحاولة مصادرة نوايا الخصم بالإغراءات إعمار وحقوق وما إلى ذلك لإبطال مفعول نزعات التحرّر لنزع فتيل الثورة, وذلك يحدث حتّى على مستوى الداخلي للمؤسّسات أو للشركات!.. وفي عصرنا الحديث مورس التهديد "المناور" بأبشع أشكاله ,وأوّل التياع للعرب من هذا النوع من الحروب باعتبارهم الأضعف تحت تأثير التهديد والوعيد أطلقتها ضدّهم كلًّا من بريطانيا وفرنسا بتهديد مصر في الستّة أشهر الأولى قبل عدوانهما "الثلاثي" عليها بجريرة تأميمها لقناة السويس ..والثانية مورست ضدّ العراق ,أيضًا في الستّة أشهر الأولى قبل بدأ عمليّات ما عُرفت بتحرير الكويت! وبأبشع صور التهديد تلوّن خلفيّة التحضير لشنّ هجمات "التحرير" ,وفيما بعد مورست ذات الحرب الاعلاميّة رفقة موجات الدمار على شكل نوبات رافقت حصار أممي ضدّ العراق ليس له مثيل ولمدّة ثلاثة عشر عام رفقة سيل وعود اشتغلت على خطّ ثالث هذه المرّة لتطمين العراقيين بوعود الديمقراطيّة وعصر من الثراء بانتظارهم وبوعد جعل العراق قمّة من قمم التطوّر! ..العراق بعد غزوه دخل فوضى عارمة كما هو معروف لازالت متّقدة لغاية اليوم ,ومع كلّ انتخابات تدخل مشاعر المواطن العراقي حالة إنذار لما تتعرّض له من كم هائل من مستقبل مثالي ينتظره ووعود بانقضاء قرون الحرمان الطويل.. وبعد أن سقط كلّ شيء ولم يحصل الشعب على أيّ شيء من تلك الوعود المعسولة بدأت مفاعيل "إعلام ذاتي" تتفاعل سلبيًّا بطريقة تلقائيّة متشكّلة من نوبات لردود أفعال داخل كيان كلّ عراقي بعدما تأزّمت المشاعر وعند ذاك تحوّلت الحياة في العراق لجملة كوابيس تتناوب بتمزيق آمال الشعب وأحلامه بعدما ذابت في خضمّ أكاذيب ساسته الجدد ,فانتقلت أحاسيسه هبوطًا من الشعور بأنّه الشعب الوحيد المحظوظ في العالم وموضع اهتمامه طيلة عقود من الزمن ,وإذا بهذه الأحاسيس تتبلّد بعدما أدرك العراقيين لم يعودوا يثيروا اهتمام هذا العالم ولا يأتي على ذكرهم إلّا عبر أبواب أخرى لم تخطر بالبال كالقاعدة وخطب زعيمها بن لادن, فانفجرت المشاعر العراقيّة كالبركان الهائج فكانت أوّل من فتح بوّابة الربيع ,فانفضّ الغضب العراقي مزمجرا وقد غصّت به شوارع العاصمة والمحافظات ما أجبر ذاكرة العالم لإعادة إنتاج العراق عالميًّا بعد آخر عهدها بهم بقضايا التعذيب وبأبو غريب, وبنفس الوقت أعطت أميركا الإيعاز لأحد صنائعها النجباء "بالتصرّف" بقمعها بأبشع الأساليب رافقها وعود إعلاميّة مرسومة أميركيًّا من مئة يوم لإصلاح كلّ شيء لا زال لم يُصلّح طيلة سبع سنوات! ..بعد القمع الاجرامي لم يعد يُذكر العراق إلّا وذكرت معه داعش مثلًا!. عوامل إحباط متلاحقة تضغط على الشعب العراقي أفرادًا أو جماعات ,مهمل مركون مطوي ,كوارثه يوميّة باتت تنهال عليه بعد أن كانت نوبات شهريّة أو سنويّة ..لقد ناورت أميركا بالعراقيين بعد أن حصلت على ما تريد حين نقلت الضغط المسلّط على العراقيين من سطوة آلتها الاعلاميّة إلى طاحونة إعلاميّة داخليّة هي الأخرى مليئة بالوعود وبالأكاذيب يشنّها تلامذة أميركا النجباء على أبناء جلدتهم المفترضون وبمزيد من الوعود لا يحصد منها المواطن إلّا الكوارث والنزوح ,والكوارث أكثر من تعدّ ولا تحتاج لتسليط الضوء على أنواعها فباتت وسط حيرة المواطن موضع للتندّر الأسود فركنها في زاوية من زوايا حياته البائسة كمكبّ لنفايات همومه اليوميّة الضاغطة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة